تعطل مشروع التوفيق البيئى.. والشركة تستثمر ملياراً و200 مليون جنيه بدون عائداً المركزى للمحاسبات يطلب النظر فى حل الشركة بعد تجاوز الخسائر 138 مليونا عاد من جديد شبح السحب على المكشوف وتراكم الديون على شركات قطاع الاعمال العام ليطل برأسه مرة اخرى منذراً بالخطر على شركات الدولة. وقعت واحدة من أهم الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام فريسة لهذا الموقف بعد ازمات عديدة تعرضت لها. تحولت القومية للأسمنت إحدى أهم قلاع انتاج الأسمنت فى مصر والشركة الوحيدة المنتجة للأسمنت التابعة للدولة من الربح إلى الخسارة ثم أدى سوء التخطيط لمشروعاتها واستثماراتها إلى تراكم الالتزامات على الشركة الأمر الذى تحول فى النهاية الى سحب على المكشوف تجاوز 100 مليون جنيه. تفاصيل ما تتعرض له الشركة القومية للأسمنت جاء بكل وضوح فى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الأخير عن الشركة والذى رصد عدة مشكلات دفعت التقرير الى رصد أن خسارة العام 2014 بلغت نحو 138 مليوناً و398 ألف جنيه بنسبة 67% من رأس المال المصدر والمدفوع مما يستلزم عقد جمعية عامة غير عادية للنظر فى حل الشركة واستمرارها تطبيقاً لأحكام المادة رقم 38 من القانون رقم 203 لسنة 1991 وكذا المادة رقم 40 من النظام الأساسى للشركة. وجاء رد الشركة على هذه الملاحظة الخطيرة أنه جار عرض الأمر على الجمعية العامة لاتخاذ ما تراه مناسباً. المشكلة أن الحال الذى وصلت إليه الشركة لا يبشر بأنباء طيبة على الاطلاق إذ إن إحدي الملاحظات التى أوردها التقرير ايضا كانت تتحدث عن ظهور رصيد رأس المال العامل بالسالب بنحو 309 ملايين و158 ألف جنيه بزيادة بلغت نحو 86 مليون و330 ألف جنيه عن العام السابق مما يشير وفقاً للتقرير إلى عدم قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها فى الأجل القصير، كما يتعين عليها الانتهاء من المشروعات القائمة لتحقيق أهداف الشركة من الانتاج والمبيعات وبما يحافظ على استمراريتها، وكان رد الشركة على هذه الملاحظة أن ظهور رأس المال العامل بالسالب ناتج عن دخول الشركة فى مشروعات استثمارية كبيرة خلال الفترة الحالية، حيث تم ادراج التسييل الخاص بمشروع التحسين البيئى ضمن الالتزامات المتداولة مما كان له الأثر على ظهور رأس المال بالسالب. الغريب أن مشروع التحسين البيئى الذى اعتمدته الشركة يعد السبب الرئيسى لأزمتها الحالية كما يشير وضع الشركة فضلاً عن أن تقرير الجهاز المركزى أورد تلك الملاحظة بشكل مفصل، حيث ذكر أنه تم جرد المشروعات تحت التنفيذ فى 30-6-2014 بصورة اجمالية دون تحليل مفرداتها كما تضمن حساب المشروعات تحت التنفيذ نحو 674 مليوناً و625 ألف جنيه بخلاف نحو 12 مليوناً و930 ألف جنيه مدرجاً بحساب الإنفاق الاستثمارى وذلك قيمة المسدد لحساب مشروع تحسين البيئى لمصنعى 3 و4 والمسند تنفيذ لشركة أرسكو، وقد تبين تكرار إضافى أعمال اضافية لقيمة المشروع بالأمر المباشر بنحو 5 ملايين و200 ألف يورو و46 مليون جنيه مصرى، هذا بخلاف ما تم اسناده من الشركة لشركة (ان . ال . اس) خارج نطاق التعاقد واللازمة لتحقيق أهداف مشروع بناء على طلب المورد دون توضيح أسباب عدم طرح تلك الأعمال ضمن المناقصة الأولى، حيث بلغت قيمتها نحو 80 مليون جنيه وهو ما يشير إلى وجود قصور فى دراسة الجدوى المعدة للمشروع بالاضافة إلى تأخير تنفيذ المشروع لتبدأ التجارب خلال النصف الثانى من شهر يونيو 2014. وأكد الجهاز أنه يتعين تحديد المسئولية فى هذا الشأن، مع تحديد ما اذا كانت تلك الأعمال الاضافية المشار اليها تدخل ضمن مسئوليات اسيك القائمة بالادارة الفنية لمصنعى 3 و4 حتى 30-6-2012 مع بحث أسباب التأخير وتطبيق الشروط الجزائية للتعاقد فى حالة تسببه فى التأخير. وجاء رد الشركة على هذه الملاحظة ليشير إلى أن ما تمت اضافته للاعمال بعد التعاقد مع شركة أرسكو جاء بناء على طلب استشارى المشروع وهى جامعة بنها بأن هذه الزيادة سوف تعمل على تحسين اداء المصانع بعد التطوير وكذا زيادة الطاقة بمقدار 200 طن يوميا لكل فرن لذا فقد تمت الموافقة على هذه الزيادة لما تلاحظ من صحة وجهة نظر الاستشارى بعد مناقشته فى هذه التعديلات المطلوبة وهى تمثل اعمالاً متكاملة مع العقد الاصلى ويصعب دخول شركة أخرى لتنفيذ تلك الاعمال، اما بالنسبة للأعمال المسندة لشركة (ان .ال.اس) فهى تمثل الأعمال اللازمة لازالة الاختناقات فى المراحل التى لم يشملها التطوير وتمت عن طريق مناقصة محدودة وتم ادراج قيمة الاعمال الأخيرة والبالغ قدرها 80 مليون جنيه ضمن مطالبات التحكيم مع شركة اسيك ويرجع التأخير فى تنفيذ المشروع لما ظهر من عيوب فى اعمدة الكولر التى تتطلب اصلاحها حوالى 3 أشهر علما بأن تم تشكيل لجنة بالقرار رقم 242 لسنة 2014 لدراسة أسباب التأخير في تنفيذ المشروع وتطبيق بنود الجزاءات طبقا للتعاقد. أما الواقع فيؤكد أن الشركة بدأت مشروع التحسين البيئى فى شهر اكتوبر 2013 وحتى الآن لم يؤت ثماره وكان مقررا أن يؤدى هذا المشروع الى رفع الطاقة الانتاجية من 4500 طن إلى 5200 طن وهو ما لم يحدث بل تطور الوضع إلى أن الشركة أصبحت مدينة بنحو مليار جنيه. كما كانت المأساة الأكبر فى ان تحولت الشركة التى كانت تنتج الكلينكر إلى شرائه للوفاء بالتزامات تعاقدية، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع خسائر الشركة بصورة كبيرة وتراجع حصتها فى السوق من 10% الى اقل من 2% مما يهدد نحو 2950 عاملاً فى الشركة. وبحسبة بسيطة نجد أن توقف فرن 4 عن العمل لمدة تجاوزت 400 يوما أدى إلى خسائر بالملايين للشركة.