"أزمة الطاقة" باتت مشكلة تؤرق الجميع بداية من المواطن إلي الرئيس، فضلا عن أنها معوق أساسي ورئيسي للتنمية والاستثمار والنهوض، مما جعل التفكير في تنفيذ مشروع منخفض القطارة مازال قائماً رغم أن بدايته كانت منذ أكثر من تسعين عاماً، إلي أن أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرارًا بتفويض وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، في إنشاء هيئة تنفيذ مشروع منخفض القطارة المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1984، إلا أن هناك العديد من المخاوف التي أبرزتها جميع اللجان التي شكلت لدراسة المشروع ومنها التكاليف الباهظة لحفر قناة المشروع، فضلاً عن وجود آبار بترول، وامتيازات لشركات التنقيب عن البترول تنتهي بحلول عام 2029. فضلاً عن احتمالية اختلاط مياه البحر الأبيض المتوسط المالحة بالمياه الجوفية. "بوابة الوفد" أجرت حواراً مع الدكتور مغاوري شحاتة خبير شؤون المياه والري ورئيس جامعة المنوفية سابقاً، أطلعنا خلاله علي الأسباب الفعلية التي أدت إلي غلق ملف مشروع منخفض القطارة، ويوضح حقيقة المخاوف التي تنامت لدي البعض بشأن تدمير مخزون المياه الجوفية العذبة في الصحراء الشرقية، جراء تدفق مياه البحر المتوسط إلي المنخفض. وإليكم نص الحوار: - بداية حدثنا عن بداية فكرة مشروع منخفض القطارة؟؟ بداية التفكير في الاستفادة من منخفض القطارة جاءت في عام 1916، عندما طرح الدكتور "بنك Penk" أُستاذ الجغرافيا بجامعة برلين، فكرة توصيل البحر المتوسط بالمنخفض، وخلال الأعوام من 1924 إلي 1927 تولت مديرية الصحاري بمصلحة المساحة الجيولوجية التي كان يرأسها الدكتور جون بول في ذلك الوقت الأعمال المساحية للمنخفض، واقترح الدكتور بول توصيل البحر المتوسط بالمنخفض لتكوين بحيرة كبيرة واستغلالها في توليد الكهرباء، لإنتاج الأسمنت بجانب الإنارة والأغراض الأُخري . - ما هي فكرة إنتاج الطاقة من منخفض القطارة ؟؟ تقوم الفكرة علي توصيل مياه البحر المتوسط بواسطة أنفاق أو قناة مكشوفة أو كلاهما إلى المنخفض باستغلال فارق المنسوب بين الهضبة وحافتها علي المنخفض والذي يصل إلى 50 مترا فوق سطح البحر، وإدخال المياه إلى قاع المنخفض والتحكم فيها من خلال توربينات مائية إلى منسوب -143 حتي -50 مستغلين بذلك طاقة السقوط في لدارة التوربينات وتوليد الطاقة حتي مستوي البحيرة -50 . كيف سيتم الاعتماد من منخفض القطارة في إنتاج الطاقة الكهربائية ؟؟ تعتمد الطاقة الكهربائية على ظاهرتين هما طاقة فرق المناسيب بين سطح البحر والمنخفض وهي قصيرة بالفترة الزمنية اللازمة لوصول منسوب المياه ال -50، ويستغرق ذلك حوالي عشر سنوات، كذلك الطاقة الشمسية الناتجة من تأثير بخر المياه من سطح البحيرة التي ستتكون، وتدفق المياه لتعويض كمية المياه المتبخرة وبالطبع سيكون ذلك إنتاج طاقة أقل. فضلاً عن ضخ المياه مستخدمين المنخفضات الموجودة علي الهضبة بمعني استخدام ماء البحيرة ورفعه لخزان علوى، كما أن المنخفضات التي يخزن بها مياه الأمطار التي يستخدمها البدو في ري الزراعات والرعي وغير ذلك والمؤكد أن ذلك سيؤدي إلى إتلاف هذه المصادر المائية العذبة. - ما هي ملاحظاتك على مشروع منخفض القطارة؟؟ أولاً منخفض القطارة ليس منخفضاً مغلقاً ولكنه مكون من رواسب وطبقات جيولوجية مثل الرمال والأحجار الرملية والجيرية والرواسب الملحية وغير ذلك، وهو مفتوح من ناحية واحة سيوة وكذلك في اتجاه واحات المغرة شرق المنخفض، فضلاً عن أن مساحة المنخفض حوالي 19500 كم علي مستويات متعددة ويتضح من الدراسات أن مساحة البحيرة عند منسوب -50 ستكون 13500 كم وتكون المياه المجمعة 328 مليار متر مكعب وهي كمية هائلة. - ما هي التأثيرات التي ستنتج من تجمع هذه الكمية من المياه؟؟ سيتم إتلاف مستودعات المياه الجوفية المتواجدة تحت المنخفض خاصة مستودع الحجر الرملي النوبي الذي يعتبر المنخفض بمثابة نهاية تصريفه، كذلك إتلاف الخزان الرملي النوبي وهي مياه عذبة وتقع إلى الجنوب من خط المياه المالحة للمياه العذبة في الصحراء الغربية، وإتلاف الخزان الجوفي بواحة المغرة التي تقع إلى الشرق من منخفض القطارة والمعروف أن بها 150000 فدان في خطة استصلاح المليون فدان المقررة في برنامج الرئيس عبدالفتاح السيسي، فضلاً عن أنه من شأن اتجاه حركة المياه الجوفية من هذه البحيرة في اتجاه الشرق هو بطيء حركة المياه الجوفية القادمة من الدلتا نحر الغرب مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه غرب الدلتا وأيضًا شمالها مما له من تأثيرات علي الزراعة والمنشآت. - هل طرأت أي تغييرات على منخفض القطارة في الفترة الحالية؟؟ نعم منخفض القطارة به حقول غاز وخطوط لشبكات الغاز الطبيعي وبعض استكشافات الزيت الخام والغاز الطبيعي في محافظة مطروح، ولم تكن هذه المشرعات قائمة لدي من فكروا في هذا المشروع من البداية والغريب ان يتجاهلها من يفكرون في إنشاء المشروع الآن. - وما هي الطاقة المتوقع الحصول عليها من المشروع؟؟ أكد خبراء الطاقة وكما جاء في المقترحات الخاصة بأصحاب الفكرة الأوائل أنها تترواح بين 59 ميجاوات "سري باشا" 1927، 630 ميجاوات أو320 ميجاوات "بول 1933"، 1800 ميجاوات "سويسكو، ويتضح منها أنها ليست طاقة كبيرة خاصة بعد المليء حتى منسوب "-50"، ويؤكد ذلك أن هذا المشروع غير مجد خاصة إذا ما تصورنا أن إدخال مياه البحر بهذه الكمية الضخمة إلى المنخفض سيؤدي إلى إتلاف شامل لبيئة الصحراء الغربية بهذه المنطقة وأن هذا التأثير السلبي لا يمكن تلافي آثاره حيث إن إدخال المياه المالحة لا يمكن أن يتم السيطرة عليه أو إعادة الأحوال إلى طبيعتها. - كيف يستفاد من منطقة منخفض القطارة بعيداً عن المشروع؟؟ بالمنخفض كميات ضخمة من الأملاح المعدنية والسبخات يمكن استثمارها في التعدين وتركيز الأملاح حيث هناك طبقات من الملح الخشن وطبقات الملح الجامد والسبخة النلحية والسبخة ذات الملوحة المنخفضة والسبخات المغطاة بالرمال ومراوح الرمال وغير ذلك من الثروات الممكن استثمارها، فضلا عن أن المنخفض بموقعه الاستراتيجي يمكن أن يكون في جزئه الشمالي والجنوبي مسارا لطرق إستراتيجية للربط بين الوادي والدلتا وحدود مصر الغربية عند واحة سيوة والفرافرة والواحات وغيرها من طرق عربية يمكن الاستثمار عند محاورها.