انهيار عقار شجرة مريم بالمطرية ومصرع 19 من ساكنيه ومن قبله.. انهيار مصنع العبور فوق رؤوس عماله يؤكدان أن الاهمال والتواطؤ والضمائر الخربة لاتزال تزهق أرواح المواطنين تحت عقارات ليست قديمة ومتهالكة فقط بل ومخالفة شيدت بمباركة مسئولي ومهندسي ورؤساء أحياء وموظفين يرفعون شعار: «نفع واستنفع».. وبعد ثورتين ونظام وحكومة جديدين تخيلنا أنهما سيكافحان الفساد بالقانون ولكننا وجدنا الرئيس عبد الفتاح السيسي هو فقط من يكافحه.. فقد سبق وحذرت «الوفد» من أن قانون التصالح في مخالفات البناء لمدة 6 أشهر فقط سينعش المنافسة بين المخالفين والفاسدين للبناء المخالف وتحصيل ملايين الجنيهات على حساب ازهاق المزيد من ارواح المواطنين، كما حذرنا وبالتحديد في منتصف سبتمبر الماضي من أن التصالح مع المخالفات يعد فساداً قانونياً غير مقبول بعد ثورتين قامتا للقضاء على كل أوجه الفساد ورغبة في التغيير لكن النتيجة على الأرض كانت مخيبة للآمال ففي أقل من شهرين كان انهيار مصنع العبور وأخيراً عقار المطرية بسبب بناء أدوار مخالفة طمعاً في تصالح الحكومة، مهما كان حجم الانهيارات والخسائر في الأرواح قبل انقضاء مدة ال 6 أشهر وهى الفترة المحددة للتصالح مع مخالفات البناء.. ولأن التكرار قد يعلم الشطار. تلقى «الوفد» من جديد الضوء على ما سبق وحذرت منه المسئولين.. وليتأكد الجميع أن قانون التصالح مع مخالفات البناء والمسئول عن ازهاق أرواح عقار المطرية ومن قبله مصنع العبور ومن بعده كل ما سيزهق من أرواح قادمة!! وبمقتضى قانون التصالح سيتم التغاضي والتصالح في الأعمال التي ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء قبل اقراره على أن توقف الحكومة في المقابل الاجراءات التي اتخذت ضد المخالفات السابقة وحددت الحكومة مدة 6 أشهر فقط لإتمام هذه المصالحات مع المخالفين وفي ذات الوقت أعلنت الحكومة عدم السماح بالتجاوز عن المخالفات التي تشكل خطراً على الأرواح أو المخالفات أو تتضمن خروجاً على خطوط التنظيم أو تجاوزاً لقيود الارتفاع المقررة قانوناً أو المتعلقة بالبناء على الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار أو البناء على الأراضي خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة فضلاً عن المخالفات التي تتعارض مع شئون الدفاع عن الدولة أو ضوابط وقواعد الاستغلال التي تقدرها القوات المسلحة.. ومن المؤسف أن الحكومة لم تدرس حجم المخالفات ولا آثارها قبل اقرار التصالح مع مخالفات البناء وأعطت الضوء الأخضر للمخالفين والمتلاعبين من مستثمري البيزنس العقاري المخالف في مصر للاستمرار في تلك المخالفات في مقابل تحصيل عدة مليارات من الجنيهات لا تقارير بحجم الضرر الذي يهدد المصريين من جراء بقاء تلك العقارات ومهما كان حجم الأرواح المنتظر أن تزهق خلال نفس الفترة تحت سمع وبصر المسئولين وفي ظل حماية قانون التصالح بزعم الدواعي الأمنية وهي الثغرة التي لاتزال قائمة وينفذ منها المخالفون وأدت الى دفن عشرات الآلاف من قرارات الازالة في الادراج بمساندة القانون وأصحاب الضمائر الخربة والتي أوصت بحجم الفساد ل 200 مليار جنيه وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للمحاسبات ول 350 مليار جنيه حجم استثمارات العقارات المخالفة في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 وفقاً لبيانات واحصاءات جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء! ولينضم قانون التصالح في مخالفات البناء لغيره من القوانين سيئة السمعة وعلى حساب البنية التحتية وأرواح المواطنين لحساب حفنة من المخالفين من مستثمري المال الحرام ومما أدى الى اتساع دائرة الخطر حتى غرقت مصر بجميع ربوعها في العشوائيات وما ترتب عليها من أعباء اضافية على خدمات ومرافق الدولة كمياه الشرب والكهرباء والمواصلات وشبكات الصرف الصحي وما نعانيه من أزمات متكررة علاوة على استمرار انتشار الرشاوى بين مهندسي الأحياء والذي يحقق بالمصادفة مع خمسة منهم في عين شمس حالياً وغيرهم مما لا يكلفون أنفسهم بالمرور على الأحياء كافة للحصر ومتابعة ما تم بناؤه من أدوار مخالفة وإزالته مباشرة ومبكراً وقبل الوقوع في منفذ الهروب المسمى بالدواعي الأمنية ولكنهم اذا ما سارعوا لتحرير وإثبات الادوار المخالفة لا يكون ذلك الا بعد سكنها مع سبق الاصرار والترصد.. ولذلك ازداد الوضع سوءاً وسيزداد اكثر ولم ولن يتوقف مسلسل انهيار العقارات لا فرق بين ذلك بين حديث الانشاء أو المباني القديمة طالما لدينا حكومات تحمي وتقنن الفساد وتعطي فرصاً للمخالفين للتصالح.. على حساب أرواح المواطنين ولذلك فإن تلك الكارثة لن تتوقف طالما أن حكوماتنا لا تكتفي باصدار قوانين لا تساوي الحبر الذي كتبت به أو حتي قوانين حماية للمفسدين وانما بإصدارها لقوانين تحتوي الكثير من الثغرات المتعمدة والاستثناءات التي كانت ولا تزال وراء تفشي الفساد وتراكم العشوائيات. فإذا كان القانون المذكور في مخالفات البناء زاد الطين بلة خلال شهرين فقط فأيضاً التعديلات التي جرت فيما سبق ولاتزال على قانون البناء الموحد وبالتحديد كما جاء بالمادة 19 والتي تم بمقتضاها زيادة الكثافة البنائية المسموح بها وكذلك الكثافة لإجمالي مساحة الاراضي بالقرى لتصبح 4 مرات بدلاً من مرتين وفي المدن 6 مرات بدلاً من 4 مرات وفقاً لعرض الشارع كل ذلك أتاح زيادة الادوار المسموح بها وذلك فضلاً عن المادة رقم 115 بشأن المستندات المطلوبة في حالة استخراج تراخيص تعلية ثم الغاء مستند صورة الترخيص الصادر للعقار مع تقديم تقرير من مهندسي إنشائي لديه خبرة لا تقل عن 15 سنة للتأكد من السلامة الانشائية للعقار بما يسمح بالتعلية بدون ترخيص الى جانب استحداث المادة 135 مكرر بالتطبيق للمادة رقم 59 للقانون وتتضمن حدود التراجع من الإزالة في بعض المخالفات التي تحدث أثناء التنفيذ، موضحاً أن التجاوز سيكون لبعض الأخطاء البسيطة في تنفيذ ارتفاعات المبني بحيث لا تشكل دوراً كاملاً للمبني، فما بالكم بال 3 و4 و5 و6 أدوار مخالفة علي المبني الواحد علي مرأي ومسمع من رؤساء ومهندسي الأحياء، إما كانوا نائمين في العسل عن عمد أو باعوا ضمائرهم للشيطان لكسب المال الحرام، علي حساب إزهاق الأرواح والأنفس التي حرم قتلها إلا بالحق وهم مصرون علي قتلها بالباطل! مليارات من غرامات التصالح مع مخالفات البناء التي لن تتعدي ال 6.5 مليار جنيه بمقتضي قانون التصالح، أهم وأعلي وأثمن من أرواح للمواطنين أزهقت وستزهق بمباركة وحماية هذا التصالح الحكومي في مخالفات البناء، الذي بالفعل أدي إلي تعاظم المخالفات لما يفوق ما حدث من مخالفات منذ يناير 2011! لذلك أرجع أحمد عودة، المحامي مساعد رئيس حزب الوفد، وتشاركه الرأي الدكتورة منار حسني عبدالصبور، مدير عام المكتب الفني بمديرية إسكان القاهرة، تكرار سقوط العقارات لغياب القانون الرادع الذي من شأنه أن يلاحق المخالفين، فضلاً عن نوعية القوانين «التفصيل» التي تتواءم مع المخالفات. وانتقد «عودة» غياب الضمائر وتعمد بعض المسئولين بل وإصرارهم علي غض الطرف عن المخالفين وهم للأسف كثر هذه الأيام، وعلي غير المتوقع فكم من قرارات الإزالة التي لم تنفذ وكم من المخالفات التي يغض البصر فيها وكم من القوانين الصادمة التي لا تزال تصدر بعد ثورتين للتغيير وتعد ردة للخلف ومكافأة للمخالفين والفاسدين، بدلاً من تغليظ عقوبات وغرامات المخالفات والحرص علي وجود ثغرات تمتلئ بها قوانين الإسكان بل وتستحدث ثغرات جديدة وفرصاً للتصالح علي حساب أرواح وحياة المواطنين في ظل تعمد لغياب التخطيط والعشوائية، فبدلاً من إلزام الحكومة للمواطنين بضرورة صيانة العقارات تسمح للمخالفين بأدوار تؤدي بحياتهم للتهلكة، ولذلك فقانون التصالح في مخالفات البناء هو المسئول الأول عن انهيار عقار المطرية الذي راح ضحيته 7 أسر كاملة، واقتلعت من جذورها بوفاة الآباء والأبناء للأسرة الواحدة ومن قبله أيضاً مسئول عن مقتل عمال مصنع العبور فكلاهما بسبب أدوار مخالفة بنيت في وضح النهار، وعلي عينك يا تاجر، وهدمت علي رؤوس ساكنيها في غضون الليل، لذلك فغياب القانون ونوم السلطة التنفيذية وتواطؤ البعض منها في كافة قطاعات الدولة وعلي وجه الخصوص في المحليات ومديريات الإسكان والمرافق سيتفشي الفساد أكثر وتنهار عقارات أخري بين ليلة وضحاها.