المالية: 12.7 مليار جنيه حصيلة مستهدفة من رسوم وضرائب السيارات للعام المالي المقبل    هالة السعيد: خطة التنمية الجديدة تحقق مستهدفات رؤية مصر 2030 المُحدّثة    متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية: نمضي قدما في عملية استهداف حماس في رفح    هالاند خارج حسابات مانشستر سيتي أمام برايتون    التشكيل الرسمي لمباراة طلائع الجيش وإنبي في الدوري الممتاز    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    غدا.. أمسية فلكية في متحف الطفل    "أبواب تونس" في ثالث عروض مسرح ثقافة القليوبية    نقيب الصحفيين: وضع قواعد واضحة لتغطية الجنازات    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي: قضينا على نصف قادة حزب الله في جنوب لبنان    بكين ترفض الاتهامات الأمريكية بشأن تبادلاتها التجارية مع موسكو    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    لاشين: الدولة دحرت الإرهاب من سيناء بفضل تضحيات رجال الجيش والشرطة    ضمن احتفالات العيد القومي...محافظ شمال سيناء يفتتح معرض منتجات مدارس التعليم الفني بالعريش(صور)    بعنوان «تحيا مصر».. المتحدث العسكري ينشر أغنية البطولة العربية العسكرية للفروسية    عضو بالشيوخ: مصر قدمت ملحمة وطنية كبيرة في سبيل استقلال الوطن    الحرارة كسرت ال40 في الظل وتحذير من التعرض للشمس فترات طويلة    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    وكيل حقوق عين شمس يعلن اكتشاف سرقات علمية فى ثلث رسائل الدكتوراة: تم إلغاؤها    مصرف قطر المركزي يصدر تعليمات شركات التأمين الرقمي    تعطيل خدمات المحمول غدا الخميس 25 إبريل.. اعرف السبب والوقت    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    هنا الزاهد تروج لفيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بردود أفعال الجمهور    نصيحة الفلك لمواليد 24 إبريل 2024 من برج الثور    الكشف على 117 مريضا ضمن قافلة مجانية في المنوفية    «الصحة»: فحص 1.4 مليون طالب ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فيروس سي    «الأطفال والحوامل وكبار السن الأكثر عرضة».. 3 نصائح لتجنب الإصابة بضربة شمس    «الرعاية الصحية في الإسماعيلية»: تدريب أطقم التمريض على مكافحة العدوى والطوارئ    المرصد الأورومتوسطي: اكتشاف مقابر جماعية داخل مستشفيين بغزة إحدى جرائم الحرب الإسرائيلية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    5 كلمات.. دار الإفتاء: أكثروا من هذا الدعاء اليوم تدخل الجنة    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    بعد أن وزّع دعوات فرحه.. وفاة شاب قبل زفافه بأيام في قنا    أسوشيتيد برس: احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين تستهدف وقف العلاقات المالية للكليات الأمريكية مع إسرائيل    قبطان سفينة عملاقة يبلغ عن إنفجار بالقرب من موقعه في جنوب جيبوتي    المستشار أحمد خليل: مصر تحرص على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب    خبراء استراتيجيون: الدولة وضعت خططا استراتيجية لتنطلق بسيناء من التطهير إلى التعمير    11 يومًا مدفوعة الأجر.. مفاجأة سارة للموظفين والطلاب بشأن الإجازات في مايو    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    يسري وحيد يدخل حسابات منتخب مصر في معسكر يونيو (خاص)    عاجل.. برشلونة يقاضي ريال مدريد بسبب هدف لامين يامال    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    جديد من الحكومة عن أسعار السلع.. تنخفض للنصف تقريبا    رئيس "التخطيط الاستراتيجي": الهيدروجين الأخضر عامل مسرع رئيسي للتحول بمجال الطاقة السنوات المقبلة    الخارجية الأمريكية تحذر باكستان من احتمال التعرض لعقوبات بسبب تعاملاتها مع إيران    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    ضبط 16965 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    أبومسلم: وسام أبو علي الأفضل لقيادة هجوم الأهلي أمام مازيمبي    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخط الأحمر في الشرق الأوسط (2)
نشر في الوفد يوم 03 - 10 - 2014

عرضنا في المقال السابق مدي سذاجة وفجاجة المؤامرة الأمريكية التي خلقت داعش كما سبق وخلقت التنظيمات الإرهابية التي تهدف تسخيرها لتدمير دول الشرق الأوسط وإحالتها دويلات متحاربة حتي تظل إسرائيل وحدها الدولة القوية.
وعرضنا كيف جندت أمريكا عملاءها من عصابات الإسلام السياسي مثل الإخوان المسلمين لتنفيذ الجريمة. وعرضنا الجزء الأول من الإعلام المضلل الكاذب الذي تلجأ إليه أمريكا لتسويق بضاعتها الفاسدة. وكان المثل الذي قدمناه هو مقال دافيد روتكوب في مجلة فورن بوليس اليمينية في 30 يونية يخلط فيه الأوراق ويدخلنا في متاهة علي أمل أن نضل الطريق لمواجهة المخطط الشرير. فيشير في مقاله المسموم إلي حادثة قتل ولي عهد النمسا وزوجته في سراييفو 1914 التي أطلقت شرارة الحرب العالمية الأولي، ويقارنها بالوضع في الشرق الأوسط فيقول إنه ما دامت عصابة «داعش» تهاجم العراق وسوريا فستبقي أمريكا علي الحياد خصوصا مع استعداد كل من روسيا وإيران للحرب ضد «داعش». ولكن خطورة بقاء أمريكا خارج الحرب وترك أطراف أخري تحارب بدلها قد تكون كارثية. ثم يردد أن أمريكا وإسرائيل لن تدخلا الحرب إلا لو عبرت «داعش» الخط الأحمر وهاجمت الأردن.
وفي هذا المقال يستمر الكاتب في حملة الأكاذيب وخلط الأوراق كما لو كانت أمريكا بريئة من جريمة خلق عصابة «داعش» وتسليحها وتمويلها فيقول إن الحربين اللتين دخلتا في بعضهما البعض لا تمثلان صراعا بسيطا بين جانبين. ففي سوريا مازالت المعارضة مشرذمة تضم جماعات متطرفة مثل جبهة النصرة التي تعادي «داعش» وجماعات أخري معتدلة مثل الجيش السوري الحر. والآن بعد ثلاث سنوات بعد أن تحولت «داعش» من إرهاب شمال سوريا إلي غزو العراق فقد اكتشفت أمريكا أنها يمكن أن تختار من بينهم شركاء مناسبين تقدم لهم التدريب والمساعدة. ومبلغ الخمسمائة مليون دولار الذي وعد به أوباما شيء جيد ولكنه لا يكفي في مواجهة تصاعد «داعش». وفي هذه الأثناء فإن الوضع في العراق ليس مجرد سنة متطرفين في مواجهة حكم شيعي في بغداد فقد صلته بالوقع. فهناك سنة معتدلون يرفضون العيش تحت خلافة «داعش» الخارجة من كهوف العصور الوسطي. وهناك أكراد يطالبون ويستحقون الاستقلال، وهو ما أغفله رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في تصريحه الأسبوع الماضي بالتعاطف مع الأكراد.
والمزعج أكثر أن النزاع في وضعه الحالي وفي غيبة جهد بناء لإيجاد حل سياسي في العراق أو سوريا قد ينتهي نهايات سيئة. من الجيد طبعا أن تكون روسيا وإيران والأسد في جبهة تحارب «داعش». ولكن في هذه الظروف فإن فوز أحد الطرفين لن يكون في صالح الغرب. فلو فازت «داعش» وسيطرت علي العراق وسوريا أو جزء كبير منهما فسيكون ذلك كارثة للغرب وللعالم عقوداً قادمة، وإذا فاز الأسد والمالكي بفضل معونة إيران فلن يكون ذلك في صالح استقرار المنطقة وسيؤدي لحركات تمرد مستقبلية. والاحتمال الأكبر أن يتجمد الموقف بين الطرفين دون نصر أحدهما علي الآخر فلن يكون الوضع أفضل. فشمال سوريا سيكون تحت سيادة إسمية لدمشق. وبمعاونة ممولين فإن أجزاء من سوريا والعراق ستصبح خلافة تحكمها «داعش» وبؤرة تطرف ستسمم معظم المنطقة وينتج منها نشاط إرهابي يهدد كل العالم.
وهذا الوضع يجسد مشكلة عدم دخول أمريكا الحرب الآن وتركها الأطراف أخري تخوضها.. وعلينا أن نعترف أن ذلك قد يكون حلا. فكل الأطراف المتصارعة قد تستمر في تدمير بعضها البعض مع عدم التعرض لمصالح أمريكا. ولكن هناك خطرًا في نتائج تواجهها أمريكا دون أن يكون لها نفوذ عليها. مما قد يضطرها ربما في المستقبل القريب الدخول في قتال أكثر خطورة وشراسة.
وهذا يوصلنا إلي الخط الأحمر في الأردن - انظر للخريطة لتري أين يمكن لهذا الخط الأحمر أن يكون قد تقول إنه علي خط حدود الأردن لأن أي مساس بسيادة هذا الحليف المهم الذي يمثل قلعة الاعتدال في الشرق الأوسط لا يمكن السماح به. فقد كان الأردن حليفا تعتمد عليه أمريكا ومصالحها. وكان عاملا بناء في عملية السلام مع إسرائيل لدرجة أن أنصار الديمقراطية في الكونجرس الذين ينتقدون نقص الديمقراطية في الأردن قد يطلبون من أمريكا التدخل. ولا يقلل ذلك من رغبة وقدرة الجيش الأردني في الدفاع عنه. وكلنا ثقة في أنه سيهب للدفاع بعكس ما فعله الجيش العراقى.. ولكن لو تصورنا في المستقبل القريب أن «داعش» قد تمكنت من تثبيت مواقعها وحاولت عبور الحدود مع الأردن في سوريا والعراق. وهو احتمال كبير فعلينا تصور نتائجه.
فلننظر للخريطة التي تتغير الآن كما تنبأ محرر مجلة الأطلنطي جفري جولد برج. فعمان علي بعد 466 ميل من الفالوجا. ونضف هذا البعد من الحدود العراقية. وعلي بعد 40 ميل فقط من الحدود مع سوريا أو مع القدس.
ولنفرض الآن أن «داعش» تريد ضم الأردن لخلافتها .. فإلي أي مدي من التغلغل يمكن أن تذهب «داعش» حتي تهب إسرائيل للدفاع عن نفسها؟ وكيف يكون رد فعل تحرك إسرائيل في المنطقة؟ وفي الأراضي الفلسطينية التي تحوم فيها أشباح انتفاضة ثالثة؟ هل تحارب أمريكا وإسرائيل ضد «داعش» لتحقق مكاسب لإيران ولبشار الأسد؟ وكيف سيشعل تدخلهما متطرفين آخرين؟ إلي أي مدي من الجدية ستحارب إيران وسوريا أو العراق حماية لإسرائيل من خطر الأنظمة الفاسدة مثل سوريا والعراق؟ إنه وضع يكون الازدواج الصامت فيه بين أطرافه أكبر دمارا من حرب مباشرة بين أعداء.
ربما يكون الأردن خطا أحمر ل«داعش» نتيجة تحالف قوي الأردن وربما دول الخليج وإسرائيل . قد يوقف ذلك تقدم «داعش» أو تحطمها. نأمل أن يكون ذلك هو ما سيحدث. ولكن ماذا سيحدث في منطقة تقوم فيها عدة جماعات إرهابية مكان أي جماعة إرهابية يتم تدميرها؟ ماذا سيكون شكل خريطة المنطقة بعد كل معركة؟ وماذا ستكون تكلفة كل معركة؟
لقد فات وقت تبادل اللوم، فهذه مشاكل عدة مرات من الفشل وسوء الظن وطموحات شريرة وضعف إرادة إقليميا ودوليا، وإن تغطية الفشل تفشل بدورها. ونتائج الطموحات المتعارضة بين القادة والإرهابيين والشعوب هي ما أدي إلي سراييفو التي كانت بداية أحد أسود فصول تاريخ العالم. وفي حالتنا هذه لو أردنا تجنب تكرار المأساة فإن ورثة كارثة الحرب العالمية الأولي من أمريكا ودول أوربا وتركيا وأطراف المنطقة نفسها عليهم أن يستوعبوا الدرس. ويدركوا أن السلبية في مواجهة الأزمة ستجعلها أشد خطورة وستشد إليها أمريكا وحلفاءها الأوربيين لو تجاهلنا خطر الإرهاب الدولي.
فلندع الأسد وروسيا وإيران يحاولون هزيمة «داعش» إذا كانت هناك طرق تساعدهم بها أمريكا مثل الاستخبارات والغارات الجوية. نعم علي أمريكا العمل مع شركاء دوليين لسحق داعش اقتصاديا. والإعلان أن الأردن خط أحمر أمام داعش ولكن علينا إدراك أن المخرج من هذه الحرب العاجلة التي فرضت علينا ورعاية مصالح أمريكا وحلفائها في المستقبل يكمن في إدخال كل القوي في المنطقة في العملية السياسية وضمان التعايش السلمي بين الطوائف والأعراق المختلفة. ولذلك فمن الضروري أن تساعد سوريا والعراق العناصر المعتدلة في المعارضة. وتقوم أمريكا بنشاط دبلوماسي مثل ما يفعله جون كيري. فمثلا علي أمريكا إيضاح أن نشاط إيران النووي يزعزع استقرار المنطقة. وأن أمريكا لن ترفع العقوبات عن إيران ما لم تقم إيران بدور إيجابي في إيجاد حل سياسي لهذا النزاع الخطر لن يكون الأمر سهلاً. وخطورة الفشل كبيرة، ويتعين قيام الرئيس بدور فعال والعمل مع حلفاء بالمنطقة وفي أوربا، لأن ثمن الفشل سيكون ضخما. وهذا هو درس سراييفو. وإلي هنا ينتهي هذا التقرير المسموم للإعلام الأمريكي اليميني. ومن ثناياه يمكننا ببساطة استخلاص الحقائق التالية:
- تنكر أمريكا تماما أنها هي التي خلقت داعش كما سبق لها خلق بن لادن والقاعدة وأنها ستحطمها كما حطمت بن لادن بعد أن استنفد دوره في خدمتها.
- تحاول أمريكا دون حياء في إخفاء حقيقة نواياها تدمير سوريا وتجزئتها كما فعلت بالعراق وتسليم السلطة فيها لعصابة الإخوان المسماة جبهة النصرة الذين تعتبرهم معتدلين.
- تنادي أمريكا صراحة بضرورة إعادة عصابة الإخوان المسلمين في العملية السياسية رغم الجرائم اليومية البشعة التي ترتكبها. وذلك تحت مسمي إدخال كل القوي في العملية السياسية حتي تتاح للعصابة الإرهابية القفز علي السلطة مرة أخري.
- استدراج الجيش المصري للحرب في الشام تمهيداً لتدميره حتي يمكن تنفيذ باقي المخطط الأمريكي الإجرامي من تقسيم مصر إلي دويلات قبطية ونوبية ومسلمة مع ترك ثلث سيناء لقطاع غزة وضم حلايب وشلاتين لدكتاتور الخرطوم.
ولكننا نقول في النهاية للعدو الأمريكي إن مخططه مكشوف وقد أسقطه شعب مصر العظيم وجيشها الوطني بثورة 30 يونية. وكما هربت فلول جيش العدوان الأمريكي من فوق سطح سفارتها في سايجون يوم تحريرها في ربيع سنة 1975 ستهرب فلولها إلي سفن أسطولها يوم يتم تدمير مخطط الشر تماما علي يد شعوب المنطقة.
- نائب رئيس حزب الوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.