بوصفه «بيت الأمة»، لا يسع الوفد إلا أن يفسح أبوابه أمام كل راغب في العمل الوطني، علي أساس من المسئولية الوطنية، وإن حمل ذلك تعدداً وتبايناً يراه البعض ضاراً بمبدأ الالتزام الحزبي، إلا أن الأمر علي هذا النحو يحمل دلالة أبلغ علي ما يوفره الوفد من مظلة وطنية جامعة، لطالما تميزت بها التجربة الوفدية. فليس في تنوع الاتجاهات الوفدية ما يفيد بغياب رؤية مشتركة، وبرنامج حزبي واضح ومُلزم، غير أن شعوراً وطنياً بحجم المسئولية الوطنية يدفع باتجاه إثراء التجربة الوفدية، بتيارات ومدارس ومنابع فكرية، بموجبها تتسع الرؤى، بما يسمح بتناول سياسي وخبرات اقتصادية واجتماعية، يمثل بصورة أكثر صدقاً كل ما يموج به المجتمع من اتجاهات، وبما يستوعب المتغيرات الجارية علي الساحة السياسية وكافة أوجه التفاعلات المجتمعية. والواقع أن المشوار الوفدي الطويل لا ينكر هذا الأمر، ولا يراه مضاداً لوحدة الفكر الوفدي، كما لا تخلو الحركة الوفدية، بعد ثورة يناير مروراً بثورة يونيه، من تشابكات ومداخلات مع غيرها من التيارات السياسية، علي أثرها انضم إلي صفوف الوفد شخصيات لا يمكن إنكار دورها الوطني، مستندة إلي جذور تاريخية وفدية، فضلاً عن تقديرها للدور الوطني الذي نهض به الوفد، ككبير للأسرة الحزبية الوطنية، بداية من إصرار الوفد علي الانسحاب من آخر انتخابات برلمانية في عهد مبارك، وهو الأمر الذي أكد رموز نظام مبارك علي أنه مثل سحباً لشرعية النظام، فضلاً عن بيان الوفد في الخامس والعشرين من يناير 2011، والذي أعلن فيه سقوط شرعية نظام مبارك، وما تبع ذلك من احتضان الوفد لجبهة الإنقاذ في مواجهة نظام الجماعة الإرهابية؛ فكانت نقطة الانطلاق الحقيقية لثورة يونيه؛ ومن ثم فلا يضير تيار «غير وفدي بالأساس» أن يسعي إلي الانضمام إلي الوفد حاملاً فكره وجهده إلي الحركة الوفدية. من هنا، فقدرة الوفد علي احتضان العديد من التيارات، لم تقتصر علي أعضائه، بل تجاوزتها، وفق فعاليات المرحلة الانتقالية منذ ثورة يناير، إلي كافة الجهود الوطنية، دون أن يشكك ذلك في «عقيدة وفدية خالصة» تحمل شعلتها الأجيال الوفدية عبر تاريخها الطويل والممتد في رموز وفدية هي بالقطع حلقة وطيدة في سلسلة الحركة الوفدية، تسعد بانضمام روافد وفدية جديدة، علي أساس من المسئولية الوطنية وقد وُضعت في خدمتها كافة مبادئ وثوابت الوفد. وبالنظر إلي كون الأحزاب السياسية، بشكل عام، دعاة حرية رأي، فليس إلا «مؤسسية» الوفد، ضمانة حقيقية لوحدة الموقف الوفدي، الذي قد يحتوى بداخله علي «تخريجات» متنوعة، تستهدف في مجملها بالضرورة بلورة موقف وفدي واضح يؤكد علي المصالح الوطنية العليا، ولكن دون إهدار لقواعد العملية الديمقراطية، ودون أيضاً مساس بقواعد العمل الحزبي. «الوفد»