يوما 9 و10 ديسمبر يومان يحتفل فيهما العالم بمكافحة الفساد وبحقوق الإنسان. وهما قضيتان مرتبطتان، الفساد على علاقة عكسية بحقوق الإنسان، لذا اختارت الأممالمتحدة أن يحتفل العالم بهاتين القضيتين فى يومين متتاليين. لأن الخبراء والباحثين والخبرات الدولية انتهت إلى معادلة واضحة وأكيدة وهى أنه كلما زاد احترام حقوق الإنسان قل الفساد والعكس صحيح. فالفاسدون أعداء للقانون ولحقوق الإنسان وضد أى شخص يحاول كشف فسادهم والفاسدون إذا تولوا مناصب سياسية أو تنفيذية يكون همهم الأول كيف يفسدون من حولهم ويتبعون سياسة العين المكسورة، والفاسدون يكرهون الإعلام ويحاولون السيطرة عليه بأى شكل من الأشكال حتى وإن كان هذا الإعلام ملكاً للدولة مقيداً لكن الخوف من إعلامى شريف يظهر ويحاربهم. والفاسدون يعملون على عرقلة إصدار سلسلة قوانين مثل قانون حرية تداول المعلومات أو قانون لتعويض ضحايا الفساد ويستخدمون فى ذلك أسلحة تبدو للمواطن أنها شرعية مثل الأمن القومى والأمن العام وأسرار الدولة وغيرها من العبارات التى لا يوجد لها تعريف محدد حتى الآن. والفاسدون يهللون لأى انتهاك لحقوق الإنسان ويدافعون عن هذه الانتهاكات حتى ينالوا رضا السلطة التى دائما تجد فى الفاسدين درعاً تبرر بها جرائمها ضد الشعب.. ويهللون لأى قانون يقيد الحريات العامة ويدافعون عنه بشراسة لأن هذا القانون سيكون حصناً لهم يمارسون فسادهم خلفه دون رقيب أو حسيب ومن يفتح فمه مندداً بالفساد توجه له تهم من نوعية إهانة سلطة عامة أو تعطيل الدستور وغيرها من التهم العجيبة. الفاسدون يرحبون بتعدد الهيئات الرقابية. ويعملون على إذكاء حالة التنازع بين هذه الهيئات ونشوب حرب حول اختصاص كل هيئة.. ورفض هيئات وسلطات الخضوع للرقابة تحت مسميات مختلفة منهم من يدعى أنه سلطة وأن لديه رقابة ذاتية ومنهم من يزعم أن المساس به مساس بالأمن القومى للدولة وهى مبررات تخفى وراءها فساداً متراكماً طوال السنين. والفاسدون يجدون فى الإرهاب حليفاً لهم وفى الأمية سنداً لذا هم يدعمون الإرهاب بطريقة مباشرة أو غير مباشة ويعملون على القضاء على منظومة التعليم وإهدار إمكانياتها سواء بالتعديل والتغيير فيها دون مناسبة والعبث فى المناهج تحت زعم تطويرها وبالتالى زيادة عدد الفقراء حتى يظهروا أمام هؤلاء الفقراء أنهم ملائكة الخير وأنهم المذكون عن أموالهم وممتلكاتهم.. فالأعمال الخيرية تخفى وراءها كماً كبيراً من الفساد خاصة أن هؤلاء يحاولون غسيل سمعتهم.. وعندما تسأل أحداً منهم عن مصدر أمواله يقولك هذا فضل ربي.. وأصبح الفاسدون هم القدوة للشباب الآن ولا يوجد هم لهم إلا البحث عن المكسب السريع بأى شكل وبأى طريقة شرعية أو غير شرعية. فالفاسدون يتوحدون فى مناصبهم وفى كراسيهم وفى المؤسسات التى يتولونها فعندما تهاجم الفاسد يزعم أنك هاجمت المؤسسة وعندما تفضح ممارسته يدعى أنك فضحت أعمال جميع من يعملون معه، الفاسد دائما يختفى وراء منصبه. فالفساد هو أخطر آفة تواجه حقوق الإنسان وتواجه مصر الآن، فالفساد فى مصر أصبح ثقافة شعبية يومية وأصبحت الرشوة إكرامية وأصبحت الهدية لها مبرر دينى للقبول. النبى قبل الهدية.. وأصبحت الواسطة والمحسوبية شرطاً أساسياً لأى عمل والاستثناء هو عدم وجودها. فالفساد تجذر فى المجتمع ولا يوجد وعى مجتمعى حقيقى بخطورة الفساد على حياة الناس، الكل يتحدث عنه ولكنه يمارسه يومياً عشرات المرات وأى عمل لمكافحة الفساد يجب أن ينطلق من هذه النقطة وهى نقطة الضعف الأهم.. وأى حديث عن وجود وعى مجتمعى بخطورة الفساد حديث غير واقعى لأن الفاسدين هم من يتصدرون المشهد العام فى مصر. وكانت ثورتا 25 يناير و30 يونية فرصة لغسل سمعتهم، إلا أن تاريخهم فضحهم وسيفضحهم كلما مرت الأيام.