تشهد مدينة دريسدن عاصمة ولاية ساكسونيا الألمانية مظاهرات معادية للأجانب، وتحديدا المسلمين، تزداد كل أسبوع بشكل ملحوظ، على الرغم من أن نسبة المسلمين فى الولاية قليلة للغاية. إذ بدأ فى أكتوبر الماضى بعض المتظاهرين، أطلقوا على أنفسهم " أوروبيون وطنيون ضد أسلمة أوروبا" بمدينة دريسدن، عاصمة ولاية ساكسونيا الألمانية، بأن جابوا شوارع المدينة مساء كل يوم اثنين، مطالبين بوقف استقبال ألمانيا اللاجئين من سوريا وشمال إفريقيا، وترحيل المسلمين الخارجين عن القانون، مرددين شعارات تنم عن قدر كبير من العداء للأجانب بشكل عام وللمسلمين بشكل خاص. بينما تزايدت فى الآونة الأخيرة أعداد هؤلاء المتظاهرين المنضمين لهذا التحالف حتى تجاوز عددهم ال 15 ألف شخص، فضلًا عن بدء تكوين حركات مشابهة فى مدن ألمانية أخرى، فى حين تتقلص أعداد المتظاهرين الذين يتصدون لها ويدعون لألمانيا منفتحة على العالم، ومجتمعا متعدد الثفاقات. جدير بالذكر أن ولاية ساكسونيا شهدت ممارسات عنيفة ضد المسلمين فى الفترة الأخيرة، كان أبرزها جريمة قتل المصرية المسلمة المحجبة مروة الشربينى عام 2009 فى قاعة محكمة مدينة دريسدن نفسها. والملفت للنظر أن نسبة المسلمين فى ولاية ساكسونيا لا تزيد على 2 % من سكان الولاية بأكملها، فكيف يشن هذا الهجوم ضدهم؟! ومن جانبه، صرح أوليفر ديكر، رئيس مركز بحوث التطرف اليمينى فى جامعة لايبزج، فى تصريحات سابقة أن التظاهرات الأخيرة ضد المسلمين لم تأت من فراغ، صحيح أن هناك يمينيين متطرفين، ونازيين، وأصحاب سوابق يستغلون مخاوف المواطنين على وظائفهم وضيقهم بسبب تراجع المعاشات أوالأجور أو غلاء المعيشة لتوجيه هذا الغضب ضد الأجانب والمسلمين تحديدا الآن فى ظل ما تنقله وسائل الإعلام من جرائم داعش البربرية فى العراق، وظاهرة انضمام الشباب الألمانى المسلم إليه، فضلا عن طوفان المهاجرين المتدفق على أوروبا وألمانيا، وأغلبهم من المسلمين. وأكد ديكر أن هناك توجها "يمينى محافظ" يميل إلى التطرف فى مجتمع هذه الولاية ليس موجودا بهذا الشكل فى أى ولاية ألمانية أخرى، لافتًا إلى أن السياسيين أنفسهم ساهموا فى تغذية ذلك التوجه بتصريحاتهم المعادية للأجانب مثل وزير العدل الأسبق فى ساكسونيا شتيفان هاينمان من الحزب المسيحى الديمقراطى فى التسعينيات بعد الوحدة الألمانية، الذى عبر عن مخاوفه العميقة على المجتمع الألمانى المسيحى الغربى بسبب الأجانب الذين يعيشون عالة على ألمانيا، ويهددون حق الألمان فى الحفاظ على هويتهم. الأمر الذى يتطلب تغييرا لتوجهات وسياسات الحزب المسيحى الحاكم في الولاية، إلى جانب حملة توعية شاملة من مخاطر التطرف اليمينى الذى تغلغل فى المجتمع الألمانى فى ساكسونيا. ومن جانبه، علق الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة فتاوى الأزهر سابقا، على هجوم أهالى ولاية ساكسونيا على المسلمين بوجه خاص، بأنها حملة عنصرية مقنعة ضمن مسلسل الحرب على الإسلام. واستنكر إسلام قيام الغرب بهذه الحملات العنصرية بالرغم من أنهم يدعون إلى العلمانية وتقبل الآخر والتعايش معه، متسائلا: "لماذا تتم مهاجمة المسلمين المتطرفين فقط .. أليس هناك نصارى متطرفون؟، مؤكدا وجود مؤامرة عالمية ضد الإسلام فى حد ذاته. وأضاف عضو لجنة الفتاوى بالأزهر، أن المسلمين فى الدول الأوروبية يضربون نموذجا للإسلام الصحيح، وينشرون بسلوكهم قيم التسامح الإسلامية، موضحا أنه بالطبع يوجد عناصر متطرفة بينما الغالبية تعتبر صورة حسنة للإسلام. ولفت إسلام إلى أن المجتمعات الأوروبية معروف أنها مجتمعات ذكية وعاقلة، ومن يدخل منهم الإسلام يدخله عن اقتناع عقلى، قائلا: " فلماذا تتم مهاجمة الإسلام واعتبار المسلمين كلهم متطرفين؟، وطالب الغرب بأن يكون أكثر مصداقية، وأن يتعايش مع المسلمين.