بعد الثورتين العظيمتين في 25 «يناير» و30 «يونية»، طبيعة المرحلة الحالية مختلفة تماماً عن سابقاتها من مراحل قبل الثورتين، حيث هناك ثقافة وفكر جديدان يتطلبان مواقف أخري تتمشي مع المتغيرات الجديدة للبلاد. ومن غير المنطقي والطبيعي أن تحذو نفس الحذو القديم الذي ثار من أجله الشعب. وبما اننا نتعامل مع ثقافة وفكر جديدين لابد مثلاً أن يكون مجلس النواب القادم علي قدر المرحلة الجديدة للبلاد، وبما اننا نستعد حالياً للمجلس القادم، فلابد أن يعرف الجميع أن هذا المجلس يجيء بعد غياب تشريعي، ومصر تواجه كماً هائلاً من التشريعات الموجودة علي الساحة وكلها بالية وعقيمة أو سيئة السمعة، بالاضافة إلي أن هذه التشريعات في وادٍ والشعب في وادٍ آخر. وهي بحق كارثة بكل المقاييس تهدد أي شعب لأنه من المعروف أن القوانين هي الدينامو والمنظم الحقيقي لحركة أي بلد في العالم. في إطار الثقافة والفكر الجديدين للبلاد بعد الثورتين لابد علي المواطن أن يختار النائب القادر علي مواجهة هذه المرحلة الجديدة التي تمر بها البلاد، المجلس القادم لابد أن يقود ثورة تشريعية في كافة المجالات لتغيير منظومات الزراعة والتعليم والسلطة القضائية والصحة والإعلام وخلافه.. ولذلك يجب اختيار النائب القادر علي المشاركة في هذه الثورة التشريعية ولديه القدرة علي مواجهة التحديات التي تفرضها مرحلة ما بعد الثورتين لمواجهة تحديات التشريعات الكثيرة البالية والعقيمة، التي لابد من تغييرها، حتي تتحقق العدالة وإنجازها، بدلاً من العدالة البطيئة التي تفقد العلة من القانون في الردع والزجر. وتصوروا علي سبيل المثال أن قانون العقوبات صدر عام 1937، وقانون الاجراءات الجنائية صدر عام 1950، واجراء الطعن أمام محاكم النقض عام 1959 حتي رأينا منازعات مدنية أمام النقض بلغت مئات الألوف من الطعون أمام المحاكم في القضايا المدنية، منذ أكثر من عشرين عاماً!.. وبسبب النصوص القانونية العقيمة والبالية وجدنا محاكمات تستمر لأكثر من عشر سنوات ما بين محاكم الدرجة الأولي والاستئناف، ويحصل أصحابها علي البراءة في نهاية المطاف بعد المضي في السجن طيلة هذه السنوات الطويلة.. فهل هذا عدل، وهل يليق أن يقضي المرء عقوبة حبس طوال سنوات طويلة ثم يقضي له بالبراءة؟!.. في حين ان المنطق من القانون يهدف إلي تنظيم حركة العيش داخل المجتمع! وبما اننا علي أبواب اختيار مجلس نواب فلابد من إعمال العقل والمنطق في اختيار أعضائه ممن يتفهمون فكر وثقافة مرحلة ما بعد الثورتين، فهي مرحلة لا تحتاج إلي نائب الخدمات أو حامل حقيبة الحصول علي تأشيرات وتوقيعات الوزراء لإرضاء أبناء دائرته.. لو تم اختيار نائب الخدمات نكون اذن عدنا إلي ما قبل الثورتين وكأنك «يا أبوزيد ما غزيت»!.. وبذلك تضيع الأهداف الرئيسية التي قام الشعب وثار من أجلها مرتين. سكرتير عام حزب الوفد