لم نعرف على وجه التحديد هل مصر ستشارك فى التحالف الأمريكي الأوروبي العربي لمحاربة داعش فى العراقوسوريا؟، وهل ستكون المشاركة بنقل جنود وعتاد أم بتسهيل مرور عتاد وطائرات أوروبية وأمريكية؟، بغض النظر عن القرار المصرى، وإن كنت ضد المشاركة بنقل جنود وعتاد، فيجب أن ننتبه جيدا إلى أن هذه الخطوة هى بداية للحد من عنف خطاب داعش الدينى وليس محطة النهاية، وأن عملية القضاء الحقيقية على هذه الجماعات وغيرها سوف يكون عن طريق الحوار، أو ما يسمى بالمراجعة الفكرية، ولكى يكتب لهذه المراجعة النجاح، على الحكومة أن تقيمها فى العلن وليس فى زنازين السجون المظلمة، فقد أثبتت الأيام عدم جدوى المراجعات التى أقيمت فى السنوات الماضية لأعضاء الجماعات المتطرفة، حيث اتخذها البعض وسيلة لاطلاق سراحه، والبعض الآخر لكى يشكل خطابا أكثر عنفا عما كان يتبناه فى السابق، والأحداث الأخيرة أكدت هذا جيدا، فقد قام بعض المطلق سراحهم بتشكيل مجموعات للقتل وسفك الدماء. قد تنجح العمليات العسكرية التى يقوم بها التحالف الدولى برئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية فى القضاء على أعداد كبيرة ممن يتبنون الخطاب التكفيرى الدموى، وقد تبيد الضربات العسكرية جميع المقاتلين الذين يحملون السلاح باسم الله ورسوله وكتابه، لكن هذه الجيوش وتلك الأسلحة لن تقضى على الفكر الذي يؤمن به البعض فى سوريا أو مصر أو العراق أو ليبيا أو السودان أو اليمن أو السعودية أو فلسطين أو مالى أو غيرها من البلدان الإسلامية، من هنا ننصح الحكومة بان تفتح الباب للمراجعات الفكرية، ويشترط فى اقامة هذه المراجعات العلانية، تتاح الفرصة كاملة لرموز وشباب هذه الجماعات والتيارات للتعبير عما يؤمنون به أو يعتقدون بصحته، وأن تنقل الحوارات على الفضائيات لكى يشاهدها الجميع، وننصح الحكومة أن تستعد جيدا لإجراء هذه المراجعات، بان تختار مجموعة كبيرة من الشخصيات التى تمتلك أدواتها الفكرية والإنسانية لإقامة الحوار، بأن تفرز بعض الشخصيات التى تمتلك فكرا وفقها وقدرة على الحوار من بين المتخصصين فى علوم الدين، بالطبع ليس جميع المتخصصين مؤهلين فكريا وعلميا، وليس جميع قيادات المؤسسات الدينية أيضا يمتلكون الفكر والثقافة المطلوبة. ونقترح أن تعكف مجموعة كبيرة من الباحثين على إعداد دراسات مستفيضة حول القضايا التى تتبناها الجماعات الدينية المختلفة، وتدفع هذه الدراسات إلى الشخصيات التي يقع عليها الاختيار لإجراء المراجعة الفكرية لرموز وشباب الجماعات الدينية المختلفة، لكى تساعدهم على الإجابة عن أية أسئلة قد تطرح فى السياق حتى لو كانت صغيرة أو هامشية. ونعيد ونكرر ما سبق ونصحنا به الحكومة، وهو أن تعيد النظر فى قرار إبعاد مشايخ التيار السلفى عن الخطابة والدروس، وعليها أن تفتح الباب أمامهم لكى نتعرف على فكرهم وخطابهم، ويتعرفوا هم كذلك على الرأي المخالف والمضاد لما يطرحونه، لا أعنى أن نترك المساجد لهم، ولا أن نتركهم يلونون خطب صلاة الجمعة بفكرهم، بل نرى أن نجعلهم يشاركون فى الخطابة تحت إشراف المؤسسات الدينية الحكومية، نسمح لهم بالخطابة فى المساجد التي تبتعد عن أنصارهم، لأنه من المستحيل أن نخصص لهم وأنصارهم مساجد يصلون ويخطبون فيها، كما نلزمهم بالخطابة ضمن الخطب الموحدة والابتعاد عن الإفتاء، بمعنى أن يخطب فى مسجد يرتاده غير السلفيين ويلتزم بموضوع الخطبة المقررة من المؤسسة الدينية الحكومية، ونرى كذلك أن نتيح لهم فرصة إلقاء الدروس، بشرط أن تكون معلنة ويحضرها الجميع من أبناء التيار أو غيره، وأن يسمح بالمناقشة والحوار، قد تنتهى الجلسات بمشادات أو بمشاجرات لكن فى النهاية سوف تعم الفائدة على الجميع وعلى البلاد.