مازلنا ندفع فاتورة فساد قاتلة منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذى حصل هو ونظامه على البراءة عن عهد اعتبره المراقبون والتقارير الرسمية وغير الرسمية أنه الأكثر فسادا . الغرق في فساد هيئة النقل البحرى في عهد مبارك ربما يكون أخطر من غرق مراكب الصيد في خليج السويس منذ أيام . نتحدث عن واقعة فساد بالمستندات حصلت "الوفد " عليها بطلها عقود مشبوهة أبرمتها الحكومة عام 2008, وما زالت فصول الملف مستمرة حتى الآن . الحكايه بدأت بتكرار حوادث السفن من أعطال وغرق فقد أهدت السعودية إلى مصر "عبارتين " أو باخرتين أطلق عليهما أسماء " القاهرة والرياض " لتعملان بين الموانىء المصرية ونظيرتها السعودية فى نقل الركاب وما يصاحبهم من بضائع. وبالفعل تسلمت وزارة النقل "الباخرتين" وقررت زيادة تجهيزهما بمبلغ 25 مليون جنيه، استدانت بهم الوزارة ثم تأجيرهما لشركة لمدة خمس سنوات بمبلغ 12 مليون جنيه سنويا ، وهو مبلغ أقل من القيمة السوقية، ورغم ذلك انتهى العام دون سداد الشركة مليما واحدا للوزارة، وفى الوقت نفسه لم تطالب الوزارة بمستحقاتها ، ومر العام الثانى كذلك دون سداد او مطالبة من الوزارة بمستحقاتها ، وتكرر ذلك حتى انتهى العقد دون تحصيل الوزارة مليم واحد من قيمة العقد. وطبقا للعقد الذى بين أيدينا والذى وقعه جمال خليل حجازى رئيس الإدارة المركزية لشئون الأمانة العامة ممثلا لوزارة النقل وحسن جميل الهرميل رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة القاهرة للعبارات والنقل البحرى، فإن إسناد أعمال الإدارة والتشغيل والصيانة – أى تأجير " العبارتين " – بناء على قرار وزير النقل الصادر بتاريخ 27 مايو 2009 لمدة خمس سنوات تنتهى فى 26 مايو 2014 , وقد آلت ملكية العبارتين للطرف الأول بقرار من رئيس مجلس الوزراء رقم 3304 لسنة 2008 بتاريخ 22- 12 - 2008 بعد أن قامت المملكه العربية والسعودية بإهدائها إلى مصر للعمل على الخطوط الملاحية، فيما بين موانئ السعودية ومصر . وقد كشف التفتيش المالي في الجهاز المركزي للمحاسبات أن مبلغ القيمة الإيجارية للعبارتين لم يحصل منه جنيه واحد على مدار الخمس سنوات، هذا بخلاف مبلغ 25 مليون جنيه مدينة به وزاره النقل مقابل تجهيز العبارتين رغم أن الاتفاق المثبت بالعقد هو دفع القيمه الإيجارية سنويا وليس بعد خمس سنوات. وعليه كان لابد من تحصيل أصل المبلغ وفوائده طبقا لنسبه الفوائد المحدده في ذلك التاريخ من قبل البنك المركزي عن كل سنه وهذا كله تم دون أن يلجأ الطرف الأول إلى اتخاذ أي إجراء قانوني ضد الطرف الثاني منذ السنه الأولى وهو ما أكده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات لعام 2014 . ورغم نص العقد منذ بدايته فى عام 2009 على قبول الطرفان اية تعديلات يرى مجلس الدولة ادخالها على العقد ،ورغم ان قانون المزايدات والمناقصات يفرض عرض العقد على مفوض مجلس الدولة من البداية , الا ان الطرف الاول وهو " وزارة النقل " فى عهد مبارك قام بإرسال خطاب إلى مجلس الدولة برقم 1593بتاريخ 18 نوفمبر 2013 أي قبل انتهاء العقد بخمس شهور تقريبا، يطلب من المجلس مراجعه العقد من قبل هيئة اللجنة الثالثة لقسم الفتوى والاختصاص وبناء على ما تقدم قررت هيئة اللجنة مراجعة العقد بحالته مع إبداء الملاحظات الآتية والتى ذكرها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وهي أن العقد الماثل أبرم واقعا من طرفيه قبل تقديم طلب بمراجعته إلى جهة الفتوى المختصة بمجلس الدولة بالمخالفة لحكم المادتين رقمي ( 58'61) من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 72 لسنه 1972م إذا كان يجب التزام الهيئة بعرض العقد المعروض علي مجلس الدولة, قبل إبرامه وليس بعد إبرامه بأكثر من اربع سنوات ونصف السنه تجنبا للمسائلة من قبل الجهات الرقابيه بالدوله. وكشف التقرير أن هذه ليست واقعة الفساد الأولى التى تنسب للمدعو جمال حجازى، الموقع على العقد ممثلا لوزارة النقل ، فقد سبق ورود اسمه ضمن مخالفات ميناء قسطل والذى تضاعفت قيمته من نحو 35 مليون جنيه إلى 80 مليون جنيه، وعندما اعترض المحاسب ممدوح الدبيكى الامين العامة لهيئة مشروعات الطرق بالوزارة ورفض التوقيع على مستندات بمبلغ يزيد عن 10 ملايين جنيه؛ لأن هذا التوقيع من اختصاص رئيس الوزراء وحده جاءوا بأحد ترزية القوانين وعندما أصر المحاسب الشريف على محاربة الفساد وفشلوا فى استرضائه قاموا بالتنكيل به ، وهو محل بلاغ للنائب العام ضمن وقائع فساد لا حصر لها أكدها أيضا تقرير جهاز المحاسبات.