لماذا أنتج بعضنا خطابه الفقهى الخاص؟، لماذا تجاهل بعضنا الخطاب الدينى المؤسسى الحكومى؟، لماذا ظهرت فتاوى تخدم على بعض الجماعات؟، هل لضعف الفقه المؤسسى الحكومى؟، هل لتبعيته للنظام الحاكم، هل صنعت الجماعات الفقه الذى يتوافق وخطابهم السياسى؟، وهل هذا الفقه يتحول ويتطور بتطور مواقف الجماعة السياسية؟. لا شك أن الخطاب الدينى الحكومى يحتاج إلى تجديد وتطوير، ولا شك أيضا فى أن بعض ما ينتج فى المؤسسات الدينية الحكومية يشجع على التشدد، ولا شك كذلك أن المؤسسات الحكومية الدينية تضم العديد ممن يتبنون الخطاب المتشدد والمتطرف، لكن السؤال ما هو سبب رفض البعض الخطاب الدينى الحكومى؟، هل لرفضهم الخطاب السياسى الحكومى؟، هل لأنهم شعروا بالظلم والتجاهل؟، هل هذه الجماعات تشكلت بسبب رفضهم للخطاب الدينى أم للخطاب السياسى؟، ولماذا بدأت هذه الجماعات فى شكل دعوى ثم تحولت لكيان سياسى معارض للخطابين الدينى والسياسى الحكومى؟، وما هى نوعية الشخصيات التى يمكن ضمها أو تجنيدها إلى صفوف الجماعات؟، وهل تختلف مبررات كل شخص فى تبنيه لفكر الجماعة حسب درجة تعليمه وثقافته؟، هل طموح المتعلم والمثقف فى تولى المناصب القيادية يجعله يضحى بأسرته وأولاده واستقراره من أجل تحقيق طموحه؟، هل من أجل الطموح الشخصى أم أنه يؤمن بالفعل بالخطاب الفقهى الخاص بالجماعة؟، هناك العديد من التحليلات لنشأة الجماعات الدينية المتشددة، البعض يرجعها إلى القهر السياسى، والبعض الآخر يرجعها للجهل بالشريعة، والبعض الثالث يعزوها إلى الطموح والسعى وراء المناصب، وهناك اتفاق على أن مؤسسى الجماعات مثل مؤسسى الأيديولوجيات والأحزاب، يفكرون ويخططون ويجندون الشخصيات التى يسهل قيادتها، شخصيات تؤمن وتنفذ ما يطلب منها اعتقادا بأن ما ينفذونه هو الحق ولصالح الوطن أو كتاب الله. وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية لتأسيس هذه الجماعات، يجب أن نعترف بأن السبب الرئيسى يعود للخطاب السياسى الحاكم ولأسلوب الحكم، وأيضا إلى الخطاب الدينى الحكومى، ويجب أن نتفق على أن القضاء على هذه الجماعات أو الحد من انتشارها، لن يقف عند العمل الشرطى، أو عند المواجهات العسكرية، وأن بعض هذه الجماعات وليس جميعها، تحتاج إلى حوار دينى ومراجعة فكرية حقيقية، لا تقوم على مواجهة فقهية بين المنتج الحكومى ومنتج الجماعة، بل يقام على أسس فكرية منطقية، ينطلق فيها من المسائل التى انتجتها الجماعة، ويتم مراجعتها على كتاب الله وسنة رسوله وفقه الصحابة، وأن يستعرض فى المناقشة جميع الشواهد التى اعتمدت عليها الجماعة. نجاح المراجعة الفكرية يتوقف على النية فى الحوار والمناقشة، فى موافقة قيادات الجماعة على الحوار، لذا نرى أن تحاول الحكومة من خلال بعض الشخصيات المستنيرة أن تفتح بابا للحوار والمراجعة، ليس خوفا ولا ضعفا بل حب فى حقن الدماء والمصادمات، بشرط ألا يقام حوار مع من سفك أو أحل دماء المصريين، ولا مع من دمر وخرب منشآت ومؤسسات المصريين. وأظن أن هذه المراجعة يجب أن تتم كذلك مع بعض العاملين فى المؤسسات الدينية الحكومية ممن يتبنون الفكر المتشدد أو المتخلف.