مع تكرار حوادث السفن من أعطال وغرق، أهدت السعودية إلى مصر "عبارتين" أطلق عليهما "القاهرة والرياض" لتعملا بين الموانئ المصرية ونظيرتها السعودية فى نقل الركاب وأمتعتهم. وبالفعل تسلمت وزارة النقل العبارتين، وقررت زيادة تجهيزهما بمبلغ 25 مليون جنيه، ثم تأجيرهما لإحدى الشركات لمدة 5 سنوات بمبلغ 12 مليون جنيه سنويا، وهو مبلغ أقل من القيمة السوقية، ورغم ذلك مضى عامان دون سداد الشركة مليما واحدا للوزارة، ودون أن تطالب الوزارة بمستحقاتها. وطبقا للعقد الذى وقعه جمال خليل حجازى، رئيس الإدارة المركزية لشئون الأمانة العامة ممثلا لوزارة النقل وحسن جميل الهرميل، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة القاهرة للعبارات والنقل البحرى، فإن إسناد أعمال الإدارة والتشغيل والصيانة –أى تأجير العبارتين– بناء على قرار وزير النقل الصادر بتاريخ 27 مايو 2009 لمدة خمس سنوات تنتهى فى 26 مايو 2014 إلا أن المفاجأة تكشفت بالتفتيش المالي لوزارة المالية، حيث أثبت أن مبلغ القيمة الإيجارية للعبارتين لم يحصل منه ولو جنيه واحد علي مدار ال5 سنوات، هذا بخلاف مبلغ 25 مليون جنيه، مدينة بها وزارة النقل لوزارة النقل البحري، مقابل تجهيز العبارتين رغم أن الاتفاق المثبت بالعقد هو دفع القيمة الإيجارية سنويا وليس بعد خمس سنوات. وعليه كان لابد من تحصيل أصل المبلغ وفوائده طبقا لنسبة الفوائد المحددة في ذلك التاريخ من قبل البنك المركزي عن كل سنة، وهذا كله تم دون أن يلجأ الطرف الأول إلي اتخاذ أي إجراء قانوني ضد الطرف الثاني منذ السنة الأولي. ورغم نص العقد منذ بدايته فى عام 2009 على قبول الطرفين أية تعديلات يرى مجلس الدولة إدخالها على العقد، ورغم أن قانون المزايدات والمناقصات يفرض عرض العقد على مفوض مجلس الدولة من البداية، إلا أن ما قام به الطرف الأول "وزارة النقل" هو القيام بإرسال خطاب إلي مجلس الدولة برقم 1593بتاريخ 18 نوفمبر 2013 أي قبل انتهاء العقد ب5 شهور تقريبا، وذلك لمراجعة العقد من قبل هيئة اللجنة الثالثة لقسم الفتوى للاختصاص. بناء علي ما تقدم قررت هيئة اللجنة مراجعة العقد بحالته مع إبداء الملاحظات الآتية في شأنه: أولا: العقد الماثل أبرم واقعا من طرفيه قبل تقديم طلب مراجعته إلي جهة الفتوى المختصة بمجلس الدولة وذلك بالمخالفة لحكم المادتين رقمي (58 و61) من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 72 لسنه 1972م، إذ كان يجب التزام الهيئة بعرض العقد المعروض علي مجلس الدولة قبل إبرامه وليس بعد إبرامه بأكثر من 4 سنوات ونصف السنة تجنبا للمساءلة من قبل الجهات الرقابية بالدولة. ثانيا: يقع علي عاتق الإدارة مسئولية ما يأتي: أ- التزام الضوابط والأوضاع المقررة قانونا عند اللجوء لأسلوب التعاقد بالأمر المباشر في شأن التعاقد الماثل وفقا لحكم المادة السابعة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 . ب- التحقق من الطبيعة القانونية للطرف الثاني ومن صفة تمثيله وصفته في التوقيع علي العقد والاحتفاظ بصورة من سند تمثيله بملف العملية. ثالثا: تغيير كلمة (اتفق) بكلمة (أقر) الواردة بافتتاحية البند الثاني وأينما وردت ببنود العقد. رابعا: إعادة صياغة البند 18علي النحو التالي: (تختص الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة دون غيرها بالفصل في أي نزاع قد ينشأ عن تنفيذ أو تفسير أي مادة من مواد هذا العقد. خامسا: إعادة صياغة البند 19علي النحو التالي: (أقر الطرفان بأن العنوان المبين قرين كل منهما بصدر هذا العقد هو المحل المختار لهما، وأن جميع المكاتبات والمراسلات التي توجه عليه تكون صحيحة ومنتجة لجميع آثارها القانونية، وفي حال تغيير أحد الطرفين لعنوانه يتعين عليه إخطار الطرف الآخر بالعنوان الجديد بخطاب مسجل بعلم الوصول، وإلا اعتبرت مراسلته علي هذا العنوان صحيحة ومنتجة لجميع آثارها القانونية. سادسا: إضافة بند جديد للعقد وذلك علي النحو التالي: (يسري علي هذا العقد أحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 الصادر بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية الصادرة بموجب قرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 وتعديلاتهما). أخيرا تجدر الإشارة إلى أن هذه ليست واقعة الفساد الأولى التى تنسب للمدعو جمال حجازى، الموقع على العقد ممثلا لوزارة النقل، فقد سبق أيضا ورود اسمه ضمن مخالفات ميناء "قسطل" والذى تضاعفت قيمة المناقصة بأعماله من نحو 35 مليون جنيه إلى نحو 80 مليون جنيه، وهو محل بلاغ للنائب العام ضمن وقائع فساد لا حصر لها أكدها أيضا تقرير جهاز المحاسبات. وهكذا فإن المسئولين بوزارة النقل فى حاجة إلى نقل، والبتر أفضل إذا كانت الدولة بحق تريد محاربة الفساد بدلا من الاستسهال فى تحميل المواطن أعباء فوق طاقته ورفع الدعم رغم إهدار الملايين فى كل موقع، بل ويجب تحميل هؤلاء ما تسببوا فيه لأن المنطق يقول إنه لا يمكن أن تمر 5 سنوات كاملة دون تحصيل مليم، وأن يمر ذلك دون مقابل.