"الطاقة" هى كلمة السر التى يعرفها المعسكرين الغربى والشرقى من دول العالم والتى يشترك كليهما فى البحث عنها، بل والدخول فى حروب ونصب المؤامرات من أجل الحصول عليها. وتتميز الدول العربية بأكبر احتياطى للنفط والغاز الطبيعى فى العالم، ولذلك فمن الطبيعى أن تنصب دول هذين المعسكرين شباكهما حولها، بل وقد "بلعت" كل الدول العربية تقريبا الطعم ما عدا مصر، وانخدعت الشعوب العربية فى الادعاءات الأمريكية بالديمقراطية والحرية فى الشرق الأوسط الجديد واستقطبت الشباب، مستغلة فى ذلك بعض براءة الكثيرين واستغلال طمع وعمالة الآخرين فى أطماعهم فى الأموال والسلطة والمناصب والظهور الاجتماعى. فى عام 2013 نشرت شبكة ثورات و حقائق سرية بحثا عن حرب الغاز فى المنطقة و الصراع على سورية والشرق الأوسط بصفة عامة تتلخص فكرته فى السيطرة على موارد الطاقة النظيفة وعلى رأسها الغاز الطبيعى، وحددت الدول الكبرى المتنافسة والتى تتمثل فى الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى للمعسكر الغربى، روسياوالصينواليابان وكوريا وتايوان للمعسكر الشرقى الآسيوي، الكل يلهث فى سباق السيطرة على آبار البترول. وتبلورت الفكرة فى عام 1991 بدأت فى العام التالى 1992 أولى هذه الخطوات فى خديعة جورج بوش الأب لصدام حسين عن طريق الوسيط الذى تمثل فى السفير الأمريكي فى العراق آنذاك والتى اختفت منذ تاريخ اندلاع حرب الخليج الأولى حتى الآن، والتى بموجبها أعطت الولاياتالمتحدة الضوء الأخضر لصدام حسين فى الاستيلاء على دولة الكويت بأبار بترولها وأراضيها، تمهيدا لتقسيم الغنيمة فيما بعد بين الولاياتالمتحدة بينها وبين الدول الأخرى التى سيتم السماح لها بالدخول إلى المنطقة بحجة الاشتراك فى حرب إغاثة الشعب الكويتى من براثن وافتراء صدام حسين. الخطوة الثانية هى الدخول لمنطقة الخليج للمرة الثانية للاستيلاء على أكبر احتياطى للبترول فى المنطقة فى العراق مباشرة مع السعودية، فبدءوا بالعراق أولا حتى الآن واتخذت الولاياتالمتحدة حجة الأسلحة النووية والكيماوية ذريعة لدخول الأرض مباشرة وبالفعل كانت حرب الخليج الثانية، وهنا وضع ديك تشينى خطته وكان وزيرا للدفاع وأحد مستشارى الأمن القومى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية آنذاك، وأسمى هذه الخطة "بمعركة الطاقة" والتى تبدأ أولى خطواتها فى المؤامرات وتمهيد الأرض للعمليات العسكرية منذ عام 2000 حتى 2008 وذلك فى مواجهة أمريكا لتصاعد قوى روسيا مكن جديد مصحوبة بالقوى الاقتصادية والعسكرية للصين. وجاءت الخطوة الثانية بحرب أفغانستان كملحق للحرب الأمريكية فى منطقة آسيا وشبه الجزيرة الأسيوية بعد اكتشاف الأمريكان لحقول الغاز حول شاطئ بحر قزوين، والذى يطل عليه تقريبا كل دول الاتحاد السوفيتى القديم و الذين يتمثلون فى "أذربيجان،تركمنستان كازاخستان وجزء من الشاطىء الإيرانى". والخطوة الثالثة حجة الأسلحة النووية فى إيران والعقوبات الاقتصادية التى اتخذها الغرب ذريعة لفرض العقوبات الاقتصادية علىها بموجب قرارات صادرة من جمعيات ومؤسسات دولية، واتخاذها ورقة ضغط على إيران للتحكم فى ممر الطاقة "مضيق جبل هرمز" والذى يسمى بمدخل الخليج الفرسى، الذى يمثل 35% من تجارة النفط العالمى يوميا، ومنه إلى الطريق القديم الذى كان يسمى بطريق تجارة الحرير الذى يؤدى إلى الصين. كما تتضمن خطة الصين للسيطرة على الممرات البحرية من أجل ضمان البقاء الإقتصادى فى مواجهة الولاياتالمتحدة لأعدائها الجدد و الذين يتمثلون فى "الصين،اليابان، كوريا الشمالية و تايوان" ، و من السيطرة على هذه الطرق مع ضمان باقى الحلفاء الأسويين للولايات المتحدة تستطيع أمريكا بالإحتفاظ بموقع متقدم فى "السلم العالمى" الجديد كما أسماه ديك تشينى. الخطوة الرابعة هى اندلاع الثورة فى ليبيا وتوصيلها لحالة الفوضى العارمة التى تعيش فيها من قبل مقطل معمر القذافى، والذى كان يمثل حائط سد أمام الأطماع الأمريكية فى الغاز الليبى الذى ينوب للأروبيين وخاصة إيطاليا جانبا كبيرا منه. ومع استدعاء الشعب الليبى لقى الناتو لإنقاذهم من براثن القذافى والعنف والفوضى استعادت القوى الاستعمارية دورها من جديد بشكل مطور يتناسب مع القرن 21 وإعادة استغلالهم لموارد ليبيا من الغاز الطبيعى بين الشركات الأوروبية. الخطوة الخامسة بدأت منذ اكتشاف الغاز الطبيعى فى حوض البحر المتوسط فى 2009، وجاء حظ إسرائيل أن ينوبها جزء من هذا الغاز فى مياهها الإقليمية المطلة على البحر المتوسط، والذى هو فى الأصل موضع شك فى حدودها مع مصر من ناحية قبرص خلاف كليهما على حقهما فى غاز هذا البئر المتوسطى، ولكن إسرائيل لن تنتظر مصر ولا تنتظر الإجراءات الدولية، وخاصة استغلال إسرائيل لانشغال المصريين بسقوط نظام الإخوان ومشاكلهم وإرهابهم، وبدأت بالفعل فى استخراج الغاز من حوض البحر المتوسط فى 2009، إلى أن قامت سوريا بتوقيع اتفاق "دمشق" مع إيران لتمرير الغاز الإيرانى عبر العراق ثم البحر المتوسط ثم الفضاء الجيوسياسى و الفضاء الغازى. وهنا أدركت إسرائيل التى أوحت للولايات المتحدة بالخطر الذى يتهدد مصالحها فى تحالف قوى الطاقة بين إيران وسوريا التى أعلنت اكتشاف بئر غاز فى منطقة وسط سورية قرب حمص يحقق إنتاجية 400 ألف متر مكعب فى 16-8-2011 ، وهو الإعلان الذى كان بمثابة شرارة النار التى اندلعت بعدها الثورة السورية، التى لم تكن سوى تمثيلية وذريعة لخول سوريا أو قطع الطريق على إيران وأيضا تدعيم البحث العلمى بعد إعلان معهد واشنطن للدراسات أن سوريا ستكون الدولة الأغنى بعد اكتشاف أبارها للغاز الطبيعى سواء داخل أراضيها أو فى مياهها الإقليمية فى البحر المتوسط. الخطوة السادسة تم إلحاقها مؤخرا بعد خروج الولاياتالمتحدةالأمريكية من أفغانستان والأراضى العراقية فى 2011، هذه الخطوة تتمثل فى إعادة إنتاج الحجة التى تعيد تواجد الولاياتالمتحدة من جديد فى العراق عن طريق المؤامرات والخطط القديمة بإسقاط الأنظمة العربية مثلما أسقطت نظام صدام حسين بأيدى العراقيين والعرب أنفسهم والذين جاءوا بالجيوش الأمريكية كمغيث لهم من بطش صدام، أما الآن فيوجد شخصيات ونجوم ولاعبين جدد يتمثلون فى رئيس الوزراء العراقى نور المالكى الذى يريد تنظيم "داعش" هذه المرة الإطاحة به، ويستنجد المالكى بدوره بالولاياتالمتحدة فتأتى بخبرائها العسكريين لإغاثة نظام المالكى و الشعب العراقى مرة أخرى. وفى تصريح الرئيس الأمريكى أوباما عن دور بلاده الجديد فى العراق جاءت كلماته ويبدو عليها أنه فقط يمثل الناصح الأمين هذه المرة بدون تدخل عسكرى على -حد قوله،- وهنا تظهر ذلة اللسان والحماقة التى تدل على الأهداف الخفية المقصودة وراء هذا الاستدعاء العراقى للأمريكيين مرة أخرى، فينبطق عليه المثل" يكاد المجرم أن يقول خذونى".