استكمالاً للحديث الذي بدأناه عن اجراءات المحاكمة في الجنح والمخالفات وما أوردناه من تعقيدات وعراقيل أوجب اتباعها قانون الاجراءات الجنائية وقانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأوردنا أمثلة واقعية وعملية استغرقت فيها اجراءات المحاكمة لمتهم واحد في قضية واحدة تسع محاكمات كل منها يقتضي اجراءات محاكمة وقراءة للقضية وتحرير أسباب للحكم بما يزيد من عدد القضايا المطروحة بل ويشتت مجهود القضاة إذ أوردنا علي سبيل المثال والحصر انه كي نكون أمام حكم بات فإن تعقيد الاجراءات وكثرتها استغرق في بعض القضايا خمسة عشر عاماً فقدت فيها العقوبة فلسفتها زجراً وردعاً إذ انه في غالبية الحالات يكون المتهم قد نفذ العقوبة المقضي بها بل ان المأساة تبلغ منتهاها فيما هو مستقر عليه من أن الدعوي المدنية التي يكون الضرر فيها ناشئاً عن جريمة مطروحة أمام القضاء الجنائي يتعين أن يوقف الفصل فيها لحين صدور حكم بات في الدعوي الجنائية وهو أيضاً ما يفقد في غالبية الحالات العلة المرجوة من التعويض الذي يحصل عليه صاحبه بعد معاناة من اجراءات سقيمة وعقيمة قد تطول إلي عشرين عاماً. وإزاء كل ما سلف فقد أوردنا انه لتلافي كل هذه العراقيل والاجراءات التي تحول دون تحقيق العدالة الناجزة والمعمول بها حالياً وفقاً للقواعد المنظمة لاجراءات المحاكمة بالنسبة للجنح فقد أوردنا انه يتعين علي المشرع أن يتدخل علي نحو عاجل بتعديل اجرائي ينظم اجراءات المحاكمة في الجنح والمخالفات علي نحو تتحقق به منظومة العدالة المنصفة والناجزة. ونري انه في سبيل تحقيق ذلك يتعين إلغاء درجة المحاكمة الجزئية أي إلغاء نظام التقاضي علي درجتين في الجنح والمخالفات وأن نكون أمام درجة واحدة مكونة من ثلاثة قضاة مع إلغاء الأحكام الغيابية بحيث يكون من حق المتهم، إما أن يحضر بنفسه أو يحضر عنه محام بتوكيل فإذا لم يحضر علي نحو ما سلف بعد إعلانه لشخصه أو في محل إقامته وفقاً لما نظمه قانون المرافعات علي نحو ما سلف بيانه في الأحاديث السابقة فإن الحكم الصادر يكون نهائياً ويكون قابلاً للطعن عليه بالنقض لمرة واحدة والحكم الصادر من محكمة النقض يكون باتاً. وضماناً لجدية الطعون بالنقض في الجنح نري ضرورة تقديم كفالة ونري أن يكون مبلغ ألف جنيه في حالة ما إذا كان الحكم بالغرامة التي يجوز فيها الطعن بالنقض وكذا ما إذا كانت العقوبة الحبس التي تقل عن ستة أشهر. وبذلك نكون قد اختصرنا اجراءات التقاضي.. والمحاكمات التي قد تصل إلي تسع مرات.. في قضية الاتهام بجنحة.. إلي مرتين.. أولاهما.. أمام محكمة مكونة من ثلاثة قضاة.. كضمانة للمحاكمة العادلة والناجزة.. والمرة الثانية أمام محكمة النقض ليكون لمرة واحدة بدلاً من مرتين المعمول به حالياً فإذا قبلت النقض موضوعاً.. فصلت في الموضوع. وبذلك نكون قد حققنا العدالة الناجزة التي تتحقق معها فلسفة العقاب من زجر وردع. وللحديث بقية إن شاء الله سكرتير عام حزب الوفد