تحقيق منال الغمري: التغيير المنتظرفي صفوف المجلس القومي لشئون الإعاقة وقرارات تفعيل نسبة5% من المعاقين ضمن التعبيات الجديدة وإعفاء السيارات المجهزة والاطراف الصناعية للمعاقين من الضريبة علي المبيعات. كل ذلك يمثل بريق أمل لذوي الاحتياجات الخاصة الذين تضاعفت أعدادهم وهمومهم بعد ثورة25 يناير عندما وضعت قضاياهم في أجندة إهتمامات بعض المسئولين وصدور قرارات مبشرة توحي بالتفاؤل ولكن سرعان ما أصيبوا بخيبة الأمل لعدم تنفيذها علي أرض الواقع وما زالت معاناة المعاقين تطاردهم حتي الآن. يقول علاء الدين أحد المكفوفين إن الاعاقة البصرية قد تكون أبسط الإعاقات مقارنة بالإعاقة الذهنية والحركية ومع ذلك مشاكلنا واحدة بداية من عدم الرعاية الصحية وحقنا في التعليم والعمل ونظرة المجتمع إلينا علي جميع المستويات منذ الطفولة, فلا تتوافر المدارس الحكومية الكافية والمناسبة لكل إعاقة علي حدة وإنما توجد المدارس والمؤسسات الخاصة والجامعة لكل أنواع الإعاقة بمبالغ مالية كبيرة لا يقدر عليها سوي الاغنياء وهم قله قليله وإن وجد بعض الفقراء فيها فبمساعدة أصحاب القلوب الرحيمه رغم أن هذه المدارس والمؤسسات معظمها يندرج تحت مسمي الجمعيات الاهليه ويحصل علي تبرعات ومنح وأموال هائله, فهي تهدف في الحقيقة إلي الربح وتدعي عمل الخيرومساعدة ذوي الإعاقة وتتاجر بآلامنا وشدة احتياجنا في غياب الرقابة والمتابعة. ويشكو عبد التواب عامل وأب لثلاثة أطفال معاقين ذهنيا من عدم توفير الرعاية الاجتماعية والصحية في المستشفيات الحكومية التي تعتمد في علاجها علي التبرعات قائلا: توجهت بأحد أبنائي إلي مستشفي حكومي لارتفاع درجة حرارته وعدم قدرته علي الوقوف وطلبوا مني بعض التحاليل المكلفة جدا التي تداينت لإجرائها وتبين أن نجلي مصاب باشتباه في شلل رخوي وعلاجه يستلزم27 ألف جنيه فجلست بجوار طفلي أبكي بالمستشفي ولا أعرف كيف أدبر كل هذا المبلغ وراتبي الشهري1250 جنيها ولي بنتان مصابتان بضمور في المخ ولولا مرور سيدة أعمال عربية تعرفت علي حالة طفلي من الأطباء و أبدت استعدادها للتبرع لعلاجه بمبلغ30 ألف جنيه جزاها الله عنا خير الجزاء وخرجت بابني من المستشفي وفكرت في إلحاق أبنائي الثلاثة بمدرسة حكومية ولم أجد سوي مدرسه بالدقي أعداد الملتحقين بها هائلة و حالتهم أفضل من حالة أطفالي ولم أجد سوي جمعية يقال عنها إنها خيرية بالجيزة لذوي الأحتياجات الخاصة تحصل علي650 جنيها شهريا للطفل الواحد بدون باص وبعد إلحاح ومذلة والبحث عن واسطة تنازلوا ووافقوا علي أخذ1500 جنيه في الشهر للثلاثة بدون مواصلات وتبرعت إحدي سيدات الأعمال المصرية بكامل المصاريف شهريا وهذه الجمعية الخيرية تلحق أبناءها المعاقين بمدرسة خاصة بمبلغ3500 جنيه في السنة عند بلوغهم السن المدرسية, فابنتي الكبيرة لا تذهب إلي المدرسة سوي يوم الامتحان حيث تذهب معها مدرسة من الجمعية لحل الأمتحان. ويستكمل شكواه: حاولت الحصول علي تأمين أو معاش اجتماعي لأبنائي رفضوا لأن راتبي أكثر من500 جنيه. فالمعاقون ليس لهم تأمين صحي ولا معاش ولا أي مصدر رزق يضمن لهم حياة كريمة فما حال أولادي لو توفاني الله؟.. ماذا يفعلون في هذه الدنيا من بعدي خاصة ان من بينهم بنتين؟ وتقول أم لأحد المعاقين لقد سمعنا الكثير عن قانون جديد لذوي الاعاقات يحافظ علي حقوقهم ويضمن لهم حياة كريمة ولكن كله حبر علي ورق وتردد إنشاء مجلس قومي لتحدي الإعاقة يعمل علي إعطاء الحقوق لذوي الاحتياجات الخاصة ولاحياة لمن تنادي وسمعنا أنهم سيستخرجون بطاقات ذكية للمعاقين تشبه بطاقات الرقم القومي لركوب المواصلات كلها مجانا وللعلاج تبع التأمين الصحي حيث قرروا ضم المعاقين الي الفئات المستفيدة من التأمين ولكننا نؤذن في مالطة وأشيع قرار اندماج المعاقين مع الأصحاءفي جميع المدارس وقد تبخر مع طلوع الشمس وأعلن المسئولون رفع نسبة تعيين المعاقين من5% إلي7% وإعطاءهم شققا مدعمة وبالقسط المريح وبقروض طويلة الاجل ولم يطبق شيء من هذه الأخبار المعسولة التي تضيء لذوي الاحتياجات الخاصة طريقهم المظلم ولم ينالو من كل هذا إلا تغيير اسمهم من المعاقين إلي ذوي الاحتياجات الميته والمدفونه بالحياة. بينما تري سحر عبد النبي رئيس مجلس إدارة إحدي الجمعيات الأهلية بمدينة نصر لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة أن المعاقين سمعيا وبصريا وحركيا هم أخف الإعاقات لأنهم يستطيعون الإنتفاع بما تقدمه الدولة لهم من الإعفاءات الجمركية علي السيارات والأطراف الصناعية ونسبة العمل التي كانت5% وتردد عن رئيس الوزراء السابق جعلها7% والتي قد تتحقق بنسبة1% بالمحسوبية ولكن كيف ينتفع المعاق ذهنيا من هذا؟ فتعليمهم وتدريبهم بتكاليف رهيبة لا يقدر عليها أحد فالساعة الواحدة تبدأ من100 الي180 جنيها فالجمعيات الأهلية والمراكز الخاصة بتعليم المعاقين ذهنيا فقيرة جدا لأن كل طفل منهم يحتاج مدرسا سواء تربية فكرية أو تخاطب أو تنمية قدرات أو تعليم أكاديمي ومعرفي لتعليمه وأقل مدرس منهم يتقاضي ألف جنيه شهريا ثم يحتاج للتدريب في ورش حسب قدراته وامكانياته ومن هنا تأتي ارتفاع تكلفة تعليم المعاق ذهنيا وفي النهايه من ذا الذي يقبل تشغيل معاق ذهنيا مهما كان تدريبه؟ لذلك99% من هذه الجمعيات والمراكز لا تعلم ولا تدرب وإنما هي مجرد استضافة لتستريح أسرهم منهم لفترة من الوقت يوميا وكل10 أو أكثر مع مدرس واحد مهما اختلف نوع الإعاقة ودرجاتها فلا يتعلمون شيئا. وتقترح رئيس مجلس إدارة الجمعية تعاون أصحاب القلوب الرحيمه مع رجال الأعمال وأصحاب الجمعيات الأهلية في الحصول علي قطعة أرض كبيرة بمساعدة الدولة في إحدي المدن الجديدة وما أكثر الأراضي في مصر لإنشاء مشروع قومي ضخم لهؤلاء البؤساء لوجه الله يقام بهذا المشروع مدرسة كبيرة تستوعب أكبر عدد ممكن من المعاقين لكل الأعمارومبني استضافة داخلي مع ناد صحي ورياضي وورش تدريب محمية مثل ورش الطباعة والتغليف وورش مكتبية وتصوير وكتابة علي الكمبيوتر وورش نجارة ومطابخ وورش خزف وجلود وتركيب الكريستال وكل هذه الورش والأعمال ستصرف علي هؤلاء بل وستحل مشكلة البطالة للمعاقين والأصحاء معا وستخلق من هؤلاء أشخاصا يسهمون في بناء وتنمية المجتمع بدلا من كونهم أعباء ثقيلة علي الدولة, فلنوحد الجهود والتبرعات في مشروع واحد لإنقاذ هذه الفئة الكبيرة والمهمشة من المعاقين والتي تصل نسبتها حسب آخر إحصائية لمنظمة الصحة العالمية إلي مليار معاق علي مستوي العالم منهم800 مليون يعيشون تحت خط الفقر حصل الوطن العربي علي34 مليون معاق واستحوذت مصروحدها علي نصيب الأسد وخاصة بعد ثورة25 يناير ليصل عدد المعاقين بها إلي15 مليون معاق. في حين تؤكد رحمة محمد إخصائية ذوي الاحتياجات الخاصة بأحد المراكز المتخصصة أن هؤلاء المعاقين بمختلف إعاقاتهم مظلومون في هذا المجتمع فلم يحن عليهم أحد ولم يفكر في مشاكلهم ومعاناتهم أي مسئول وما يكتب في الاعلام من قرارات للمسئولين ما هو إلا قرارات وقتيه حبر علي ورق لا يشعر ولا يحس بها المعاق ولا من يعوله, فهم كم مهمل في المجتمع رغم انهم نسبة كبيرة لا يستهان بها, فلقد حرمهم الله من نعمة البصر أو السمع أو الكلام أو الحركة أو العقل وهو أشدهم صعوبه ومعاناه, وكذلك حرمتهم الدولة من أبسط حقوقهم كأفراد ومواطنين في المجتمع وهو التعليم المجاني وعلاج التأمين الصحي والحصول علي عمل أوأي مصدر للرزق ليعيشوا حياة كريمه وحرمتهم من وجود وسائل مواصلات مناسبه لهم مجانيه وأطراف صناعية تليق بآدميتهم كبشر وحرمتهم من ممارسة الرياضه في الاندية أوحتي مراكز الشباب, فهي بذلك حكمت عليهم بدفنهم أحياء خاصة الفقير منهم والمول عز وجل الذي يرسل إليهم القلوب الرحيمه فمنهم من يتبرع لعلاجهم أومن يكفلهم أو من يتصدق ويعطف عليهم إلي جانب معاملة الأسر أنفسهم لأبنائها المعاقين فلا يستطيعون استيعابهم وفهم مشاكلهم بل ينظرون إليهم نظرة متدنية خاطئة ويظهرون خجلهم منهم فالبعض يخفيهم عن المجتمع وينكرون وجودهم عن الاقارب والجيران والأصدقاء والبعض يسيء معاملتهم ويتمني موتهم وبالتالي ينظر الطفل أو الشاب المعاق لنفسه نفس نظرة المجتمع إليه مما يصعب التعامل مع نفسه ومع المجتمع ويفشل في أي عمل يقوم به ويصاب بالإحباط والفشل وعدم الارادة في الاستجابه للتعليم والتدريب ويرفض التواصل مع أفراد أسرته, فالجميع لا ينظرون إلي جوانب القوة فيهم ولا يعرفون أن لديهم مشاعررقيقة وأحاسيس مرهفة فمنهم لديه مهارة الموسيقي والبعض الآخر لديه موهبة الرسم والرياضة.. وغيرها من المهارات والقدرات الفائقة التي تؤهلهم ليكونوا عناصر منتجة وفعاله تسهم في تنمية المجتمع بدلا من كونهم أعباء ثقيلة.