صلاح يتحدث عن.. التتويج بالدوري الإنجليزي.. البقاء في ليفربول.. وفرص الفوز بالكرة الذهبية    الدستورية تلزم الشركات السياحية بزيادة رؤوس أموالها خلال مدة محددة    رئيس الوزراء: مصر لديها 14 مطورًا صناعيًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    النائبة عايدة نصيف: مشروع «الإيجار القديم» يهدد السلم الاجتماعي ويتعارض مع بعض المبادئ الدستورية    محافظ الجيزة: استلام 66 ألف طن قمح محلي بمراكز التوريد والتخزين    متحفا الحضارة والمصرى يشاركان للمرة الأولى فى مؤتمر التراخيص الآسيوى الدولى بهونج كونج    مصر تجدد رفض استخدام إسرائيل «سلاح التجويع» ضد سكان غزة    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تواصل تنفيذ أنشطة دعم المجتمع المدني.. صور    أمن المنافذ يضبط 45 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    خلال شهر.. تحرير 2054 محضرا خلال حملات تموينية بسوهاج    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة التحكيم    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    4 أركان و7 واجبات.. كل ما تريد معرفته عن سنن الحج    هيئة التأمين الصحي الشامل توقع اتفاقًا مع جامعة قناة السويس    الدستورية العليا: إجراءات تأديب القضاة ليست اتهامًا ولا تعوق المحاكمة    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    الآن.. جدول امتحانات الشهادة الإبتدائية الأزهرية 2025 آخر العام    أسعار البلح السيوي بمحلات وأسواق مطروح اليوم السبت 10- 5-2025.. تبدأ من 25 جنيها    الإحصاء :معدل التضخم الشهري 1.3% لشهر إبريل 2025    أنشأ محطة بث تليفزيوني.. سقوط عصابة القنوات المشفرة في المنوفية    «المشاط»: اللجنة المصرية السويسرية منصة لدفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين    في احتفالية يوم الطبيب المصري.. تكريم 31 طبيبًا وطبيبة من الأطباء المثاليين    بينهم سيدة.. الجيش الإسرائيلي يعتقل 8 فلسطينيين بالضفة الغربية    المتحف المصري بالتحرير ومتحف الحضارة يشاركان في مؤتمر التراخيص الآسيوي    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    بعد صراع مع المرض .. وفاة زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي والجنازة بعد ظهر اليوم    فيلم سيكو سيكو يقترب من حصد 166 مليون جنيه إيرادات    إيطاليا تطالب إسرائيل بإدخال المساعدات إلى غزة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    زلزال بقوة 5.3 درجة يهز عدة مناطق في باكستان (تفاصيل)    عاجل - لماذا استدعى العراق قواته من بكستان؟    القناة 12 العبرية: شركة ITA الإيطالية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى 19 مايو    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    حريق هائل في 5 منازل ببني سويف    رئيس الوزراء يتفقد مشروعي «رووتس» و«سكاي للموانيء» بمنطقة شرق بورسعيد    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    «رئيس الرعاية الصحية»: منصة وطنية للتشخيص عن بعد باستخدام الذكاء الاصطناعي قريبا    صرف مكافأة استثنائية للعاملين بمستشفيات جامعة القاهرة    بخطوات سهلة واقتصادية.. طريقة تحضير الناجتس    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    ثلاثية بصرية.. معرض يوثق الهوية البصرية للإسكندرية بأسبوع القاهرة للصورة    صحيفة عبرية: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    هل أصدرت الرابطة قرارا بتأجيل مباراة القمة 48 ساعة؟.. ناقد رياضي يكشف مفاجأة (فيديو)    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    الصحة: تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير الخدمات    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    السيطرة على حريق داخل عصارة عسل أسود بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعاً.. دولة العواجيز
الشباب.. رهان على المستقبل

شباب مصر.. طاقة مدمرة.. أم رهان على المستقبل؟ يلخص هذا السؤال إشكالية الشباب فى مصر طوال أكثر من 60 عاماً وتحديداً منذ قيام ثورة يوليو 1952 التى قام بعض الضباط الأحرار الشباب وكان رمزاً لها اللواء محمد نجيب، أول رئيس للجمهورية،
الذى حاول احتكار كل السلطات فى يديه فقام مجلس قيادة الثورة بإقصائه، ومع أن الشباب هم الطابع الغالب للسلطة الجديدة فى البلاد، إلا أن القضية الوطنية الاستقلال والانحياز للفقراء، العدالة الاجتماعية، كان هو الطابع الغالب عليها قبل أن تنغمس الثورة فى معارك سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى فى الداخل والخارج، ليصبح الشباب بعدها جزءاً من المعادلة السياسية عبر الاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى، ولكن سياسة عبدالناصر التى اعتمدت على أهل الثقة بدلاً من أهل الخبرة دفعت الكثير من الشباب إما إلى الانضمام للشيوعيين أو الإخوان أو الهجرة للخارج، وفى عهد السادات ومبارك زاد تهميش الشباب أكثر لصالح مافيا الفساد والقطط السمان، وأصبحت أحلام الشباب فى الزواج والمسكن مؤجلة إلى حين إشعار آخر، ودفع هذا قطاعات واسعة من الشباب إلى الانضمام للتنظيمات الإسلامية الراديكالية فانتشر الإرهاب على نطاق واسع فى عقدى الثمانينيات والتسعينيات، كما استمرت موجة هجرة الشباب إلى الخارج بعد تراجع انتمائهم إلى الوطن، ورغم أن ثورة 25 يناير كان عمادها الرئيسى الشباب حتى أنه أطلق عليها ثورة الشباب، إلا أنهم خرجوا خالى الوفاض بعد وصول الإخوان إلى الحكم، ثم عادوا إلى الأضواء مجدداً عقب تدشين حملة تمرد التى جمعت أكثر من 20 مليون توقيع مما ساهم فى الإطاحة بمرسى فى 30 يونية 2013.
مع وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم، داعبت الخيالات أحلام الشباب فى العودة إلى صدارة المشهد والمشاركة فى صناعة المستقبل، بعد أن طالب السيسى أكثر من مرة بضرورة إتاحة الفرصة للشباب، وتمكينهم من المعرفة والمهارات وتمثيلهم فى الأحزاب لخوض الانتخابات النيابية المقبلة آخر حلقات خارطة الطريق، لسحب البساط من الإخوان الذين يتاجرون بقضيتهم ولكى يشاركوا فى المشروعات القومية العملاقة بدلاً من الهجرة غير المشروعة للخارج والموت فى عرض البحر.
المشاركة فى انتخابات البرلمان تفرز الثقة
الديمقراطية والعدالة وبناء جمهورية جديدة.. أحلام مشروعة
عزل 60٪ من قوة المجتمع لا يحقق التنمية.. وإتاحة الفرص والتقدير مطالب عاجلة
تعد المشاركة السياسية للشباب من أهم القضايا المثارة فى مجتمعنا اليوم، وانطلاقاً من قناعة الأحزاب السياسية بدور الحركة الشبابية يجب تلبية احتياجات الشباب وتغيير الواقع عبر التدريب والتطوير لتمكين الشباب من اكتساب المعرفة والمهارات الفكرية والعملية، مما يساهم فى إرساء البناء المؤسسى للدولة على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة.
المشاركة السياسية للشباب الآن لها أولوية متزايدة، بعد دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى ضرورة انخراط الشباب فى العمل الوطنى لتوعيتهم وزيادة الثقة بينهم ورجال السياسة وصقل شخصيتهم والعمل بروح الفريق الواحد، وهذا كله يتطلب توافر الإرادة السياسية الحقيقية لدى الشباب للاشتراك الفعلى فى العمل السياسى والقدرة على التعبير عن آرائهم ومصالحهم واتخاذ القرار لزيادة مهاراتهم والوصول إلى المجالس النيابية، خاصة أن الشباب فى مصر يمثلون ما يزيد على 60% من إجمالى عدد السكان.
الدكتورة كاميليا شكرى، خبيرة التنمية البشرية بالأمم المتحدة، عميد معهد الدراسات السياسية، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، تؤكد أهمية المشاركة السياسية للشباب باعتبارها معياراً لنمو النظام السياسى ومؤشراً على تحقيق الديمقراطية وهى وسيلة فعالة لتنمية المجتمع، وتدعم دور الحكومة.
وأضافت: حزب الوفد يخوض انتخابات مجلس النواب مع أى حزب مخلص للوطن، وهو بذلك يتيح فرصة كبيرة لمشاركة الشباب فى الحياة السياسية والحزبية، باعتبارها ضرورة ملحة، خاصة أن الشباب فى مصر يمثلون نحو 69% من إجمالى عدد السكان، وذلك بغرض تدريبهم وتنمية قدراتهم على العمل السياسى، وهذا يؤدى إلى صقل الشخصية المصرية للشاب والشابة وتقبلهم للآخر، وتزيد من قدرات الشباب على العمل بروح الفريق الواحد، بما يتيح آفاقاً أوسع لإثبات الكفاءة والتميز والقدرة على العطاء والمشاركة فى العمل العام لتقلد المناصب القيادية بالدولة.
وأرجعت أسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية لقلة الوعى السياسى وضعف الثقافة السياسية وفقدان القدرة على الحلم بالمستقبل.
الشباب.. ثروة
كمال زاخر، المفكر القبطى، يطالب بترجمة حراك الشباب باتجاه الأحزاب المدنية مشاركة وتفعيلاً، خاصة بعد اجتياز مضيق الفطام الثورى، لأن الحقوق لا توهب. مستشهداً بتجارب بعض الدول المتقدمة التى تتركز مواردها بالأساس فى ثرواتها البشرية ومنها اليابان والصين وماليزيا.
وأوضح أن إعطاء الشباب الأهمية الكافية، يتم عن طريق دعوتهم للانخراط فى الحياة السياسية وأخذ زمام المبادرة بالقيد فى الجداول الانتخابية لقطع الطريق أمام الذين يستغلون ذلك. مطالباً الأحزاب السياسية بالاهتمام بالشباب وإدماج قضاياهم فى برامجها السياسية، للمساهمة فى عملية البناء الشامل للمجتمع، لأنه لا وجود للتنمية أو الاستقرار السياسى فى مجتمع يعزل الشباب، تلك الطاقات المعطلة والجهود التى أثبتت أنها قادرة على حمل المسئولية.
الدكتور أحمد يحيى عبدالحميد، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة السويس، مدير معهد إعداد القادة سابقاً، يذكر أن المشاركة السياسية مفهوم سياسى له أبعاد اجتماعية، حيث يتعلم الفرد أن يكون عضواً فاعلاً فى المجتمع الذى يحيط به، وهذه العملية التى تقوم بها وسائل التنشئة الاجتماعية كالأسرة والمدرسة وجماعة الأصدقاء ودور العبادة.. هى التى تحمل قيماً ذات صبغة سياسية منها إبداء الرأى واحترام حق الاختلاف والمشاركة فى الحوار والانتخابات بالترشيح أو الانتخاب وهى بالقطع ضرورة لنهضة وتقدم أى مجتمع، ويمكن القول إن المشاركة السياسية للشباب هى العنصر الأساسى الحاكم لكل قضية سياسية يمكن أن تناقش فى المجتمعات الديمقراطية، وعلى سبيل المثال يوجد فى الأمم المتحدة (اليونيسكو) لافتة كبيرة مكتوب عليها «لا تنمية بلا مشاركة» ونفهم من هذا أن التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. وغيرها، لا تتم إلا بمشاركة الشباب. مشيراً إلى أن المشاركة السياسية لها وجهان: الأول هو إيجابى ويعنى فهم أهمية المشاركة السياسية والتعامل معها، الآخر سلبى عبر عزوف الشباب عنها، ويرجع أسباب هذا العزوف إلى عدة عوامل أهمها عدم المصداقية وعدم مشاركة الشباب فى القرار السياسى ووجود قوى مضادة للشباب فى المجتمع وعدم تحقيق أهدافه وعدم وضوح الرؤية ومحاولة البعض سرقة العملية السياسية لصالحهم والسطو عليها.
وأضاف: من المؤكد أن الشباب هم العنصر الأساسى فى علاج أى قضية سياسية بحيث تعالج بالوضوح والشفافية والمصداقية، الأمر الذى يتطلب بناء جسور الثقة بينهم وبين القيادات السياسية والحزبية، فى ظل إيمان الطرفين بالثورة وخارطة الطريق وأهدافها، حتى يمكن أن تكون المشاركة إيجابية وليست سلبية فى هذه المرحلة المهمة فى التاريخ المصرى. مرجعاً غياب دور الشباب فى العملية السياسية لعدة أسباب تتلخص فى انعدام الخبرة وغياب الرؤية وعدم وجود قيادة توجه أفعالهم. وبلا شك بعض شباب الثورة أساء فهم المرحلة وخطورتها والديمقراطية وممارستها، كما أساء إلى فهم الحرية ومسئولياتها، بمحاولتهم استغلال واستثمار الثورة للوصول إلى أهدافهم ومصالحهم الخاصة دون النظر إلى الواقع السياسى الجديد أو تقدير المرحلة الاستثنائية التى تمر بها مصر.
إرادة سياسية
الدكتور هيثم الخطيب، عضو حزب الدستور، المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة، قال: إن الحديث عن الانتخابات البرلمانية مازال مبكراً، خاصة أنه لم يحدد بعد شكل الانتخابات المقبلة.
ويدعو إلى توافر الإرادة السياسية الحقيقية لدى الدولة لإشراك عدد كبير من شباب الثورة بشكل فعلى داخل تحالف شبابى أو الانضمام لقوائم الأحزاب بما يضمن الفوز ببعض مقاعد المجلس التشريعى، واتخاذ القرار، وتقوية العلاقات بين الحكومة الحالية والشباب، وإيجاد جسر من التفاهم والتواصل بينهما، وعلى مستوى المجتمع المدنى يجب توافر رؤية شاملة لقضايا الشباب وإقرار الديمقراطية داخل التنظيمات ودعم القطاعات الشبابية.
وأوضح أن قوى الثورة لم تحدد بعد موقفها من الانتخابات المقبلة. وخوض الانتخابات يحتاج إلى دعم مادى، وهذا ما يفتقده الشباب، وسيظل الشباب يركزون جهودهم على التواصل والالتحام بالشارع فى مشاكله وهمومه والمطالبة بحقوقه، والجميع يقدر دعوات الرئيس عبدالفتاح السيسى المستمرة بمشاركة الشباب فى العمل السياسى.
وأكد أن البرلمان القادم سيمثل، الفلول والإخوان، وتضعف فيه فرص تمثيل الشباب، خاصة أن إمكانياتهم المالية محدودة وظروفهم سيئة للغاية، وهو لم يسمح بتشكيل تكتل شبابى واسع يضمن وصولهم إلى البرلمان، موضحاً أن تأخر إصدار قانون الدوائر الانتخابية يربك المشهد السياسى بالنسبة للانتخابات البرلمانية، وأن خريطة التحالفات الانتخابية الحالية دخلت مرحلة الحسم وحان وقت إعلانها، وإن كان معظمها يعانى الانقسام والتفكك وعدم وضوح الرؤية، مما يجعل تلك التحالفات تتعثر ويكون الفشل نتيجتها المؤكدة.
وتابع: الشباب قادر ويستطيع الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة، لذا تتجه الأحزاب الصغيرة لما بين الاندماج أو تكوين تحالفات انتخابية واسعة لتوحيد الأصوات ولضمان كسب قاعدة شبابية أكبر فى البرلمان القادم.
عبداللطيف أبوهميلة، منسق التيار الشعبى بمحافظتى القاهرة والجيزة، يقول: الشباب بحاجة إلى من يشعرهم بالأمان والانتماء والنجاح والتقدير، وإلى من يعطيهم الفرصة الحقيقية للمشاركة السياسية والحزبية، ويمتدح الإنجازات التى يقومون بها وحل مشكلاتهم وتلبية احتياجاتهم، بما ينعكس بصورة إيجابية على مشاركتهم فى كل قضايا المجتمع، ويشجعهم على الانخراط فى العمل الوطنى.
وأضاف: المصريون مازالوا يدركون حلمهم فى بناء جمهورية جديدة تحقق لهم ما يتطلعون إليه من سيادة الديمقراطية وقيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية والاستقرار.
تجار الدين استغلوا تقصير الدولة
الإرهاب والهجرة والانتحار.. بدائل مخيفة
كمال الإسلامبولى: فقدان الانتماء أخطر شىء.. د. أحمد يحيى: الإخوان يستغلون ضعف الشباب
تركنا الشباب سنوات طويلة يعانون من الإهمال والتهميش فضلاً عن الفقر والبطالة فسقط بعضهم فريسة للإخوان وانضموا إلى صفوفهم بسبب سخطهم الشديد على المجتمع، وفكر البعض الآخر فى الهجرة إلى الخارج آملين فى مستقبل أفضل، وهناك من تملكه اليأس وحاول الانتحار بعد أن فقد الأمل فى حياة كريمة.. هؤلاء فقدوا انتماءهم للوطن وشعروا بأن مبادئ الثورة «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» لم تتحقق.
طالعتنا الصحف منذ فترة بخبر انتحار سائق شنقاً فى لوحة إعلانات بسبب مروره بضائقة مالية حيث كان يعمل سائقاً فى شركة نقل بمنطقة العبور وراتبه الشهرى 1200 جنيه ولا يكفى هذا لتلبية طلبات أسرته وأولاده المدرسية.. هذا السائق قرر أن ينهى حياته فى لحظة ضعف دون أن يفكر فى تغيير واقعه.
وبعض الشباب وقع فريسة سهلة فى أيدى الإخوان، فالأجيال الحديثة التى ولدت فى عهد مبارك لم تجد أثراً للدولة، فلا مكان لهم فى مدرسة حكومية بعد أن تحولت إلى مخازن تعجز إمكانياتها المحدودة عن استيعابهم، وبالتالى يضطر الأب المغلوب على أمره لإلحاق ابنه بمدرسة خاصة فى متناول دخله الهزيل.. وإذا نظرنا إلى الرعاية الاجتماعية والشبابية فى عصر مبارك، سنجد استيلاء المحاسيب على الأراضى الفضاء وتحول مراكز الشباب لمقاهى وأوكار للرذيلة والإدمان مما حرم الشباب من أبناء الطبقات الفقيرة من ممارسة الرياضة أو أية هوايات ثقافية أو اجتماعية تخرج طاقاتهم ويعبرون من خلالها عما بداخلهم من أحلام وآمال للمستقبل.
هذا التقصير من جانب الدولة ترك الشباب فريسة لتجار الدين والمتطرفين، باختصار هذا الفراغ الحكومى الذى مارسه نظام مبارك أعطى الفرصة للجماعات والتنظيمات المتطرفة، فسيطروا على فكر الشباب من خلال وضع أيديهم على الجمعيات الأهلية والمساجد وفصول التقوية والعيادات بالمناطق الفقيرة وقدموا من خلالها الخدمات، نيابة عن الدولة، بأجور زهيدة أو بالمجان، وبعد سقوط الإخوان تحولت تلك الجمعيات لتمويل الحشد فى المظاهرات المؤيدة لمرسى والمطالبة بعودة الشرعية.
يقول المستشار كمال الإسلامبولى، رئيس المجلس الوطنى المصرى، عضو مجلس أمناء التيار الشعبى: أيام مبارك غابت التنشئة السليمة مما جعل الشباب يرتمون فى حضن الإخوان، نظراً لعدم وجود مشاركة واضحة للشباب سياسياً وثقافياً مما أفقدهم الشعور بهويتهم وانتمائهم بل وقيمتهم داخل المجتمع الذى يعيشون فيه، لذا كان من الضرورى إيجاد فرص عمل تتبنى برامج تنموية تمتص العدد الكبير من خريجى الجامعات، باختصار يجب إعطاء أمل جديد للشباب حتى لا يفكروا فى الهجرة أو يتملكهم اليأس من تحقيق آمالهم.
ولا يخفى على أحد استغلال الإخوان لكل ما يمر به الشباب من إحباطات هذا ما أكده د. أحمد يحيى، أستاذ الاجتماع السياسى، بقوله: إن الإخوان يدركون جيداً نقاط ضعف كل شاب، لذا يقومون بتزيين أعمالهم الإرهابية ويمارسون سياسة الإقناع لتبرير ما يقومون به من إرهاب.. وقد يتعاطف معهم بعض الشباب وينضمون إلى صفوفهم معلنين رفضهم لسياسات المجتمع طامعين فى أن يكون لهم دور مهم عند انضمامهم لتلك الجماعة، باختصار ضعف الانتماء وتشوش الهوية الوطنية لدى جيل الشباب جعلهم فريسة سهلة فى أيدى الإخوان.
تخصيص 50٪ من المجالس المتخصصة لهم
الشباب.. طاقة بلا حدود
«مبارك» و«مرسى» اعتمدا على أهل الثقة.. و«السيسى» يراهن عليهم.. وخبراء: الكفاءة أولاًأكدت مشاركة السيسى فى حفل تكريم أوائل الجامعات المصرية بجامعة القاهرة، ثم قرار محلب، رئيس الوزراء، بتفويض الوزراء باختيار 4 معاونين من الشباب فى الوزارات، أن الرئيس بصدد تحويل مصر إلى دولة شابة من خلال اعتماده على طاقة الشباب بديلاً لدولة «العواجيز» التى اعتدنا عليها.
باختصار المجال أصبح متسعاً الآن لاختيار الكفاءات وخلق قيادات جديدة ليصبحوا هم قادة المستقبل.
إذا عدنا إلى الوراء سنجد أنه بالرغم من اختلاف الاتجاهات بين نظام مرسى ونظام مبارك، إلا أن عاملاً مشتركاً ظل يربط النظامين، فكلاهما رفع شعار «أهل الثقة» فى تعيين مرؤوسيهم، وكان هذا سبباً فى خراب البلد وإهدار حقوق المواطنين، فنظام مبارك كان قائماً على طريقة أهل المصالح أو جمعية المنتفعين القائمة على النهب والسلب ولا يخرج عن إطار الأسرة الحاكمة، أما نظام مرسى فانغلق على جماعة الإخوان والمتحالفين معهم دون النظر إلى أهل الكفاءة.
كل هذا أدى إلى تهميش قطاع كبير من الشباب وانصرافهم بعد ذلك عن المشاركة السياسية لشعورهم بأن هناك اتجاهاً فى الدولة لتقليص دورهم.
ثم جاء «السيسى» ليغير تلك المفاهيم الخاطئة، فأعلن تخصيص نسبة 50٪ للشباب فى المجالس المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية بهدف مشاركتهم فى بناء مصر والمشروعات العملاقة التى يجرى تشييدها حالياً، وذلك خلال مشاركته فى حفل تكريم أوائل الجامعات المصرية الذى أقيم بجامعة القاهرة منذ عدة أيام، ويعد هذا بمثابة خطوة إيجابية تدل على دعم الدولة للشباب فى المرحلة المقبلة. ومن جانبه، شدد وزير الشباب على وجود برامج وخطط واضحة لزيادة المشاركة السياسية للشباب فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، واختيار نواب الشعب ليمثلوهم تحت قبة البرلمان، إضافة إلى تنمية الوعى والثقافة والاهتمام بالرياضة، هذا وقد قرر وزير الشباب تعيين 6 من الشباب لشغل وظيفة معاون وزير تطبيقاً لقرار رئيس الوزراء بشأن اختيار معاونين لجميع الوزراء.
الاهتمام بالشباب
ومن ناحية أخرى، قال إبراهيم محلب، رئيس الوزراء: إن خطوة اختيار معاونين للوزراء من الشباب جاءت تأكيداً عملياً على اهتمام الدولة بالشباب ورعايتهم وتأهيلهم لتولى المناصب القيادية ولثقة الدولة فى قدرتهم على اكتساب المهارات والمشاركة بفاعلية فى نهضة الوطن.
وأكبر دليل على أن «السيسى» يريد تغييراً حقيقياً يشارك فيه كل فئات المجتمع وعلى رأسهم الشباب هو لقاؤه بعدد من شباب مبادرة «فكرتى» التى تستهدف إدارة الأفكار الإبداعية، اعتماداً على الكفاءة وقابلية التنفيذ على أرض الواقع، وكان ذلك بحضور وزراء التربية والتعليم والشباب والرياضة والتعليم العالى والبحث العلمى، فضلاً عن رئيس المركز القومى للبحوث ورئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا ونائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفنى والتدريب، باختصار كان هدف «السيسى» من اللقاء تشجيع العقول المصرية المبتكرة وتفعيل دور الشباب المصرى ليس فقط على مستوى المشاركة السياسية ولكن أيضاً للارتقاء بالوطن.
المهم الكفاءة
يقول حسين عبدالرازق، عضو مجلس رئاسة حزب التجمع: إن مسألة أهل الثقة وأهل الخبرة يتم حسمها عندما تصبح هناك ديمقراطية مكتملة ويتم التحول إلى مجتمع ديمقراطى بشكل كامل وفى هذه الحالة ستتراجع الواسطة والمحسوبية وستنتهى مسألة أهل الثقة لأنه سيكون هناك برلمان منتخب بنزاهة وكذلك صحافة تتمتع بالحرية وتستطيع أن تساهم فى كشف الفساد.
أما الأهم من ذلك فهو أن الشعب نفسه أصبح على قدر من اليقظة والوعى لمحاسبة من يخطئ.. فبعد قيام ثورتين، تغيرت مفاهيم كثيرة وأصبح الشعب المصرى يمثل قوة ضاغطة لا يستطيع أحد تجاهلها، أما بالنسبة لمسألة اختيار الشباب الآن لتولى المناصب، فهذا أمر إيجابى ولكن ينبغى لمن يتولى أى منصب قيادى، أن تكون لديه الخبرة والموهبة اللازمة سواء كان صغير أو كبير السن، فالمقياس الكفاءة، ولا شك أن مسألة تعيين معاونين للوزراء من الشباب هدفه تأهيلهم لتولى مناصب قيادية بعد ذلك، والمهم أن تكون تلك المناصب السياسية بالانتخاب.
تواصل الأجيال
يقول فاروق العشرى، عضو المكتب السياسى، أمين التثقيف بالحزب الناصرى: لا شك أن هناك توجهاً عاماً للدولة يهدف إلى إعطاء اهتمام حقيقى للشباب وليس ظاهرياً فقط، وهذا فى حد ذاته أمر إيجابى ولكن يجب تنفيذه بطريقة دقيقة حتى لا يحدث أى خلل فى مرافق الدولة مع التيسير للشباب فى نفس الوقت، وهذا يتطلب القيام بتدريبهم واكتسابهم للمهارات مع إعطاء الوقت الكافى لذلك قبل توليهم للمناصب المهمة، للتأكد من صلاحيتهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات، إذن يجب فى البداية الاهتمام بتنمية مهارات الشباب من أجل الحصول على كفاءات فنية وإدارية وعلمية سلمية قادرة على تبوؤ المسئولية مع عمل نوع من المواءمة بين القيادات الشابة الجديدة وإتاحة الفرصة لها وفى الوقت نفسه الحرص على اختيار الكفاءات الموجودة بالفعل حتى لا يحدث نوع من التضارب فى مواقع العمل من أجل تواصل الأجيال وليس صراع الأجيال.
أرقام مخيفة
72٪ من الشباب يهتمون بالمحمول وكرة القدم والمتعة
60٪ لا يشاركون سياسياً.. و50٪ مدخنون.. 40٪ أميون.. 27٪ فقراء الإبحار فى دنيا أرقام الشباب له مذاقه الخاص جداً.. فكثير من مشاهير التاريخ حققوا معجزات وهم لايزالون فى سن الشباب.. على سبيل المثال نابليون بونابرت احتل مصر وهو لم يتخط 27 عاماً.. وخالد بن الوليد البطل العربى قاد جيوش المسلمين وهزم الفرس والروم أكبر إمبراطوريتين - آنذاك - وهو فى الثلاثينيات من عمره.. والرئيس الأسبق جمال عبدالناصر حكم مصر وعمره لم يتجاوز 38 عاماً.. والشاعر العباسى «أبوتمام» مات فى سن الأربعين فقط.. ومع ذلك يعتبر أحد أهم شعراء العرب كذلك الشاعر أبوفراس الحمدانى مات وعمره «37 سنة» ومع ذلك كان من أشهر وأفضل الشعراء حتى الآن..
وابن المقفع الكاتب والمترجم الشهير فى العصر الأموى والعباسى مات وعمره 36 سنة فقط.. ورغم ذلك استطاع تأليف وترجمة عدد من الكتب الكبيرة والتى لاتزال متداولة.. مثل كتابه الشهير «كليلة ودمنة».. والأدب الكبير.. والأدب الصغير.. وغير ذلك من الكتب.
والعالم الفيزيائى والرياضى الإيطالى «تورشيللى» مات وعمره «39 سنة» فقط.. ومع ذلك استطاع اختراع جهاز «البارومتر» وهو جهاز يقيس الضغط الجوى.. كما أدخل تعديلات على جهاز الميكروسكوب..
والرسام الهولندى الشهير «فان جوخ» مات وعمره «37 سنة» فقط، ومع ذلك يعد أحد أفضل الرسامين عبر التاريخ.. وتقدّر لوحاته بملايين الدولارات.. واستطاع أن يرسم أكثر من 2000 لوحة.
فى مقابل هذه الأرقام التى تبعث على التفاؤل نجد الأرقام الخاصة بشباب مصر تثير الرثاء.. ففى مصر 45 مليون شاب يشكلون أكثر من نصف سكان مصر تقريباً.
وحسب بيانات الجهاز المركزى للإحصاء فإن نسبة الشباب فى الفئة العمرية 18 - 29 وصلت الى 23٫7% من السكان أى حوالى 20 مليون نسمة.. ونسبة الشباب فى قوة العمل بلغت 53% من إجمالى قوة العمل فى مصر أما نسبة الشباب العاطلين فتبلغ 29%.
وتقول الأرقام الرسمية أيضاً إن الشباب مستخدمى الحاسب الآلى بلغ 4 أشخاص من بين كل 10 أشخاص.. ونسبة الشباب الفقراء فى الفئة العمرية 18 - 29 سنة بلغت 27٫8%.. ونسبة الشباب المتزوجين بلغت65٫7% فى الفئة العمرية 18 - 29 سنة كما بلغت نسبة الشباب مستخدمى شبكة الإنترنت 32٫4% ووصلت نسبة الشباب مستخدمى المحمول 92٫4% وبلغت نسبة الشباب المدخنين نسبة 25٫4% من إجمالى المدخنين فى مصر.. وهو ما يعنى أن نصف شباب مصر مدخنون.
والمثير للحزن أن عدداً كبيراً من شباب مصر غير متعلم.. فكانت نسبة الأميين من الشباب عام 1986 «60%» لكنها انخفضت إلى أقل من 30% عام 2006. وارتفعت إلى 40٪ نهاية عام 2013.
وحسب دراسات مسحية فإن 72% من الشباب ينحصر اهتمامهم فى كرة القدم والتليفون المحمول والفضول الجنسى.. أما المشاركة السياسية فيرون أنها عديمة الجدوى وغير قادرة على إحداث فرق بالنسبة لمشاكلهم العاجلة أو التصدى لهمومهم فى نهاية عام 2010 ولكن تغيرت النسبة بعد ثورتى 25 يناير و30 يونية فبلغت نسبة المشاركة السياسية من الشباب 40%.
وتتواصل المآسى مع الأرقام الشبابية فنصطدم بأن خريجى الجامعة يمثلون نحو 90% من المتعطلين... و27% من الشباب المصريين بين الفئة العمرية 18 إلى «29 سنة» لم يستكملوا تعليمهم الأساسى فى نهاية عام 2010 وارتفعت النسبة إلى 30% فى نهاية 2013.
نصف أعضاء الوفد من الشباب
2016.. سيناريو البناء أو الفوضى
الوظيفة والشقة والزواج هواجس مشتركة.. وشباب السلفيين القوة الأكبر بين الإسلاميين
شباب الوفد الحالى لم يسبق له مثيل، فلم يشهد جيل من أجيال الشباب على مدى التاريخ المصرى ما شهده كل من هم تحت الأربعين حالياً.. بعضهم ما إن بدأت مداركهم تتفهم ما يجرى حولهم، اكتشفوا أن بلادهم فى الثلاجة والآخرون عندما تفتحت عيونهم على الحياة وجدوا بلادهم مرتعاً للفساد وغنيمة للمفسدين.. وما بين الثلاجة والفساد بدأ شباب مصر الحالى خطواته الأولى فى الحياة..
أغلب خبراء الاجتماع حددوا سن الشباب ما بين 18 و40 عاماً ومعنى ذلك أن شباب مصر الحالى مولود خلال الفترة من 1974 حتى 1996 وهى فترة كان أهم ملامحها على حد وصف - الخبير الاجتماعى الدكتور أحمد كمال - ثلاجة التجميد التى دخلتها مصر بعدما تخيل مسئولها الأول أن خير طريقة تضمن له البقاء فى السلطة مادام قلبه ينبض هو أن تظل كل الامور على حالها، وأن تبقى البلد كلها فى حالة حراك فى المحل او «محلك سر» فلا هى تقف فتستريح ولا هى تتقدم خطوة واحدة للأمام.
وإدخال البلاد فى ثلاجة يتطلب أموراً كثيرة فى بدايتها تغييب الشباب وشغله بأمور هامشية وتافهة حتى لا يفكر - مجرد تفكير - فى السياسة.. وتولى إعلام مبارك هذا الدور فوضعوا فى طريق الشباب التحرش الجنسى والإدمان والانحراف الأخلاقى والبلطجة وكانت النتيجة هو غرق البعض فى «الهلس» وانزواء البعض الآخر بعيداً عن الجميع والاكتفاء بالحياة الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعى بينما فضل آخرون الانضمام إلى الجماعات الدينية على أمل أن يجد عندها السكينة والأمل.
عهد جديد
وكانت المفاجأة أن الثورة انطلقت ضد نظام مبارك من موضع أمنه.. من شبكات التواصل الاجتماعى الذى سعد به نظام مبارك واعتبره أداة من أدوات التغييب وتسلية الشباب.. ويقول الدكتور أحمد كمال، مدير مركز الدراسات الاجتماعية: «انفجرت ثورة يناير كالبركان وشارك فيها كل المصريين وكان فى القلب منهم الشباب ولهذا تخيلوا أنهم على مشارف عهد جديد، فلما انقضت الشهور فوجئوا بأن الإخوان قد خطفوا مصر وحاولوا الاستئثار بكل خيراتها وحدهم، تماماً كما كان يفعل مبارك ولهذا انفجرت موجة ثانية من الثورة فى 30 يونيو 2013 فأسقطت الإخوان وبعدها كانت المفاجأة التى لم تشهدها مصر من قبل وهى أن وحدة المصريين تكسرت وتحولت إلى ما يشبه قطع الزجاج الذى يمزق كل من يقترب منه».
ولأول مرة - يواصل الدكتور أحمد كمال - نجد بين المصريين من يستحل دم أخيه المصرى ويستحل قتل معارضيه من المصريين ويستهدف قتل رجال الجيش والشرطة ويستحل نسف وحرق وتخريب المنشآت ووصل الشطط ببعضهم لدرجة أنهم أعلنوا صراحة أنهم يحبون دولاً خارجية أكثر من حبهم لوطنهم.
وكان لهذه التغيرات المتسارعة وغير المسبوقة انعكاس كبير على شباب مصر.. أهمها كما يقول الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، حدوث خلل فى الأسرة المصرية، الأمر الذى غير من شكل العلاقات الأسرية والاجتماعية حيث اهتزت بعض القيم والمبادئ لدى الشباب وظهرت هموم ومشكلات منها الفراغ التربوى فصارت العلاقات بين الأسرة الواحدة فى الغالب علاقة جوار وقتى عند النوم، وأحياناً عند الطعام، وانضمت هذه الأزمة إلى قائمة طويلة من الأزمات التى يعانى منها الشباب وعلى رأسها البطالة التى يعانى منها أكثر من 30% من الشباب القادرين على العمل ويبحثون عنه، إلا أنهم لا يجدونه وهو ما يصيبهم بحالة من عدم التوافق النفسى والاجتماعى، بخلاف اضطرابات نفسية وشخصية، تجعل كل العاطلين يشعرون بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة، مما يؤدى إلى اعتلال فى الصحة النفسية لديهم، كما أنهم يتعرضون للضغوط النفسية أكثر من غيرهم بسبب معاناتهم من الضائقة المالية التى تنتج عن البطالة.
بحر الجرائم
ويواصل الدكتور عادل عامر: دفعت البطالة الكثيرين للسقوط فى بحر الجرائم وهو ما يجعل 27% من المتورطين فى جرائم سرقة هم من الشباب العاطل وحسب دراسة أمريكية فإن ارتفاع البطالة بنسبة 1% يؤدى إلى ارتفاع نسبة جرائم القتل ب 6.7%، وجرائم العنف بنسبة 3.4% بخلاف الإدمان فالمؤسف أن أكثر الفئات العمرية تعاطياً للمخدرات هم الشباب، وهم الطاقة البشرية، وهم الثروة الحقيقية داخل أى مجتمع، ويحدث الإدمان نظراً لأفكار ومعتقدات خاطئة.
ويؤكد الدكتور عادل عامر أن شباب مصر حالياً ينقسم إلى 3 فئات:
النوع الأول: شباب يحلم بمستقبل مزدهر وعالم كله ورود وحياة مملوءة بالسعادة ومكانة اجتماعية مرموقة وحالة اقتصادية لا يدنو منها غيره، لكنه يعيش فى واقع أليم فهو لا يحمل شهادات علمية ولا يحمل أى صفات اجتماعية أو اقتصادية تؤهله لهذا الحلم الرومانسى، ومن هنا يحدث تصادم بين الواقع والخيال ومع ذلك يصدق الخيال ويكذب الواقع، ويصف المجتمع بالظلم وبأن حقه مهضوم، وربما إذا سألته عن أحواله لقال لك (إننى مثل الشمعة تضىء لغيرها وتحرق نفسها). وربما إذا سألته عما قدم للمجتمع أو لنفسه لا يدرك هذا المعنى ولكن ما هى إلا عبارات اعتاد عليها اللسان (نحن مظلومون – نحن غرباء فى بلادنا – نحن الفئة المسكينة – نحن.. نحن.. وغيرها من العبارات).
النوع الثانى: الشباب الاعتمادى على الآخرين: هم فئة من الشباب تحتاج إلى تلقى الرعاية دائماً من الوالدين والتعلق بهما والالتصاق بالآخرين والخوف الشديد من الانفصال وصعبة فى اتخاذ القرارات، وإلقاء مسئولية أعماله والأشياء التى تخصه على الآخرين والافتقار إلى الثقة بالنفس والانشغال غير الواقعى بالخوف من غياب مساندة الآخرين وأن تترك له مسئولية الاعتناء بنفسه أو تحمل المسئولية.
اما النوع الثالث من الشباب فهم الشباب الحقيقيون والذين يشرفون المجتمع: هم الفئة التى يشرف بها المجتمع وكل من يتعامل معهم، شباب يعرف دوره ومسئولياته، دائماً يبحث عن ذاته محاولاً تفجير طاقاته العلمية ليضع بصمة فى طريق مستقبل منير، يواجه الصعوبات ليكتشف فيها اليسر، يبحث عن المجهول، وينادى فى محرابه بأن ليس هناك شىء مستحيل أمام العمل والطموح ولكن الكثيرين من هؤلاء تسرب له اليأس بعدما رأى حوله ان ثورتين فى مصر لم تحققا للشباب الا النذر اليسير.
وفى ذات الاتجاه يؤكد طارق تهامى، مساعد رئيس الوفد لشئون الشباب، أن اهتمامات الشباب فى مصر ليست واحدة.. ويقول: «حوالى 80% من الشباب لا يهتم بالسياسة وأزمات هؤلاء تختلف كثيراً عن أزمات ال20% من الشباب المهتم بالسياسة».
ويضيف «الشباب غير السياسى تنحصر مشاكله وأحلامه بالترتيب فى البطالة والحالة الاقتصادية والسكن والزواج وبعد ذلك يمكن ان يفكر فى أداء السياسيين.. أما السياسيون من الشباب فهمهم الحرية والديمقراطية ويؤمنون بأن التغيير إلى الأفضل يبدأ بتحقيق الديمقراطية والحرية».
وأكد «تهامى» أن الشباب المهتمين بالسياسة موزعون بالتساوى بين 3 توجهات وهى الليبرالية واليسارية والإسلامية.. ويقول «الرصد الدقيق لحالة الشباب المصرى يكشف أن 50% من شباب الإسلاميين هم من السلفيين و30% إخوان أى أنهم حوالى 1٫8% من شباب مصر والباقى موزعون بين الجماعات الاسلامية الأخرى».
وأضاف: «داعش بدأت منذ فترة اصطياد شباب مصرى للانضمام إليه ولكنها حتى الآن لم تفلح سوى فى ضم العشرات فقط».
واكد مساعد رئيس حزب الوفد لشئون الشباب أن مقولة عزوف الشباب عن الانضمام للأحزاب مقولة خاطئة مدللاً على ذلك بأن نصف أعضاء حزب الوفد الآن هم من الشباب.
وقال «صار واضحاً أن أغلب شباب مصر حالياً فى حالة ترقب لما ستسفر عنه سياسات الحكومة.. فإذا تحسنت الأحوال فإنه سيشارك بقوة فى العمل العام وفى بناء وطنه أما إذا وجد غير ذلك فستدخل البلاد فى فوضى عارمة من جديد».
وتوقع «تهامى» أن تستمر حالة الترقب هذه حتى منتصف 2016 وبعدها سيكون لكل حدث حديث وهذا أمر يجب أن تدركه الحكومة الحالية جيداً.. وأضاف: «شباب الإخوان بدأ يفقد الأمل فى إعادة «مرسى» إلى الحكم وتسرب له اليأس ولهذا انخفضت أعداد المتظاهرين الإخوان بشكل حاد ولكن على الحكومة ألا تركن إلى الراحة وتظن أن الشباب راض وقانع فالشباب فى حالة ترقب وعلى الحكومة أن تفتح أمامه أبواب الأمل فى غد أفضل اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.