عهدناها ثائرة وراء حقوق اغتصبها المجتمع دون حق يذكر ، فمن معركة إثر الأخرى وقفت ونادت وحاربت حتى استحقت أن تنال حريتها وحقوقها معاً، في رحلة نضال لا تنسى سطرتها نساء على أوراق المجتمعات العربية. فمن يستطيع أن ع ينكر الدور الذي لعبته المرأة المصرية في رسم التاريخ المصري، من منا لا يذكر خروج النساء في ثورة 1919 وهجومها الضاري على دستور 1923 لأنه تجاهل حقوقها السياسية وحرمها من دخول البرلمان، ثم مرحلة اعتراف ثورة 23 يوليو 1952 بحق المرأة السياسي والسماح لها بالترشح في أول مجلس أمة في عام 1957، ثم مرحلة السبعينيات والثمانينيات التي شهدت أكبر تمثيل للمرأة تحت القبة. واليوم تستعيد أحداث تلك المعركة غير المسلحة مع حلول الذكرى ال59 لحصول المرأة لأول مرة على حق الانتخاب والترشح في دستور مصر العام 1956 لأول مرة ، بعد صدور قانون الانتخاب ومنحها ذاك الحق أثر رحلة نضال طويلة المدى من الكفاح لانتزاع الحقوق الزائلة . بدأت معارك المرأة السياسية منذ بدأ الإمام محمد عبده رائد حركة التنوير في النصف الثاني من القرن التاسع عشر يطالب بضرورة تربية البنات وتعليمهن تعليما لا يقل عن الذكور، ثم جاء دور قاسم أمين عندما أصدر كتابين عن تحرير المرأة لتتفتح عصور نساء هذا العصر ، وتبدأ في إدراك الدور التي تستحق أن تلعبه في المجتمع ومن قبله الحقوق التي يجب أن تنالها . ولم يمر الكثير حتى سجلت المرأة ظهورها السياسي الأول عندما شاركت بقوة وجسارة في ثورة 1919، فقادت هدى شعراوي رئيسة الاتحاد النسائي المظاهرات لمقر المندوب السامي البريطاني للمطالبة برفع الحماية البريطانية عن مصر، وساندن رجال ثورة 1919، حتى أثرن حفيظة شاعر النيل حافظ إبراهيم فكتب قصيدة تصف المشهد قائلا "خرج الغواني يحتججن .. ورحت أرقب جمعهن..فإذا بهن اتخذن من سود الثياب شعارهن". بعد ذلك دخلت المرأة المصرية مرحلة جديدة للكفاح فبعد أن أصدر رئيس الوزراء قراره بتكوين لجنة الثلاثين لوضع أول دستور مصري حقيقي في 3 أبريل 1922 بدأت مواجهة جديدة مع هذه اللجنة ، ولكن جاءت رياح اللجنة بما لا تشتهى السيدات، وخيبت آمالهن فاللجنة أغفلت حق المرأة في التمثيل في دار الإنابة ، "مجلس الشعب" ، كما أغفلت أيضا حق المرأة في الانتخاب . ومن هنا بدأت العديد من الشخصيات النسائية في الظهور أمثال منيرة ثابت وهدى شعراوي الذين ناضلن لسنوات وراء حقوقهن بإصدار بيانات شديدة اللهجة ضد الحكومة ، فضلا عن كتابة المقالات الصارخة في الجرائد الرسمية ، حتى ظهور درية شفيق، وهى من رواد حركة تحرير المرأة في مصر في النصف الأول من القرن العشرين وينسب لها الفضل في حصول المرأة المصرية . ففي فبراير 1951 قادت مظاهرة برفقة 1500 امرأة اقتحمت بها مقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، حيث كانت تهدف بأن ينظر المجلس ورئيسه بجدية في قضايا ومطالب المرأة المصرية، ويعتبر الكثيرون هذه اللحظة لحظة تاريخية بالنسبة للحركة النسائية، وبعد أسبوع من المظاهرة عرض على المجلس قانون ينص على منح المرأة المصرية حق الانتخاب والترشح للبرلمان. أثناء إعداد لجنة مشكلة من قبل حكومة الثورة لدستور مصري جديد في 1954، احتجت درية شفيق لعدم وجود امرأة واحدة بين أعضاء اللجنة، وقامت برفقة نساء أخريات بإضراب عن الطعام لمدة 10 أيام، حينها وعدها الرئيس محمد نجيب في رسالة نقلها إليها محافظ القاهرة وقتها بأن الدستور المصري الجديد "سيكفل للمرأة حقها السياسي"، وهو ما تحقق بمنح المرأة المصرية حق التصويت والترشح في الانتخابات العامة لأول مرة في تاريخ مصر الحديث ، ليتحقق ذاك المطلب بالفعل ، بإصدار قانون الانتخاب 1956 الذي منح المرأة لأول مرة حق الانتخاب والتمثيل النيابي لتصبح درية شفيق أول نائبة برلمانية . وبمرور السنوات استطاعت النساء حصد العشرات من المقاعد البرلمانية والتحدث باسم فئات الشعب ، أثر رحلة طويلة علمت بها البشرية معنى "مصطلح المثابرة وراء الحقوق المسلوبة "