الحكومات أنواع، حكومات تحترم شعوبها، وأخرى تدلل شعوبها، وثالثة تطحن وتسحق شعوبها، فأي حكومة لها طعم ولون، أما حكوماتنا -المتعاقبة- فلها شأن آخر. من أمثلة الحكومات التي تحترم شعبها، ما نشر بالصحف مؤخراً حول قيام الحكومة الصينية بتكريم أحد مواطنيها ومنحه لقب «الأب المثالى» بعدما علمت بأنه يحمل فوق كتفيه ابنه المعاق حركياً، لمسافة 30 كيلو متراً يومياً لتوصيله إلي مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، نظراً لعدم وجود مدرسة من هذا النوع بقريته، والعودة به بعد نهاية اليوم الدراسى. جاء التكريم من خلال إصدار تعليمات بتوفير مسكن للمواطن وابنه بالقرب من المدرسة، ولحين حصوله علي هذا المسكن قامت المدرسة بالسماح للطالب المعاق بالإقامة بالمدرسة -نظام المبيت الداخلى-، هذه الواقعة تشير إلي عدم اكتفاء الحكومة الصينية بمنح هذا المواطن لقب الأب المثالى وشهادة التقدير، وإنما عاونته علي حل مشكلة ابنه المعاق دون أدنى أعباء مالية يتحملها. تري ما رأى حكومتنا في هذا الأمر؟ هل تقبل بصدر رحب أن نطرح سؤالاً بريئاً ولوجه الله: متي يتساوى المواطن المصرى بالمواطن الصينى؟ لا أتحدث عن المواطن بشكل عام.. ولكن حديثي عن حوالى 10 ملايين مواطن معاق إن لم يكن أكثر، لدينا كبير الأمل في أن يتفقد المهندس إبراهيم محلب -رئيس الوزراء- بنفسه مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف أنواعها، شريطة عدم الإعلان عن تلك الزيارات ليكتشف بنفسه مدي ما يعانيه هؤلاء المعاقون وأسرهم من مآسٍ، فمعظم هذه المدارس مجرد أماكن لإيواء هؤلاء الطلبة ساعات محددة يومياً. فور نشر هذا المقال سيرد أحد المسئولين نافياً ما أقول، كالعادة، ولكنني لا أتحدث من فراغ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى: قيام المهندس محلب بزيارة مجمع التعليم التكنولوجى المتكامل بالأميرية، يرافقه وزراء التجارة والصناعة والاستثمار والتربية والتعليم والتعليم العالي والقوي العاملة ومحافظ القاهرة، هذه الزيارة لها أكثر من مغزى.. أن يحكم بنفسه علي ما يراه وخروجاً من النمط التقليدي الخاص بتقارير مسبقة وغالباً ما تكون وردية، وكذلك إرساء قيمة العمل الجماعي وأهل الاختصاص وأيضاً تحديد المشكلات بدقة وإبداء المقترحات وسبل الحل، وهذا ما فعله حينما أبدى معاليه -بعد نهاية الجولة بعين الفاحص الجيد- بعض الملاحظات علي مستوي تلك المنشآت والتى لا تتناسب مع أهمية وحيوية الدور الذي يلعبه التعليم الفني في تأهيل العمالة الماهرة، كما أعرب عن عدم رضائه عن المستوي الحالي لها، وذلك في ضوء ما سمعه من الطلاب عن شكاواهم. لي كبير الأمل في أن يلقي المهندس محلب استجابة من وزرائه لما يفرحه وأن يكون كل منهم علي نفس القدر من إدراك أن الوطن في أشد الحاجة إلي قيادات تعمل ابتغاء مرضاة الله وحده عز وجل والتخلى عن التمسك بالكراسى التي لا تدوم لأحد لكنها ستشهد علي شاغليها يوم العرض.