لا أحلام مستحيلة أو مُجهضة أو حتى صغيرة يا عامنا القادم إن شاء الله، فقد آن أوان الذهاب لدنيا الأحلام الممكنة الكبيرة وقد عشنا الكثير من أيام وشهور أعوام الإحباط والرتابة والملل بدعاوى أطلقها سلاطين حقب التراجع الرذيلة أن الحلم الأكبر والأهم هو تحقيق الاستقرار والسكينة الاجتماعية ويكفينا الاحتفالات الدورية بأكتوبر الضربة الجوية وأنه لاحرب بعد أكتوبر والفوز بالبطولة الكروية الإفريقية، وانعم ياشعب مصر بأزمنة الفشل والتخلف، ودعوا السلطان وأتباعه يقدمون لكم ما تيسر من مشاريع يتباهى بقص شريط افتتاحاتها، ومن آن إلى آخر مناشدة العالم بضرورة إقامة مؤتمر عالمي لمناهضة الإرهاب، وإرسال خطابات التخويف لدول العالم المتقدمة أن الإرهاب قادم إليكم لامحالة لو لم تشاركونا حلم إقامة المؤتمر، وعلى مدى تلك الحقب أقامت بعض دول المنطقة العربية العديد من المؤتمرات والفعاليات المختلفة لنبذ الإرهاب والتطرف والعنف، بينما كان النظام المصري يغض الطرف أحياناً عن أشاوس الإرهاب، ويوافق في معظم الأحيان على تقديم تسهيلات بشعة وخطيرة لرعاية كل جماعات التطرف والقبول بتمثيلها السياسي عبر أحزاب وعضوية بالبرلمان هي الأكبر من بين كل القوى المعارضة، والسماح بإقامة جمعيات ومراكز اجتماعية في كل ربوع المحروسة تقوم بمسح أدمغة البسطاء بكسرة خبز ونقطة زيت وقاروة دواء وحلوى المولد والأعياد، وعبر الصعود إلى منابر الخطابة والتحريض على الفتن وكراهية الاخر سواهم، ومن خلال مدارس تابعة لفكرهم المُضل في أزمنة التوهان والضياع. سنوات صعبة وعشناها جميعاً بكل تفاصيلها البشعة، رغم بدايتها العظيمة بثورة هي الأروع لشعب قرر أن يرفض كل قيود الثبات المميت، ثم في خروج جماعي عبقري يرفض الدولة الدينية وقيود الرجعية الفكرية وحكم إخوان الشر الرهيب وعصابتهم الخائنة لأحلام المواطن المصري ... وعليه، فأحلامنا كبيرة بقدر معاناة شعبنا، وبقدر حضارة وتاريخ الوطن ونحن في سبيلنا للإعداد لاستكمال خريطة المستقبل وهو الاستحقاق الثالث والأخير بترشيح وانتخاب نواب الشعب لبرلمان مابعد ثورة 30 يونيه، ليكتمل من ثم بناء أركان دولة مابعد الثورة مع رئيس تم انتخابه بأغلبية رائعة وفق دستور جديد حصل على موافقة الشعب بأغلبية، نحلم بالذهاب إلى الاجتهاد والعمل على الأرض لتحقيق أحلام الناس التي في صدارتها العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والتقدم العلمي والأهم حلم تحقيق آليات النظم الديمقراطية .. لعل الشفافية ومجالسة الشعب أهم ما يحلم به أي شعب انتفض وغضب وقرر التغيير.. فين قانون إتاحة المعلومات؟، أي دولة تلك التي يعيش أهلها وناسها والأهم رجال البحث والعلم فيها يلهثون للبحث عن المعلومة التي يمكن البناء عليها لاتخاذ القرار السياسي أو العلمي أو الاقتصادي دون الاصطدام بعبارة «سري جدا» أو «أمن قومي» وهي في الأغلب الأعم ليست كذلك وإنما هي قناعات قديمة لبشر لم يدركوا أننا في عصر المعلوماتية والسماوات المفتوحة وأن عبارة «ممنوع الاقتراب والتصوير» يجب إحالتها للمخطوطات المتحفية في عصر خرائط «جوجل» التي بكبسة زر يمكن أن تدرك عنوان بيتك حتى لوكنت عايش في أدغال حارات «ساقية مكي» أو متاهات عشوائيات «الطالبية»!!! أما حلم تطوير الخطاب الديني فهو حكاية باتت كالنكتة التي يتكرر الحكي عنها في ظل مجتمع وشارع تم ومازال يتم شحنه في حالة توهان من جانب قيادات المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية، بل والأهم والأخطر من جانب المؤسسات الدينية التي يخرج علينا رموزها بتصريحات تشعل الغضب والضيق وتؤسس لدنيا الفرقة والجهل والتغييب.. يعني إيه يقال: إن «الإسلام برىء من جرائم داعش وغيرها من جماعات الشر المتطرفة» ولكنهم منا وأهالينا ؟!!.. يعني إيه «انسوا ماسبيرو ومش وقته» والاستهتار بمشاعر أهالي الشهداء إلى هذا الحد المثير ؟!.. يعني إيه يتقال «عصر مبارك كان شهد وعسل على الأقباط في استهتار بثورة شعب على زمن ممارسة التمييز والعنف وقهر الإرادة الإنسانية؟!!!.. يعني إيه مدارس مناهجها ونظمها التعليمية متراجعة، وليه لسه عندنا عظات على المنابر وبعد 4 سنين صعبة تبث رسائل الضغينة والتمييز والعداوة وتشويه صحيح الأديان؟!!!... نحلم في 2015 بمواجهات حقيقية باترة لكل عناصر الضعف والخلل والجهل والتخلف بتكاتف كل مؤسسات الدولة عبر خطة علمية معلنة وشفافة تُطرح على الرأي العام ويشارك في وضعها كل أطياف أبناء الوطن. يعني إيه فضائيات لمبارك وأخرى للتطرف وأخرى لمناهضة الجيش والشرطة بغباوة قلب وعقل، وبالمناسبة، أثمن ماطرحه الشاعر الرائع فاروق جويدة على الرئيس عند اجتماعه بأهل الفكر، قال: «إن حالة الانقسام بين ثورة يناير وثورة يونيه تقع مسئوليتها على الفضائيات المصرية التى أشعلت الفتن وقسمت الشارع المصرى على نفسه.. وقلت لا يُعقل أن يحصل رجال الأعمال على القروض والأراضى ويقيمون الفضائيات والصحف التى يشعلون بها الفتن وهذا يعنى ان الدولة تقدم الأموال لهؤلاء الذين تنكروا لدورهم فى بناء إنسان أكثر وعياً واستنارة.. إن الإعلام الآن من اخطر المؤسسات التى تهدد استقرار الدولة المصرية».. يارئيسنا المحبوب رصيدكم في قلوب وعقول الملايين مازال كبيراً، وننتظر الكثير في عام جديد وكل سنة ومصر يارب بخير طراحة بالحب زرَّاعة للأمل، ويتذكر شعبها حلم العظيم رفاعة الطهطاوي أن يكون الوطن محلاً للسعادة المشتركة.