الرئيس السيسى فى حاجة إلى مستشارين سياسيين ينقلون له نبض الشارع، ويقومون بحلقة الوصل بينه وبين القوى السياسية والحزبية لحسم القضايا المثارة على موائد البحث خاصة ما يتعلق بالانتخابات البرلمانية لإنجاز المرحلة الثالثة من خارطة المستقبل، وتشكيل مجلس النواب ليقوم بدوره الدستورى فى التشريع والرقابة وهما أهم آليتين نحتاج إليهما فى الوقت الحالى. من حيث التشريع هناك آلاف التشريعات الحالية تحتاج إلى مراجعة لأن معظمها قوانين بالية لا تواكب العصر، ولا تتمشى مع التطور فى ارتكاب الجرائم التى تحتاج إلى تشديد فى العقوبات أو استحداث عقوبات لجرائم جديدة ظهرت فى المجتمع. كما توجد قوانين متضاربة تحتاج إلى دمج، وهناك قوانين فى حاجة إلى إلغاء، وقوانين جديدة لابد أن تصدر لمواكبة الدستور الجديد، كما توجد حكومة مر على تشكيلها قرابة الشهرين لا تخضع لأى رقابة من أى نوع، والمفترض أن يكون هناك برلمان يراقب تصرفاتها ويحاسبها على الانفاق المالى، ويمارس سلطاته عليها فى إطار آليات الرقابة فى تقديم النواب لطلبات الاحاطة والأسئلة والاستجوابات. مهما كانت الحكومة حريصة على أموال الشعب ومهما كان التزامها بالدستور والقانون، إلا أنها لابد أن تخضع للرقابة البرلمانية التى يمارسها نواب مختارون من الشعب فى انتخابات حرة نزيهة لتنوب عنه فى الدفاع عن أمواله. وحتى تتم هذه الانتخابات المرجوة بعد أن أوشكت المدة التى حددها الدستور لإجراء الانتخابات التالية على الانتهاء فلابد من حوار يتم بين أطراف العملية السياسية فى البلاد لحسم الخلافات حول قضية الانتخابات، هذه الخلافات ليست معقدة ولا تحتاج إلى وقت، ولكن عدم وجود وقت عند الرئيس الذى بدأ العمل بعد أدائه اليمين الدستورية مباشرة واصلاً الليل بالنهار لأنه ورث تركة مثقلة بالهموم وعليه مسئولية توفير لقمة العيش للمواطنين وتأمين المستقبل للأجيال الجديدة، ولذلك فإن مهمة إنجاز المرحلة الثالثة وهى انتخابات البرلمان لابد أن يفوض فيها الرئيس مستشارين ينوبون عنه فى التحاور مع الأحزاب السياسية للاتفاق على مطالب الشارع والناخب صاحب المصلحة الحقيقية من وراء تشكيل برلمان منتخب انتخاباً سليمًا يعبر عن كافة أطياف المجتمع السياسى الذى يعمل فى اطار الدستور والقانون. مطلوب «مائدة» يجلس حولها مستشارو الرئيس وممثلون مختارون من القوى السياسية للتباحث حول خريطة الانتخابات البرلمانية، تشمل مراجعة قانون الانتخابات وقانون الدوائر وقانون مباشرة الحقوق السياسية من منطلق وطنى هدفه تشكيل برلمان يعبر عن شعب مصر. البرلمان لابد أن تكون فيه أغلبية برلمانية وأقلية برلمانية أى لابد أن يكون هناك قائد فى البرلمان ويكون هناك اتفاق واختلاف ومؤيدون ومعارضة، وحتى يتم ذلك فلابد من الالتزام بالنصوص الدستورية التى تتحدث عن التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة وعن تكليف رئيس الجمهورية لرئيس وزراء من الحزب أو الائتلاف الحزبى الحائز على الأكثرية البرلمانية، وهذا الالتزام يتطلب تقوية الأحزاب السياسية عن طريق النص فى قوانين الانتخابات على مواد تفسر النصوص الدستورية وتضمن استيفاءها، أهمية البرلمان تفرض التفكير بصوت عال فى الانتخابات لسد الثغرات أمام المتربصين لخطف المقاعد سواء من التيارات الدينية المتطرفة أو من أصحاب المصالح الذين يتاجرون بالحصانة البرلمانية فكلاهما غير مطلوب تحت قبة البرلمان، نريد برلمانًا يليق بشعب قام بثورتين من أجل العيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية، لا نريد برلمان البيزنس ولا برلمان الطائفية، نريد برلمانًا من صلب الشعب المصرى الذى آمن بالثورة وانتخب قائده بأصوات الملايين، نريد برلمانًا بأصوات حرة وليس بدعايات الاغراء والتهديد، هذا البرلمان الذى نريده يحتاج إلى جلسات استماع وتفكير بصوت عال بين مؤسسة الرئاسة والقوى السياسية والحزبية لإنهاء المشاكل التى تقف عقبة أمامه، نحن فى حاجة ماسة إلى البرلمان اليوم قبل الغد.