يبدو أن الأشقاء العرب لديهم رغبة حقيقية في نجاح مصر اقتصاديا، وهو ما يمثل بوادر إيجابية لقمة مصر الاقتصادية المقرر انعقادها فى منتصف مارس القادم، ولكن هناك مجموعة من الخطوات المهمة والإجراءات الملحة التى على الحكومة المصرية اتخاذها، قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي، حتى تكون السوق المصرية مقصداً استثمارياً ومنافساً قوياً وجاذباً لمجتمع الأعمال، سواء المستثمرين العرب أو الأجانب، وحتى المستثمر المحلي. هكذا أكد عدد من المستثمرين والاقتصاديين ل«الوفد»، قال خالد صالح أبو زهاد، عضو الجمعية السعودية المصرية لرجال الأعمال، إن مجتمع رجال الأعمال ينتظر صدور قانون الاستثمار الموحد وإعلان الخريطة الاستثمارية لمصر واختصار خطوات التراخيص بنظام الشباك الواحد. ودعا الحكومة المصرية للاستفادة من الرغبة الكبيرة لدى المستثمرين العرب والأجانب في مساندة مصر وتنفيذ العديد من المشروعات الاقتصادية بعد غياب دام لأكثر من 4 سنوات منذ ثورة يناير. وقال إنه متفائل بانعقاد المؤتمر الاقتصادي لمصر خلال شهر مارس بشرم الشيخ وفرصة طيبة للقاء الرئيس السيسي والحكومة المصرية للتعرف على خطط مصر الاستثمارية. مؤكداً أن المستثمرين العرب لديهم رغبة كبيرة للعودة للاستثمار في مصر واستغلال الإمكانات المصرية الكبيرة. مشيراً إلى أنه قرر المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، للاطلاع والمشاركة في المشروعات التي تتوافق مع أعماله الاستثمارية، ومن مبدأ رد الجميل لمصر، ودعم اقتصادها. وأضاف أن مشاركة رجال الأعمال السعوديين في المؤتمر الاقتصادي ينتج عنها تنفيذ مشروعات استثمارية كبرى، مما يؤدى إلى زيادة التبادل التجاري والاستفادة من الإمكانات الاقتصادية للبلدين وهو الأمر الذي يصب في صالح البلدين والمنطقة العربية كلها. متوقعاً أن يرتفع حجم التبادل التجاري الحالي بين مصر والسعودية - والذى يبلغ حالياً نحو 5 مليارات دولار، خلال عام 2015 نظراً للتقارب المتزايد بين البلدين شعباً وحكومة. ودعا عضو الجمعية، جميع المصريين في الخارج من رجال الأعمال والمستثمرين في مختلف أنحاء العالم بتخصيص جزء من استثماراتهم لبلدهم مصر والمشاركة في هذه القمة، للتعرف أكثر على الفرص الاستثمارية المتاحة. وأضاف أن المؤتمر يمثل فرصة كبيرة للمستثمرين العرب في التعرف على الخريطة الاستثمارية لمصر والمشروعات التي تطرحها الحكومة المصرية أمام المستثمرين خلال المؤتمر. وقال محمد فريد خميس، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن هناك عدة تشريعات يجب مراعاتها قبل القمة الاقتصادية. مؤكداً ضرورة مراعاة قانون العمل الجديد، الجارى دراسته، على نحو يكفل الحقوق والواجبات للعامل وصاحب العمل، خاصة أن التشريع الحالي يعيق مناخ الاستثمار، وأشار إلى أهمية إجراء تعديلات تشريعية وإصدار لوائح جديدة تجرم التهريب الكلى والجزئي، وتخفيض السعر الوارد بالفواتير من الخارج. لافتاً إلى ضرورة السماح بفحص وتفتيش السلع المستوردة، مع إقرار المصادرة الفورية وتشديد العقوبات. وطالب بحماية الصناعة المصرية ومكافحة الإغراق، باعتبارهما عنصرين أساسيين فى بناء الاقتصاد. وشدد على أهمية إنشاء مناطق حرة متكاملة كبيرة، سواء من حجم المساحة أو الإمكانات. مقترحاً أن تكون مثل هذه المناطق فى سيناء والعلمين ومدينة مرسي مطروح، بالإضافة إلى إمكانية إنشائها فى محور قناة السويس الجديدة. مضيفاً أن هذه المناطق الحرة من شأنها أن تساهم فى جذب الكثير من الاستثمارات الصناعية. كما أوصى بفرض رسوم إضافية على تلك المنتجات التى تصدر لمصر دون ضرائب جمركية بموجب اتفاقات التجارة الحرة واتفاقات التسير. وطالب المهندس سعيد فرج، رئيس لجنة الصناعة بجمعية مستثمري بدر، بسرعة إصدار جميع التشريعات المتعلقة بقوانين العمل والاستثمار والتأمينات الاجتماعية. وقال إن تلك القوانين من شأنها تذليل الكثير من العقبات والمعوقات. مشدداً على ضرورة الاستجابة لتعليقات المستثمرين واتحاد الصناعات بشأن تلك التعديلات. مضيفاً إلى أن إصدار القوانين فى صياغتها النهائية تأخر كثيراً. وأشار إلى وجود انهيار ائتماني فى السوق المصرية، فضلاً عن وجود شروط إقراض مجحفة. لافتاً إلى أن الائتمان تسبب في توقف العديد من الصناعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة فيما يتعلق بشروط منح التسهيلات الائتمانية، والتى أضرت كثيراً بالصناعة. موضحاً أن إدارات تقييم المخاطر بالبنوك، من أسباب تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ولفت إلى أن عدم توافر العملة، وتدبيرها، لتمويل الواردات وفتح اعتمادات مستلزمات الإنتاج، من أبرز التحديات التى تواجه الحكومة المصرية قبل القمة الاقتصادية. وقال المهندس محمد مراد الزيات، نائب رئيس الجمعية المصرية لشباب الأعمال، إنه لا يؤيد إجراء تعديلات حالياً على قانون الاستثمار، لما له من أثر على جميع القوانين المتعلقة الأخرى. مطالباً بتبسيط الإجراءات، وتطبيق وتفعيل التسهيلات الموجودة فى القوانين الحالية. موضحاً أن مصر لديها قوانين تسمح لمناخ استثمار جيد، ولكنها فقط تحتاج لبنية تحتية تشريعية تنظم الأمور والإجراءات الاقتصادية والاستثمارية. وأوضح أن هناك العديد من القوانين التى تحتاج إلى إعادة نظر، منها قانون الشركات والضريبة على الدخل وقانون العمل والخروج الآمن من السوق وترخيص الشركات، مضيفاً أن هناك تطبيقاً متعمداً للبيروقراطية، فضلاً عن الروتين المتعلق بخوف المسئولين من تسهيل الإجراءات. وأوصى بسرعة إصدار قانون صارم لحماية المستثمر من الفاسدين، وذلك قبل انعقاد القمة الاقتصادية فى مارس المقبل. كما طالب بضرورة التنسيق مع القطاع الخاص، كخطوة أولى للتحضير للمؤتمر الاقتصادي، بحيث يكون شريكاً للحكومة فى المؤتمر وليس مجرد «ضيف شرف». مضيفاً أن الزيارات الخارجية لمجتمع الأعمال المصري، والقيادة المصرية، من شأنها تشجيع المستثمرين فى البلاد المختلفة للحضور المؤتمر. كما قال إنه يجب تسويق العديد من المشروعات العملاقة في مصر، مثل النقل والأنفاق المقرر إنشاؤها تحت قناة السويس الجديدة، بالإضافة إلى مجمعات الغلال وعمليات استخراج الغاز الطبيعى. مؤكداً أن يكون التسويق لمشروع القناة الجديدة ضمن أولويات الحكومة، خاصة فيما يتعلق بصيانة المراكب والسفن والخدمات اللوجيستية التى يمكن أن يقدمها هذا الممر البحرى التجارى المهم.