بعد غزو الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا العراق سنة 2003 حدثت الفوضى التى كنا نخشى من وقوعها بدخول الجماعات السلفية بأعداد هائلة من كل الدول العربية، خاصة الجزيرة العربية، ثم بعدها بدأت القاعدة ترسى جماعاتها معلنة الحرب على قوات الاحتلال بالتنسيق مع السلفيين الذين تزعمهم فى ذلك الوقت «أبومصعب الزرقاوى» القادم من الأردن الذى تعاون مع المعارضة الوطنية التى قام بتأسيسها (عزة الدورى) الذى كان نائباً لصدام حسين، وهو مازال حياً يرزق حتى الآن، ومن الغريب أن الدول العربية التى تمده بالسلاح والعتاد اليوم، هى نفسها الدول التى اشتركت مع قوات الاحتلال في خلع صدام وتفتيت العراق وحدوث الفوضى التى مازالت تعيشها بغداد بسبب هذا الغزو المجحف للإنسانية الذى ابتلع ملايين العراقيين من رجال وأطفال ونساء وشيوخ بلا رحمة وهوادة، بسبب رجل مختل عقلياً ونفسياً كان يريد أن يصبح «هتلر» جديداً بعد غزو لبنان ثم سوريا وإيران ومصر والجزيرة العربية، كما كان مخططاً له منذ سنة 2006. هذا الرجل المختل كان وقتها رئيساً للولايات المتحدةالأمريكية يكنى ب «بوش الابن» ومن ضمن المخطط تقسيم هذه الدول التى سيتم غزوها بعد العراق. لم يستطع «بوش» غزو لبنان بالقوات الإسرائيلية، حيث منيت بهزيمة سيظل التاريخ يسرد وقائعها، صدمت الإسرائيليين أنفسهم وواشنطن ودول أوروبا وكل حكام العرب المعتدلين الذين أصيبوا بخيبة أمل بالنصر الإلهى الذى تحقق على أيدى رجال الله المقاومين، فشل المخطط، ولكن تاهت وغربت بغداد بذلك الدستور المقيت الذى وضعه الأمريكى «بريمر» الذى ما زال مفعوله سارياً حتى الآن، علاوة على إخضاع العراق للفصل السابع حتى عام 2012 وبعد فوز المالكى رئيس الوزراء الحالى بفترة حكم ثانية! لكن ماذا يحدث للعراق اليوم وبعد مرور كل هذه السنوات على الغزو؟.. بعد أن أجبرت قوات الغزو على الانسحاب بفعل المقاومة الشرسة التى أودت بملايين من جنود وضباط الاحتلال وبحرق وإتلاف المئات من معداته، وبعد أن أصبح «أوباما» رئيساً خلفاً ل «بوش» وقرر الانسحاب من العراق على شرط أن يظل بالعراق خمسة عشر ألف جندى على أرضها، الأمر الذى رفضته الحكومة الجديدة المنتخبة حيث قررت عدم الموافقة على هذا الشرط مما أدى إلى جلب هذه الفوضى العارمة التى كانت وراءها كل من واشنطن وتل أبيب التى لم يهدأ لهم بال حتى اليوم إلا تدمير كل من سورياوالعراق، ولا يفوتنا الدور القذر الذى قامت به قطر فى سوريا حيث كانت وما زالت تطمع فى السيطرة على حمص وحلب من أجل إمداد أنابيب الغاز منها إلى تركيا حتى يصل إلى أوروبا وبذلك تكون قد منعت بيع الغاز الروسى إلى كل أوروبا. بناء على ذلك تبدل المخطط إلى الاستمرار فى تسليح الإرهابيين بكل من سورياوالعراق (داعش والنصرة وجماعة دولة الشام والعراق) بكل أنواع الأسلحة الذكية والمتقدمة من أجل تقسيم العراق وإجباره على الخضوع وطلب المساعدة من واشنطن لضرب الإرهاب، ولما كان هذا الذى حدث بالفعل من رئيس وزراء العراق وبعض السياسيين ببغداد، خرج علينا «أوباما» ليتمنع ويملى بشروطه، حيث لا يريد الانزلاق فى أى حروب بعد العراق وأفغانستان اللتين أخذتا فى وجههما ستة تريليونات ونصف التريليون دولار أمريكى، وإلا لماذا لم يدخل فى حرب مع سوريا؟.. هو مازال يمارس الازدواجية فى خطابه، فهو عندما يقول إنه سيرجع إلى الكونجرس لإبداء الرأى فى مساعدة العراق، يقوم فى الوقت نفسه بتزويد المسلحين والإرهابيين بالسلاح! لقد فشلت واشنطن وتل أبيب فى تحقيق خارطة الشرق الأوسط الجديد بعد كل هذه الهزائم المتتالية فى العراقولبنانوسوريا وتونس واليمن وليييا ومصر، فشلت فى تمكين الإسلام المعتدل المتمثل فى الإخوان بزعامة أردوغان والداعية «القرضاوى» فى الدول العربية التى قامت بانتفاضات مفتعلة ومعد لها مسبقاً ومجند لها آلاف الشباب فى كل هذه البلدان!.. فهل ستقبل العراق بعد كل هذا بقاعدة أمريكية على أراضيها من أجل مساعدتها فى الخلاص من هؤلاء الإرهابيين؟