أحدث قرار الحكومة بطرح سندات جديدة بقيمة 1.5 مليار دولار في السوق العالمية جدلاً ساخناً لدى الاقتصاديين الذين أكدوا أن قبول المؤسسات الدولية للترويج للسندات دليل على عودة الاقتصاد للتعافي مدعوماً بتصنيف «فيتش» وشهادة صندوق النقد الدولي. وأكد الاقتصاديون ضرورة اللجوء إلى الاقتراض في ظل العجز في النقد الدولاري للاحتياطي المركزي وتخفيف العبء على الدين الداخلي الذي بلغ تريليونا و800 مليار جنيه، خاصة أن الدين الخارجي البالغ 46 مليار دولار في الحدود الآمنة في ظل سداد 3.7 مليار دولار لنادي باريس مؤخراً. أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى الاقتصادي المصري - العربي أن مصر مضطرة للجوء لاصدار مثل هذا النوع من السندات لأنها تعني مزيداً من المديونيات خاصة أنه كان هناك توجه داخل الحكومة لإرجاء هذه الخطوات انتظاراً لما يسفر عنه المؤتمر الاقتصادي مستطرداً أنه أمام تراجع الاحتياطي الاجنبي لدى البنك المركزي من 16.8 مليار دولار الي 15.3 مليار دولار بالاضافة الى الفجوة التمويلية التي تصل الى 17 مليار دولار فإن ذلك صار لازما. وأضاف «عبده» أنه من المتعارف عليه اقتصادياً أن الدين المستخدم في سد العجز في الموازنة العامة أو في الاحتياطي الدولاري بهدف زيادته يعتبر عبئاً والتزاماً خاصة أنها ستقوم بسداد دون وجود موارد أو عوائد متوافرة من مصادر أخرى. وأضاف: إن قرار محافظ البنك المركزي بادراج 4 سلع استيراتيجية يتم تدبير العملة لها بنسبة 100٪ من بينها الآلات والمعدات شىء مطمئن ويعني أن عائد السندات لو تم ضخها في الاحتياطي سوف تستخدم في استيراد ماكينات وخامات تسهم في تحريك القطاعات الانتاجية ويتبلور عنها صناعات ومنتجات يمكن تصديرها للخارج ويتحصل منها عوائد دولارية تستخدم في سداد الديون الخارجية. وأوضح أن هناك مؤشرين قد يساهمان في دعم الحكومة في مقدمتها خفض الدعم والحد من العجز في الموازنة. وأوضح عبده اتجاه مصر لاقامة مشروعات كبري خاصة تنمية محور قناة السويس المضمون عائده يعد دليلاً على جدية الحكومة ورغبتها في النهوض بالاقتصاد المصري وخلق مزيد من فرص التوظيف والتشغيل. مؤكداً أن سداد مصر لأكثر من 3 مليارات دولار خلال شهر دليل على وفاء مصر بالتزاماتها ولكنه في نفس الوقت ساعد على تراجع الاحتياطي الدولاري واستمرار ذلك يعد مشكلة أمام المؤتمر الاقتصادي وخاصة عندما تعرض مصر العديد من المشروعات التي تهدف لجذب استثمارات عربية وأجنبية لاقامتها فتراجع الاحتياطي لن يكون مقبولاً لدى الجميع وربما يهز الثقة في قدرة الحكومة على حماية هذه المشروعات اقتصادياً. وأضاف «عبده» أنه من الضروري وضع منظومة جديدة تكرس ثقافة وفلسفة الانتاج بمعنى ثورة انتاجية حقيقية يشارك فيها الجميع منظمات أعمال ومجتمع مدني وحكومة لتكريس العمل الجاد المستمر وتوضيح أن زيادة الانتاج لدينا مسألة حياة أو موت ذلك من خلال تدعيم المراكز البحثية وتدريب العاملين وزيادة الانتاج من خلال إحداث قيمة مضافة للصناعات أما الحكومة فلها دور مهم وقوي يتمثل في إصدار التشريعات التي تحسن المناخ العام للاستثمار ومحاربة البيروقراطية والفساد وهى ضمانات لجذب المستثمرين. موضحاً أنه لا يعقل أن تسير دولة في الاتجاه الصحيح وتعدل مسارها الاقتصادي وميزانها التجاري يعاني من عجز كبير يصل الى 22 مليار دولار. ووصف الدكتور ابراهيم فوزي، وزير الصناعة الاسبق، أن لجوء مصر للاقتراض في هذا التوقيت بالمؤشر الجيد الذي يدل على أن السمعة الاقتصادية لمصر جيدة بعد الجدارة التي منحتها إياها ثلاث مؤسسات دولية ولكن يرى ضرورة التعرف على استخداماته مؤكداً أنه من غير المقبول استخدامه في سداد العجز في الموازنة العامة. وأوضح أن مصر تعاني من أزمة حقيقية تتمثل في تراجع الاحتياطي النقدي المركزي في ظل سداد التزاماتها الخارجية بالدولار، وعلي الجانب الآخر تقوم باستيراد معظم السلع الاستراتيجية وخاصة المواد الغذائية لذلك فهى بحاجة لإصدار مثل هذا النوع من الشهادات. وقال عبد الرحيم حسين، رئيس قطاع التفتيش ببنك الاستثمار العربي، إن القرار الذي اتخذته الحكومة وليد دراسات جدوى عميقة وفي توقيت ومناخ جيد مستطرداً أن هناك تحسناً طفيفاً في ميزان المدفوعات ومشروعات قومية كبري سيتم إقامتها واحتمالات قوية لعودة مواردها لمعدلها الطبيعي. إلى المؤتمر الاقتصادي المزمع اقامته في منتصف مارس والدعم القوي من دول الخليج بالاضافة الى تنمية محور قناة السويس والذي سيصبح نقلة اقتصادية ومجتمعية كبيرة خلال سنوات معدودة. موضحاً حتمية لجوء مصر للاقتراض الخارجي بعد تفاقم الدين الداخلي والذي بلغ تريليوناً و800 مليار جنيه لابد منه وخاصة أن معدل الدين الخارجي في الحدود الآمنة. وأضاف أن مصر تستند في طلبها إصدار السندات الدولية للشهادات الدولية والاجراءات الاصلاحية التي اتخذتها وذلك سوف يغري المؤسسات الدولية على الترويج لها جيداً وربما خفض فوائدها. ويرى الدكتور عبد المنعم السيد، الخبير الاقتصادي، أن مسألة إصدار سندات دولية ليست جديدة، فمصر أصدرت سندات بالسوق العالمي في اعوام 2004، 2005، 2008 وإصدارها الآن يعتبر عودة لتعافي اقتصادها وخاصة أنه في فترة ما بعد ثورة يناير رفضت جهات عديدة الترويج لهذه الشهادات بما يعني فشل مصر في إصدارها. معتبراً اصدارها ضرورياً لتخفيف العبء على السندات وأذون الخزانة التي تقوم البنوك بإصدارها لصالح الحكومة، مشيراً الى أن الفترة الأخيرة شهدت اتساع قيام الحكومة بالاستدانة من البنوك وهو ما يتطلب ضرورة البحث عن بديل آخر. وأشار الى أن سمعة مصر بالنسبة لسداد ديونها والتزاماتها جيدة فلم يسبق لها أن تعثرت في سداد ديون خارجية. ويرى السيد أن مصر لديها من القطاعات بإمكانها تحقيق عوائد قوية ربما تغنينا عن اللجوء للاستدانة فقطاع المناجم والمحاجر يدر عائداً كبيراً يصل الى 3 مليارات و500 مليون جنيه سنوياً إلا أن قيمة ما تحصله الحكومة منه يبلغ 45 مليون جنيه فقط ويذهب الباقي للمحليات والمحافظات التابعة وهو ما يستلزم مراجعة شاملة. يرى الدكتور فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي السابق، أن الحكومة صائبة في لجوئها لإصدار سندات دولية في هذا التوقيت وهو حصولها منذ اسابيع على شهادة مسئولي صندوق النقد الدولي بتعافي الاقتصاد بالاضافة الى تراجع الاحتياطي النقدي للبنك المركزي بعدما قامت بسداد ما يزيد على 3 مليار دولار التزامات ومديونيات خارجية، مؤكداً أن اسلوب الاستدانة من أجل سداد دين آجل جيد لكن يجب ادارته بأسلوب اقتصادي ودراسة متأنية مع ضمان دخول عائد دولاري خلال فترة لا تتجاوز 5 سنوات وخاصة أن هذه السندات سيكون لها مهلة للسداد قد تصل الى 10 سنوات.