ألقى الدكتور طارق بن موسى الزدجالى، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية، كلمة فى الاحتفال الذي أقامته اليوم السبت المنظمة العربية للتنمية الزراعية فى مقرها بالخرطوم بجمهورية السودان. جاء بالكلمة: نحتفل اليوم بيوم الزراعة العربى من خلال أمر مهم لا نعتقد بأنه يغيب عن صنّاع القرار بدولنا العربية, ولكن أردنا أن ينظر لهذا الامر من منظور قومى عربى تكاملى بغية بناء مخزون إستراتيجى عربى للأغذية لمواجهة أزمات الغذاء العالمية، وذلك لحماية شعوبنا العربية من تقلبات وذبذبات أسعار سلع الغذاء العالمية، وأوطاننا من عدم الاستقرار الاقتصادى والاجتماعي، ونحن نعلم بأن دولنا العربية تهتم بموضوع المخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية كونه من الركائز الرئيسية التى تسهم فى تحقيق الأمن الغذائى, ولكن نحن نعلم كذلك بأن القدرات فى هذا الشأن ولأسباب عدة تتفاوت من دولة الى أخرى فى نوع السلعة وكميتها وفترة التخزين التى تتراوح ما بين شهرين الى سنة او أكثر, وهذا يستدعى العمل على ترويج وتشجيع الاستثمار العربى فى بناء المخزونات من السلع الغذائية على أسس تجارية ربحية تخدم الوطن الكبير.. وطننا العربى الذى يجمعنا اليوم لنتوقف عند هذه القضية التى تمس شعوبنا كافة, وأمن أوطاننا. قال: كانت الفجوة الغذائية العربية فى (1991م) حوالى ثلاثة عشر ملياراً وأربعمائة مليون دولار (13.4) عندما كان تعداد سكان الوطن العربى حوالى مائتين وثمانية وعشرين مليونا (228), وارتفعت إلى ثلاثة وأربعين ملياراً ومائة وثمانين مليون دولار (43.18) عام (2008) عندما كنا حوالى ثلاثمائة وخمسة وأربعين مليون نسمة (345), وبلغت فى عام (2013) حوالى خمسة وثلاثين ملياراً وستمائة مليون دولار "35.6" وتعداد سكاننا يقدر اليوم بنحو ثلاثمائة وسبعين مليونا (370).
أوضح أن الأسباب التى تعنينا أكثر من غيرها لتراجع قيمة الفجوة الغذائية العربية هى زيادة الإنتاج العربي الزراعي والسمكي, وزيادة التجارة البينية العربية نتيجة للجهود التى تبذلها الجامعة العربية على مستوى القمة, والمجلس الوزاري والمجلس الاقتصادي والاجتماعي, والمنظمات العربية المتخصصة التى تستهدف جميعها توثيق التعاون وتعزيز التكامل بين الدول العربية, ومن بينها إستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين (2005- 2025) التى وافقت عليها قمة الرياض فى العام (2007), والبرنامج الطارئ للأمن الغذائى العربى الذى أطلق فى قمة الكويت فى العام (2009م), إضافة إلى الجهود الكبيرة التى تبذلها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فى سعيها لتحقيق اتحاد جمركي عربى. كما أن للمبادرات الوطنية العربية أهمية كبرى لا تقل شأناً عن المبادرات القومية ذات العلاقة بالأمن الغذائي العربي, حيث تتكامل وتسهم فى تنفيذ البرامج القومية, خصوصاً البرنامج الطارئ للأمن الغذائى العربى، وقد يكون من المناسب أن نذكر فى هذا المقام وفى هذه المناسبة بعض الأمثلة لمبادرات شرع العمل فيها, مثل برنامج التحديد الاقتصادى الفلاحى والريفى فى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية, ومخطط المغرب الأخضر فى المملكة المغربية, ومبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي بالخارج, والمبادرة الزراعية للحكومة العراقية.
أما الأمثلة للمبادرات التى هى طور الإعداد أو قيد التنفيذ, فنود أن نستسمحكم فى أن نخص بالذكر مبادرة فخامة رئيس جمهورية السودان المشير عمر أحمد البشير بشأن الاستثمار الزراعى العربى فى السودان للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى العربى, وهى مبادرة تم إطلاقها فى قمة الرياض التنموية الاقتصادية والاجتماعية فى عام (2013)، كما نخص بالذكر برنامج فخامة رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبدالفتاح السيسى بشأن استصلاح أربعة ملايين فدان. ونحن فى المنظمة العربية نعول كثيرا على ما سوف تسهم به هاتان المبادرتان فى الأمن الغذائى العربى وفى إطار البرنامج الطارئ للأمن العربى. تأمل المنظمة فى أن تتخذ الدول العربية, فى إطار جهودها ومساعيها التكاملية, من التدابير ما يوجه جزءا من القيمة المليارية للفجوة الغذائية العربية لتمويل مشروعات زراعية لإنتاج سلع الغذاء الرئيسية بالدول العربية الغنية بالموارد الطبيعية, فمشروعات التنمية الزراعية والأمن الغذائى الكبرى فى المنطقة العربية تعانى من ضعف التمويل, على الرغم من الجهود المقدرة التى تبذلها مؤسسات التمويل الإنمائي العربي, إذ لا يزيد حجم العون الإنمائى المقدم للقطاع الزراعى من المؤسسات التمويلية العربية عن اثنين وعشرين مليون وأربعة وتسعين ألف دولار (22.94) فى العام لكل دولة, بينما تقدر متطلبات تنفيذ البرنامج الطارئ للأمن الغذائى العربى بنحو مائتين وأربعة وتسعين مليون دولار (294) فى السنة لكل دولة, مما حدا بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى إعداد دراسة لإحداث آلية عربية لتمويل التنمية الزراعية والأمن الغذائي العربي.