استكمالاً للحديث الذى بدأناه عن اجراءات المحاكمات للجنح والمخالفات أمام المحكمة الجزئية وما أوردناه من نصوص اجرائية أثبت الواقع العملى انها معرقلة لمسيرة العدالة التى تستوجب لتحقيقها أن نكون زمام اجراءات للمحاكمة يتحقق بها سرعة الفصل في الدعوى وهو ما أسفر الواقع العملى من أن النصوص الاجرائية الحاكمة لاجراءات المحاكمات أمام المحكمة الجزئية فى قضايا الجنح والمخالفات سواء أكان الحكم حضورياً وهو نادر في غالب اجراءات المحاكمة أم غيابياً فى أن يطعن المتهم المحكوم عليه غيابياً فى هذا الحكم بالمعارضة على الحكم على نحو ما سبق بيانه. وهوما يستوجب اجراءات جديدة تعرقل الفصل فى الدعوى خاصة ما يتعلق منها بإجراءات اعلان المتهم المحكوم عليه غيابياً والتى كما أوردنا اجراءات يشوبها التعقيد الذى يستتبع لتحققه وجوب اعلان المتهم لشخصه أو علمه الحقيقى بالحكم.. وبعد كل هذه الاجراءات التى تستنفد جهدووقت القاضى الجزئى فى أن يحكم مرتين فى القضية الواحدة إحداهما فى الحكم الغيابى الذى يستوجب منه قراءة القضية وكتابة أسباب لها عند اصداره الحكم غيابياً ثم اعادة هذه القراءة وكتابة أسباب جديدة عن الحكم بالمعارضة وكل ذلك فيه تزايد لأعداد القضايا المطروحة عليه فى الجلسة اذ يبلغ فى بعض الأحيان ألف قضية فى الجلسة الواحدة وهو ما يستحيل معه بأى منطق قضائى أو تصورى تحقيق العدالة المنشودة. وبعد كل هذه العراقيل على طريق تحقيق العدالة الناجزة يكون من حق المتهم والنيابة العامة ان تستأنف الأحكام الصادرة فى الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية بمواد الجنح وكذا فى المخالفات بشروط أوردتها المادة «402» من قانون الاجراءات الجنائية. ومما يستوقف النظر على شكل صادم للعدالة ما نصت عليه المادة «418» من قانون الاجراءات الجنائية انه يتبع فى الأحكام الغيابية والمعارضة فيها أمام المحكمة الاستئنافية ما هو مقرر امام محكمة أول درجة. وكذلك ما نصت عليه المادة «407» من ذات القانون فى ان الاحكام الصادرة فى غيبة المتهم والمعتبرة حضورياً بدأ ميعاد استئنافها بالنسبة للمتهم من تاريخ اعلانه بها وذلك بغض النظر عما اذا كان قد علم عن طريق آخر بصدوره كما قضت محكمة النقض. وبذلك فإن المحكمة الاستئنافية اما ان تصدر حكمها حضورياً كما هو الحال فى المحاكمة الأولى أمام المحكمة الجزئية أو حكماً فى غيبة المتهم وفى هذه الحالة يكون من حق المتهم المعارضة فيه بذات الاجراءات التى تتبع أمام محكمة أول درجة وكل ذلك فيه مضيعة لوقت المحكمة وجهدها وزيادة عدد القضايا المعروضة بالجلسة على نحو يطيل أمد التقاضي لمدد طويلة على نحو لا يحقق الغاية من فلسفة العقاب وهى الزجر والردع. وللحديث بقية إن شاء الله. سكرتير عام حزب الوفد