المواثيق الدولية وعلي رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأممالمتحدة في (ديسمبر 1948) ينص في (المادة 21) أن لكل مواطن الحق في إدارة الشئون العامة لبلاده إما مباشرة أو بواسطة ممثلين عنه يختارون اختياراً حراً، فالأهم أن إرادة الشعب هي مصدر السلطات.. ولذلك فإن دساتير الدول التي تحترم مواطنيها وتحافظ علي كرامتهم لا تنص علي تلك المادة فقط ولكن تحرص علي تطبيقها. بعكس الدول التي تقع تحت قبضة حكام يرسخون النظام الديكتاتوري.. ولا يحيدون عن منهج التسلط والاستبداد وسلب حقوق المواطنين والتمعن في إضعافهم.. حتي يتسني لهم الحكم الممتد لعقود وليس لسنوات!! ولقد كنا من تلك الدول التي ابتلينا بنظام حكم استمر لثلاثة عقود.. خطط، وتفنن، ومنهج.. قهر الشعب المصري وسلبه كل حقوقه المشروعة.. ولذلك فثورة (25 يناير) ما قامت إلا لاسترداد كرامة الشعب المصري وحقوقه المهدرة.. وعلينا أن نتذكر دائماً ما أنجزته أكثر ثورات العالم نقاء وسلمية.. بصورة لم تكن متوقعة، فالشىء المفجع بالفعل أن من اعتلوا الحكم الفاسد السابق وأتباعهم كانوا يتصرفون في مقادير البلاد وكأنهم تملكوها وكانوا يتعمدون تجريف البلاد من كل ما تمتلك من ثروات مادية وحتي بشرية.. فبالنسبة للأموال المنهوبة لم يبقوا عليها في البلاد بل هربوها خارجها. وبالنسبة للثروة البشرية.. فعلوا بها وأرادوا لها ألا تقوم لها قائمة.. بصورة لم يفعلها قوي الاحتلال والاستعمار الأجنبي.. فبكل قوة عملوا علي انهيار مؤسسات الدولة وتقزيم فاعليتها.. فعلي سبيل المثال - لا الحصر - التعليم انحدر مستواه علي جميع المراحل بدون استثناء في مراحل التعليم قبل الجامعي والجامعي. فأصبحنا خارج أي تقييم يجري عالمياً.. والأخطر من ذلك ازدياد نسبة الأمية عاماً بعد عام.. حتي وصلت إلي حد أصبحنا من ضمن أعلي 9 دول في العالم في نسب الأمية بين المواطنين.. شيء مسيء ومحزن!! هذا ولعلنا لا ننسي أن مصر الدولة منذ فجر التاريخ كانت صاحبة الحضارة القائمة علي العلم.. مما أهلها لأن تحتفظ للعالم بتاريخه الإنساني وسطرته فوق الجدران وخططته علي أوراق البردي. وأما الصحة فلسنا بحاجة إلي اللجوء إلي إحصاءات حتي نكتشف أننا أكثر الدول في الإصابة بالأمراض الخطيرة.. التي أصبحت تنهش أبدان المصريين.. حتي الأطفال لم يسلموا، فنسبة إصابتهم بالأمراض الخطيرة وبالذات الأمراض السرطانية الأعلى في العالم. والحاكمون وأذنابهم الذين كانوا يعيشون عيشة لا يقدر عليها أغني أغنياء العالم.. نشروا الفقر والفقر المدقع حتي اكتوى بناره النسبة الأعلي من الشعب. حتي عرفوا طريق القمامة ليسدوا رمقهم.. وسكنوا القبور والأرصفة وتحت الكبارى.. ويهيمون في الطرقات أمام أعين العصابة التي حكمتنا.. والتي حولت الحكم في البلاد إلي حكم بوليسي.. حتي يتسني لها الاستمرار في الحكم وتوريثه. وبنظرتهم المريضة وتفكير الجهلاء والأغنياء اعتقدوا أنهم حاصروا الشعب المصري وأخذوه رهينة.. حتي يتسني لهم الاستمرار في سرقة البلاد.. وانتهاك القوي وإذلال الأعناق. وبذلك يتمكنون من توريث البلاد وعليها العباد!! لطالما عدنا كما عبر الكثيرون عن طبيعة الشعب المصري المستلهمة من خبرات الزمن والعصور.. والقادر علي مد حبال الصبر.. فهيأ للجهلة والأغنياء أن الشعب المصري قُهر وأبداً لن يثور.. ولكن عند لحظة معينة نجده فجأة ينهض وبكل ثقة واعتزاز بالنفس.. يضرب المثل في ثورته.. كما حدث في ثورة (25 يناير) الثورة التي أذهلت العالم المعاصر. ومن قبلها ثورة (1919).. التي تمثلت بها العديد من الدول التي عانت غبن الاحتلال والاستعمار في عصرها. إننا نعيش مرحلة فارقة من عمر الوطن تحتاج إلى تكاتف الجميع في اجتيازها لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وتأسيس دولة القانون والمواطنة.. ونحن نستحق ذلك بعد ما عانيناه!! الكلمة الأخيرة شعار (الثورة أولاً).. نبه إلي العودة إلي المسار الذي بدأته ثورة (25 يناير) لبناء مصرنا الحديثة لتعود إلي مكانتها المستحقة.. ولكن بعد إزالة (ركام الفساد) الذي أهاله علي الوطن وأبنائه.. عصابة الحكم الذي أسقط!!