«قواعد اللعبة تغيرت فى انتخابات المؤسسات المالية بسوق المال، ولم يعد لمرشحى الشركات الكبرى أى ثقل»، هكذا ما كشفته انتخابات عضوية صندوق حماية المستثمر مؤخراً، وما أسفرت عنه الانتخابات مؤشر قد يتكرر فى أى مؤسسة مالية بسوق المال خلال الفترة المقبلة. مفاجآت انتخابات الصندوق غيرت من استراتيجية وقواعد العملية الانتخابية فى التصويت، ولم ينظر إلى ممثلى الشركات الكبرى باعتبارها الكيانات الكبرى و«سيد» السوق الذى يعد اختيار ممثليها شيئاً مقدساً طوال الانتخابات التى شهدتها سوق المال فى الأعوام الماضية. وصول مرشحين ووجوه جديدة من الشباب إلى عضوية الصندوق من خلال عملية انتخابية قلب الموازين، فى مجتمع سوق المال، إذ تكشفت هذه الانتخابات عن الوعى الجيد فى الاختيار، دون أى وصاية. الانتخابات حسمت أسماء الفائزين بمقاعد عضوية الصندوق، لتكون المفاجأة بفوز الشباب وضخ دماء وأفكار جديدة من شأنها المشاركة فى تطوير طرق حماية أموال المستثمرين، الأسماء الرابحة فى العضوية، غير الأسماء المعتاد انتخابها فى الدورات السابقة، وقد أسفرت عن فوز عبداللطيف حسن على مقعد أمناء الحفظ وممثلاً عن الشركة العربية المصرفية، وسيف عونى عبدالعزيز، العضو المنتدب لشركة وديان للسمسرة، وشوكت المراعى، رئيس شركة إتش سى للسمسرة، على مقعد السماسرة. بتحليل العملية الانتخابية يتبين أن عدد الشركات التى كان لها حق التصويت 240 شركة، وصل عدد الحضور إلى 154 شركة، بنسبة تبلغ 64٪، وبلغ عدد الأصوات الباطلة 8 أصوات فقط، إذ انفرد بالصدارة ممثل البنك العربى بعدد 88 صوتاً، تلاه العضو المنتدب لشركة وديان بنحو 84 صوتاً، ثم المراغى ب78 صوتاً. يبدو أن التحالفات فى سوق المال لم يعد لها أى تأثير، واتجهت الدفة إلى طريق آخر إلا أن هذا يعتبره الكثيرون من محللى سوق المال أمراً طبيعياً فى ظل المستجدات التى تشهدها الصناعة بضرورة منح الفرصة للوجوه الجديدة، والتفكير خارج الصندوق. بفوز 3 أعضاء بمقاعد عضوية حماية المستثمر من إجمالى 9 أعضاء للصندوق، يتبقى 3 أعضاء آخرون يتم تعيينهم من ذوى الخبرة تقوم باختيارهم الرقابة المالية، بالإضافة إلى ممثل للبورصة وآخر لمصر للمقاصة، وثالث ممثلاً عن المستثمرين. هكذا كان المشهد فى انتخابات الصندوق، إذ إن معظم المتقدمين كان هدفهم المساهمة فى عملية التطوير خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن الصندوق حالياً لم يعد «مغارة على بابا» أو مطمعاً عقب قيام الرقابة المالية بمجهودات كبيرة فى تعديل بنود المكافآت الخاصة بمجلس الإدارة وتخفيضها أضعافاً، وإن كان البعض دخل هذه الانتخابات بحثاً عن الوجاهة والمنصب فقط. إذ كان المشهد فى الانتخابات التى وصفت بأنها تاريخية بسبب الإقبال الكبير، فماذا عن الأسماء التى اختارتهم الرقابة المالية من ذوى الخبرة، الاختيارات أثارت جدلاً كبيراً حولها واعتبرها البعض أنها تمت بالمجاملات، خاصة أنها تضم جلال الجنزورى شقيق الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء الأسبق، ومستشار الرئيس الاقتصادى، ووفقاً لمصدر ل«الوفد» أن الاختيار تم بضغوط على مجلس الإدارة برئاسة شريف سامى من قبل شخصية قديمة فى المجلس، وساهم فى تأسيس سوق المال، وهو ما استشعر معها «سامى» وباقى أعضاء مجلس الإدارة الحرج، من رفض طلب تعيين «الجنزورى» الذى يتجاوز عمره 65 عاماً، خاصة أنه عمل لفترة مع هذا العضو بالرقابة المالية، ويبدو أن العضو أراد أن يعوض شقيق «الجنزورى» سنوات غضب نظام مبارك على شقيقه والذى طال أيضاً شقيق الجنزورى فى الرقابة المالية، وتم تعيينه من ذوى الخبرة، بعد قيامه بالاستقالة من مجلس إدارة إحدى الشركات العاملة فى السوق منعاً لتعارض المصالح. الدكتور محمد فريد، نائب رئيس البورصة الأسبق، أثناء ثورة 25 يناير لفترة قصيرة، والدكتور «فريد» لا أحد يختلف عليه إلا أن البعض يعتبر اختياره جاء بالمجاملة أيضاً نظراً لأنه عمل مع واحد من أعضاء مجلس الإدارة وقته وجهده بوزارة الاستثمار، كما أن «فريد» ابتعد فترة عن العمل فى مؤسسات سوق المال، وبالتالى لن يقدم للصندوق جديداً وأن خبرته محدودة. ممدوح أبوالعزم، عضو مجلس الصندوق فى الدورة الماضية، وتولى رئاسة الصندوق فى آخر دورته بعد سحب الرقابة المالية ممثلها الذى كان يتولى الرئاسة، من منطلق أنه الرقيب ولا يجوز أن يضم الصندوق ممثلاً له فى المؤسسات التى تقوم بالرقابة عليها، أما ممثل البورصة الدكتور وجيه مصطفى، نائب رئيس البورصة، فإنه منذ تولى الرئاسة الدكتور محمد عمران، الذى يؤمن بضرورة توزيع الأدوار، وأنه غير مقبول من وجهة نظره أن يكون ممثلاً للبورصة فى باقى المؤسسات المالية، عكس بعض سابقيه من رؤساء البورصة الذين اتبعوا نظام المركزية فى مثل هذه الأمور، فقد تم اختيار الدكتور «وجيه» نائبه ممثلاً إلا أن البعض يرى أن منصبه قانونى، باعتباره مسئولاً عن الشئون القانونية بالبورصة والصندوق فى حاجة إلى الخبرات الفنية. أما بالنسبة لممثل المقاصة لاتزال المشاورات قائمة حول اختيار الدكتور أحمد سعد، مستشار الرقابة المالية الأسبق، أو اختيار واحد من العاملين فى المقاصة، فمجلس إدارة المقاصة برئاسة محمد عبدالسلام لم يحسم الاختيار بعد. فيما يتعلق بممثل المستثمرين الأفراد فإن اللائحة الجديدة للصندوق لم تنظم آلية اختياره لذلك قرر اتحاد جمعيات المستثمرين فى سوق المال وفقاً لمصادر خاصة ل«الوفد» أن يقدم لرئيس هيئة الرقابة المالية ترشيحاته على هذا المقعد، وقد علمت «الوفد» أن الترشيحات سوف تدور حول 3 أسماء تتمتع بسيرة ذاتية مميزة تضم الدكتور رمضان معروف والدكتورة جيهان، ومحمد مصطفى، رئيس جمعية مستثمرين ضد الفساد. إذن المعترضون على الاختيارات من الأعضاء ذوى الخبرة يرون أن الصندوق يحتاج إلى محترفين وأعضاء لديهم دراية كاملة بالتعامل مع المخاطر التى يتعرض لها صغار المستثمرين حفاظاً على أموالهم وحماية استثماراتهم فى حال تعرضها للخطر.