عقارات تُشيد وأرواح تزهق ومخالفات ترصد وقرارات إزالة لا تنفذ هذا هو حال بيزنس الاستثمار العقاري المخالف في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 حتي الآن والذي تصل استثماراته 350 مليار جنيه إلي ويحدث هذا بسبب عدم تنفيذ القانون الذي أصبح مجرد، دمية، لا يتلاعب بها فقط أصحاب تلك التجارة من ملاك ومقاولين يتسترون خلف موظفين ولجان بالأحياء والوزارات يرفعون شعار «نفع واستنفع» كما أصبحت الدولة تتلاعب بالقانون بموافقة حكومة المهندس إبراهيم محلب علي مشروع قانون التصالح مع مخالفات البناء والذي يسري لمدة 6 أشهر فقط منذ التصديق عليه علي أن توقف الحكومة في المقابل الإجراءات التي اتخذت ضد المخالفات السابقة وتحصيل غرامة تقدر بنصف تكلفة حجم الإنشاءات وقت إقامتها وتبقي الكارثة مستمرة.. استمرار إهدار المال العام.. علي حساب إزهاق أرواح السكان! في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس السيسي خططه لمكافحة الفساد في جميع قطاعات الدولة ويؤكد أنه لا تصالح مع المخالفين والفاسدين يطل علينا مشروع قانون للتصالح مع مخالفات البناء بهدف جمع عدة مليارات ولو علي حساب إزهاق أرواح المصريين، المهم سد عجز الموازنة وعجز مسئولي حكومة المهندس محلب عن التفكير والإدارة والتخطيط لاستحداث وتعظيم موارد الدولة.. رد فعل المواطنين والخبراء والمختصين تباينت حول مشروع التصالح مع المباني المخالفة نرصدها ونوجهها للسيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي لعل وعسي تكون أولي خططه لمكافحة الفساد غلقه أخطر أبواب الفساد والمفسدين وهو التصالح مع المخالفين ومخالفات البناء التي أزهقت ولاتزال أرواح آلاف المواطنين.. وبعد ما وصل حجم الفساد في مصر وفقا لأحدث تقارير وتصريحات رئيس جهاز المحاسبات إلي 200 مليار جنيه وقبل شرعنة الفساد بالقانون يسمح قانون حكومة محلب بالتصالح في مخالفات البناء مقابل دفع مبلغ للدولة بقيمة الأعمال المخالفة علي أن توزع تلك الحصيلة بنسبة 55٪ لحساب تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي بوزارة التطوير الحضاري والعشوائيات و20٪ للخزانة العامة للدولة و5٪ للوحدة المحلية أو الهيئة المختصة للصرف منها علي نفقات وأبحاث ومعاينات ومكافآت اللجنة المختصة.. وسيتيح القانون التصالح في الأعمال التي ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء قبل إقراره علي أن توقف الحكومة في المقابل الإجراءات التي اتخذت ضد المخالفات السابقة وسيسري القانون 6 أشهر فقط يستقبل خلالها طلبات المخالفين لتقنين أوضاعهم.. وشددت وأعلنت حكومة محلب علي أنه لن يسمح بالتجاوز عن المخالفات التي تشكل خطراً علي الأرواح أو المخالفات أو تتضمن خروجا علي خطوط التنظيم أو تجاوزا لقيود الارتفاع المقررة قانوناً أو المتعلقة بالبناء علي الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار أو البناء علي الأراضي خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة، فضلا عن المخالفات التي تتعارض مع شئون الدفاع عن الدولة أو ضوابط وقواعد الاستغلال التي تقدرها القوات المسلحة.. ويبدو القانون بمثابة السم في العسل وتقنين بل وشرعنة للفساد بالقانون بالضبط وهذا يتشابه تماما ما قيل عند إصدار قانون البناء الموحد الذي عجز عن مواجهة مخالفات البناء وحماية أرواح المواطنين ووقف سيل الانهيارات السكنية التي لاتزال تطحن أجساد قاطنيها بين ليلة وضحاها والمشكلة فتح أبواب التصالح في مخالفات البناء ويؤدي إلي اتساع دائرة الحظر حتي غرقت البلاد في العشوائيات في حواري وأزقة المحروسة نتيجة غياب القوانين والرقابة علي أملاك الدولة وفي عز النهار وعلي عينيك يا تاجر رغم ما ترتب علي العشوائيات من أعباء إضافية علي خدمات ومرافق الدولة كمياه الشرب والكهرباء وشبكات الصرف الصحي وما نعانيه النهاردة من أزمات متكررة، علاوة علي انتشار الرشاوي بين مهندسي الأحياء ومن ثم ازداد الوضع سوءاً ولم يتوقف مسلسل انهيار العقارات حديثة الإنشاء القديمة علي حد السواء رغم ما جري من تعديلات علي اللائحة التنفيذية لقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 والصادر في 11 مايو 2008 والذي انطوي علي العديد من السلبيات والثغرات التي كانت ولاتزال وراء تفشي الفساد في المحليات وتراكم العشوائيات بسبب الاستثناءات والتعديلات التي جرت علي قانون البناء الموحد كالمادة رقم 19 التي تم بمقتضاها زيادة الكثافة البنائية المسموح بها، عند إعداد الاشتراطات البنائية المؤقتة وكذلك زيادة الكثافة لإجمالي مساحة الأراضي بالقري لتصبح 4 مرات بدلا من مرتين وفي المدن 6 مرات بدلا من 4 مرات وفقا لعرض الشوارع مما أتاح زيادة عدد الأدوار المسموح بها هذا فضلا عن المادة رقم 115 والخاصة بالمستندات المطلوبة في حالة استخراج تراخيص تعلية فقد تم إلغاء مستند صورة الترخيص الصادر للعقار مع تقديم تقرير من مهندس إنشائي لديه خبرة لا تقل عن 15 سنة للتأكد من السلامة الإنشائية للعقار مما يسمح بالتعلية بدون ترخيص كما تم استحداث المادة رقم 135 مكرر بالتطبيق للمادة رقم 59 للقانون وتتضمن حدود التراجع عن الإزالة في بعض المخالفات التي تحدث أثناء التنفيذ، موضحاً أن التجاوز سيكون لبعض الأخطاء البسيطة في تنفيذ ارتفاعات المبني بحيث لا تشكل دوراً كاملا للمبني. النزيف مستمر كل هذه التعديلات والتجاوزات لم توقف نزيف انهيار العقارات علي رؤوس ساكنيها وأصبحنا أمام كارثة عقارية تهدد مصر المحروسة وبدلا من الحد من هذا النزيف وتلك الكارثة، طالعتنا حكومة محلب من جديد أنه لا ثمن لأرواح المواطنين من أجل مليارات غرامات التصالح مع مخالفات البناء ورغم وصول حجمها الفعلي في أعقاب 25 يناير إلي حد من الصعب تحديده بالكامل علي مستوي مصر وتقول عنه بعض المؤشرات وفقا لما تم إحصاؤه بأن إجمال عدد مخالفات البناء داخل المدن فقط حوالي 500 ألف مخالفة أما الريف فحدث ولا حرج لانه أصبح خارج نطاق السيطرة ليصل حجم وقيمة الاستثمار العقاري غير المرخص إلي حوالي 350 ميار جنيه وفقا لتصريحات الدكتور حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء الذي سبق وأكد أن القانون 119 للبناء الموحد فشل في الحد من مخالفات البناء ولابد من النظر إلي تعديله لانه لا يوجد به تشريع ثابت ولكن يتم تغييره وفقا لاحتياجات المجتمع.. وجدير بالذكر أن الدكتور حسن علام يؤيد اليوم تصالح محلب مع مخالفات البناء بل ويتوقع أن يدر تطبيقه مليارات الجنيهات علي خزينة الدولة مستشهدا بقيمة الغرامات التي استطاع الجهاز إثباتها علي مستوي الجمهورية حتي نهاية 2013 التي وصلت وقتها إلي 16٫2 مليار جنيه ويقدر عدد العقارات المخالفة للتراخيص بنحو نصف مليون عقار هو ما أمكن حصره. قبول - ورفض إعلان الحكومة التصالح مؤقتا مع مخالفات البناء أثار ردود أفعال متضاربة وقد رحب المخالفون وأصحاب العقارات بالقانون لتوفيره مليارات الجنيهات لخزانة الدولة وفتح الباب أمام الملايين من سكان تلك العقارات لتقنين أوضاعهم، وأكد خبراء ومقاولون وملاك غير مخالفين لشروط البناء رفضهم للقانون ويرونه تقنيناً للفساد والمخالفين، والسماح بتكرار وتعاظم المخالفات ورسالة إطمئنان وضوء أخضر من الحكومة إلي المخالفين بالحماية وبالقانون! ردة - للوراء الدكتورة منار حسني عبدالصبور مدير عام المكتب الفني بمديرية إسكان محافظة المكتب الفني بمديرية إسكان محافظة القاهرة والمدرس المنتدب للمعهد العالي للهندسة بأكاديمية طيبة، ترفض قانون التصالح مع مخالفات البناء وتراه ردة للخلف ومكافأة للمخالفين والفاسدين والمفسدين مقارنة بما يحدث بالدول المتقدمة ومنها ألمانيا التي يتم فيها تعليم العمارة المخالفة بالخط الأحمر وكتابة ممنوع البيع والشراء علي كافة أوجهها، فكيف للمسئولين من الدولة وبعد ثورتي 25 يناير و30 يونية أن يقننوا الفساد، بدلا من مجازاة المخالف إلي حد مصادرة الأرض المقام عليها المخالفة وكيف لحكومة بعد ثورتين قامتا ضد الفساد والمفسدين أن يكون تقييمها للمخالفات والغرامات معتمداً علي لجان فحص وتقييم هي أساس البنك، فيما يجري من مخالفات وانهيارات للعقارات في مصر بدلا من سؤالها عن مليارات الجنيهات حصيلة مخالفات هم أيضا من قام بتحصيلها أو موافقات وتراخيص لعقارات ومبانٍ جديدة هدمت علي رؤوس مواطنيها ومئات الآلاف من قرارات إزالة لم تنفذ ولمصلحة من كل يوم يتم إصدار تشريع جديد لمساندة المخالفين مع وجود ثغرات تمتلئ بها قوانين الإسكان تمكن المخالفين من التمادي في الخطأ وهم مطمئنون ان القانون مؤقت وأن القوانين يتم تفصيلها لصالح المخالفين والفاسدين عديمي الذمم والضمائر، وإلي أي مدي سيظل التخطيط غائباً والعشوائية والمصالح العليا الخاصة هي الحاضرة وهو ما سبق أكدته دراسة الدكتوراة الخاصة في أعلي حد قولها، بعنوان صيانة المنشأت السكنية في مصر والتي أكدت أن مصر شهدت تزايدا في حالات انهيار العقارات لصدور قرارات التنكيس والإزالة دون تنفيذها وكذلك انتهاء العمر الافتراضي لعدد كبير من المباني مع إهمال جميع أنواع أعمال الصيانة. وأشارت - منار إلي أن قانون البناء الموحد منذ صدوره وتعديله في فترة وجيزة جدا لم يعالج مشاكل القانون القديم فأصبح ذريعة للجميع للتمادي في المخالفة بالضبط كما سيحدث بل ويزيد مع القانون الجديد للتصالح مع مخالفات البناء. حماية الفساد الدكتور محمد سامح كمال الدين أستاذ العمارة بهندسة القاهرة ووكيل لجنة الإسكان بمجلس الشوري سابقا.. يؤكد عدم جدوي قانون التصالح مع مخالفات البناء مثل القوانين المنظمة للبناء والإسكان التي ظلت مليئة بالثغرات التي تمكن المخالف من الإفلات من العقوبة والحساب وطالما هناك استمرار لفساد الضمائر يدعمه انعدام للرقابة الداخلية من قبل الأحياء والمحافظات التي عليها مسئولية تطبيق القوانين علي المخالفين ومراقبة أعمال البناء باستمرار ولكنها لا تقوم بدورها بل ومساعدة المخالفين بل تتغاضي عن المخالفات لاعوام طويلة، والنتيجة موت المواطنين تحت أنقاض العمارات المخالفة أو الآيلة للسقوط حتي أصبح البناء المخالف بيزنس يتحدي القانون وأبلغ دليل علي ذلك ما تشهده محافظة الإسكندرية من انهيارات متتالية تعدت آلاف العقارات. أضرار اقتصادية من جانبه - أكد الدكتور حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد والإدارة بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية.. أن قانون التصالح مع مخالفات البناء سيؤدي إلي تفاقم مشكلة الإسكان وانهيار العقارات في مصر وزيادة المخالفات وتداعياتها مثل تفاقم مشكلات نقص الكهرباء والضغط علي جميع مرافق وخدمات الدولة ومن ثم زيادة معدلات العشوائيات وبذلك سيكون الضرر والاقتصادي من جراء تعديات التصالح أكبر وسيكلف الدولة عشرات أضعاف ما تنتظره الدولة من جراء تطبيقه والمقدر بنحو 6٫5 مليارات جنيه يعود علي خزينة الدولة بالنفع وخفض عجز الموازنة وان كان ظاهريا مع حيتان المباني المخالفة الذين تربحوا مئات الملايين من الجنيهات من جراء تلك التعديات التي من شأنها إنهاك البنية التحتية للدولة وكذلك تعريض أرواح المواطنين للخطر، وبالنسبة لمزاعم جدوي تحصيل غرامات تقدر بنصف حجم الإنشاءات فبأي منطق تلك المناصفة علي حجم إنشاءات منذ 40 و50 سنة ولم تحصل النسبة علي دور في تلك البنائية يباع بمليون وأكثر لعقار في الزمالك ويطل علي النيل؟ كذلك ما ذنب شركات الاستثمار العقاري الملتزمة والتي يسود بينها الآن حالة ندم علي التزامها بعد أن قررت الحكومة التصالح مع المخالفين وأصبح الجميع سواء الملتزم بالمعايير البنائية والإنشاء وفقا للرخص أو غير الملتزم كما فعلت الشركات المخالفة وسيتساوي الجميع وكأن الدولة ترسل لهم برسالة إلي المخالفين مفادها، افسدوا وخالفوا واطمئنوا سنحميكم مقابل دفع بعض الأموال.. وكيف سيكافح الرئيس السيسي الفساد مع عقلية وحكومة تحميه بل وتقننه؟ غياب ونوم أحمد عودة مساعد رئيس حزب الوفد .. أكد ان المناخ السائد هو غياب القانون ونوم السلطة التنفيذية في العسل ومن ثم تفشي ظاهرة الفساد في كافة أنحاء وقطاعات الدولة خاصة في أجهزة المحليات ومديريات الإسكان والمرافق.. ويري أن قانون التصالح مع مخالفات البناء المؤقت، استكمال لمنظومة الفساد والحرص علي استمرارها وكأن رئيس الجمهورية المنتخب في واد وحكومته في وادي آخر فالعيب ليس في القوانين بل بالقائمين علي تطبيقها.