لم يكن للمصريين دور فى اختيار حاكمهم على مدار سبعة آلاف سنة، وفى العصر الحديث كان الرئيس يمد خدمته ثم يطرح الأمر على الشعب للاستفتاء عليه ويحصل الرئيس على نسبة 99.9٪. وعندما أحكمت السلطة قبضتها على رقبة الشعب، وعم الفساد أرجاء البلاد ثار الشعب وامتلك قراره، وأصبح هو السيد، يأتى بمن يشاء رئيسًا، ويبعد من يشاء عن طريق صناديق الانتخابات. اليوم الرئيس الجديد على بعد خطوات قليلة من القصر الجمهورى، ومصر بالكامل على أعتاب مرحلة جديدة من التاريخ، والشعب واقف فى هذه اللحظة فى طوابير الانتخابات للمشاركة فى صنع المستقبل، انتخاب مبارك عام 2005 كان بطعم الاستفتاء، وانتخاب مرسى عام 2011 كان بطعم عصير الليمون، والانتخابات الحالية بطعم ثورة 30 يونية، ملايين المصريين الذين تراهم يزحفون إلى اللجان الانتخابية منذ الصباح الباكر اختاروا الاستقرار ونبذوا العنف والإرهاب وقرروا الاستمرار فى تنفيذ خارطة المستقبل بانجاز الاستحقاق الثانى. كل مصرى ومصرية ذاهب إلى لجنة الانتخابات اختار بإرادته الحرة وعقله وقلبه المرشح الذى سيعطيه صوته فى الصندوق دون تأثير من أحد على رأيه، المصريون يعلمون أن سفينة الوطن فى خطر بسبب الممارسات الإرهابية التى تغذيها جماعة الإخوان الذين مازالت جرائمهم تنكشف يومًا بعد آخر، وتكشف المعلومات الجديدة عن مخططهم فى تفكيك الدولة وأجهزتها الحيوية. قال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق فى حوار مع الإعلامى وائل الأبراشى إن «مرسى» واخوانه كان يسعون لتفكيك الوزارة بحجة الهيكلة، كشف «إبراهيم» عن كلام خطير وهو محاولة مرسى حل الأمن المركزى وفصل الأحوال المدنية والجنسية والسفر والهجرة عن الداخلية، وضم عناصر مدنية إلي المجلس الأعلى للشرطة، والسماح للضباط بإطلاق اللحى، والتدخل فى حركة الشرطة، واقصاء كبار القيادات الذين لا ينفذون تعليمات سيدى المرشد، لو ده حصل كنت تشاهد ضباط شرطة بجلابية وشبشب وكرش ودقن طويلة حتى صدره. والبلد سداح مداح. الرئيس الجديد الذى سيقسم اليمين الدستورية أقصاها أوائل الأسبوع القادم أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، مطالب وعلى الفور باستعادة هيبة الدولة فى الشارع، والقضاء علي الانفلات وأسبابه وأعوانه. إذا كانت ثورة 25 يناير وامتدادها فى 30 يونية قد كشفت عن أفضل ما فى المصريين، فإنها أيضًا أخرجت أسوأ ما فى المصريين، هناك بثور محتاجة إلى إزالة، الشجرة الوراقة لا تعفى من التهذيب لإزالة الفروع التالفة. عودة الأمن، وفرض هيبة الدولة هما الجسر الذى نعبر فوقه لإقامة الدولة التي نحلم بها، بالأمن نبنى الاقتصاد، ونسترد السياحة ونجذب الاستثمارات، ونبث الطمأنينة فى قلوب الخائفين، بالأمن نستطيع أن نكشف الإرهاب الذى استهدف ثروات مصر فى رجالها ومؤسساتها. المصريون خرجوا إلى صناديق الانتخابات وعيونهم على الرجل القوى الذى يستطيع أن يبنى دولة قوية، المصريون لن يخطئوا الاختيار، 30 يونية رسمت لهم ملامح الرئيس الذى يستطيع قيادة السفينة إلي شاطئ الآمان بعد أن أنقذها من الغرق على أيدى عصابة حاولت اختطاف الوطن بعد أن اختطفت السلطة. المصريون المقيدون فى جداول الانتخابات والذين يزيد عددهم على 53 مليون ناخب مطالبون جميعا بأداء واجبهم الانتخابى، ليس من أجل الرئيس القادم فقط، ولكن ليثبتوا للعالم الذى تتجه أنظاره إلى مصر فى هذه اللحظات أن ما حدث يوم 30 يونية ثورة شعب ضد حكم الإخوان الفاشل وليس انقلابًا كما تصوره الجماعة الإرهابية، خروج هذه الملايين إلي صناديق الانتخابات رسالة للعالم علي نضج المصريين وقدرتهم علي التغيير، واختيار حاكمهم القادر على النهوض بالدولة القانونية. تصويت ملايين المصريين دليل على أن الشعب امتلك زمام أمره، وقراره بيده، ولن يعود إلي الخلف مرة أخرى، بيده يأتى بالرئيس وبيده يعزله إذا أساء استخدام السلطة.