سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يتم تنفيذه خلال 18 شهراً بدلاً من 10 سنوات: ممر التنمية.. أول خروج للمصريين من الوادى عبر التاريخ
يكلف 24 مليار دولار.. جدل حول مدة التنفيذ.. والألغام والتمويل أهم العقبات
منذ أكثر من 20 عاماً أعلن العالم المصرى بوكالة ناسا للفضاء الدكتور فاروق الباز عن مشروع «ممر التنمية والتعمير في الصحراء الغربية، والذي يهدف إلى إنشاء طريق طولي يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالاً، حتي بحيرة ناصر جنوباً، بطول 900 كيلو متر، ويفتح هذا الممر آفاقاً جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجارى والسياحي، وطوال السنوات الماضية كان هذا المشروع مجرد حلم في مخيلة صاحبه، وظلت دراساته حبيسة الأدراج، إلا أنه خرج مرة أخري للنور بعدما أعلن المرشح الرئاسي المشير عبدالفتاح السيسي في حواره مع صحيفتى الأهرام والأخبار أنه سينفذ المشروع في مدة لا تتجاوز 18 شهراً بدلاً من 10 أعوام، وهو ما أثار ردود أفعال واسعة حول أهمية المشروع، وكيفية تنفيذه في هذه الفترة الوجيزة، وهل يمكن أن يتم تنفيذ هذا الحلم الذي طال انتظاره؟ في معرض حديثه عن برنامجه في حالة فوزه بالانتخابات أعلن المشير عبدالفتاح السيسي أنه سيطلب تنفيذ مشروع ممر التنمية في مدة لا تتجاوز 18 شهراً بدلاً من 10 سنوات، وكان المشير التقى من قبل بالدكتور فاروق الباز صاحب المشروع، الذي يقوم علي إنشاء طريق طولى رئيسى في الصحراء الغربية يمتد من الإسكندرية وحتي أسوان، بالإضافة إلى إنشاء 12 طريقاً عرضياً فرعياً تربط الطريق الرئيسى بمراكز التجمع السكانى على طول المسار، يصاحب ذلك إنشاء خط سكك حديدية للنقل السريع، وأنبوب مياه من بحيرة ناصر جنوباً، وحتي نهاية الطريق علي ساحل البحر الأحمر، وخط كهرباء يؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولي، وكانت مشكلة التمويل دائماً هى ما تقف عائقاً أمام تنفيذ المشروع، خاصة أن الدراسات أشارت إلي أن التمويل يصل إلي 24 مليار دولار، وهو مبلغ تعجز الخزانة المصرية عن توفيره، ومن ثم كان لابد من البحث عن مصادر تمويل أخرى، عبر مستثمرين وطنيين وعرب وأجانب، ولما كان المشروع حلماً صعباً تنفيذه خلال الأعوام الماضية، جاء المشير السيسي ليبث فيه الحياة مرة أخرى بإعلانه وتأكيده علي أن المعدات اللازمة لتنفيذ المشروع موجودة بالفعل، أما التمويل فأكد أنه يعتزم الاعتماد أولاً علي قوة مصر الذاتية، ثم المساعدات الخارجية عندما يتطلب الأمر ذلك، والاستثمار المصري والعربى والأجنبى. محور طولى وفي دراسته عن المشروع كان الدكتور فاروق الباز قد حدد له حوالى 10 سنوات، تخصص الخمس الأولى لإنهاء المحاور العرضية والبنية التحتية للمشروعات المخطط تنفيذها علي طول وعرض المحور، أما السنوات الخمس التالية فتخصص لإنشاء المحور الطولي الذي يعتبر العمود الفقرى لربط المحاور بعضها ببعض من ناحية، وباقى المحافظات من ناحية أخرى. ويشمل المشروع 12 محوراً عرضياً أولاً محور الإسكندرية - العلمين، وهو الشريان الذي يربط الشريان الرئيسى بشمال الدلتا، ومواز لساحل البحر المتوسط ويمكن الاستفادة منه في مشروعات سياحية وتنمية الموارد السمكية وزراعة الفواكه مثل العنب والتين والتي يمكن تصديرها للخارج، ويمكن الاعتماد في زراعة الأراضى هناك علي مياه الآبار وبقيت مشكلة الألغام التي مازالت موجودة منذ الحرب العالمية الثانية والتي يقدر عددها بحوالي 20 مليون لغم تحتاج إلى مليارات الدولارات لإزالتها. أما المحور الثاني فهو محور طنطا ويمتد من الأراضى الزراعية بوسط الدلتا إلي الطريق الرئيسى للمشروع عبر أراض صحراوية مستوية، ويمكن تخطيطها لإقامة قرى ومدن جديدة علي حدود الأراضى الخصبة مع توسعتها في اتجاه الصحراء الغربية حتي يتم إعمار المنطقة، والتي يمكن التوسع الزراعى فيها اعتماداً على مياه الآبار الموجودة في الصحراء، والإنتاج الحيوانى. والمحور الثالث هو محور القاهرة الذي يربط الطريق الطولى للمشروع بالعاصمة، واقترح مخطط المشروع أن تتم تنمية هذا المحور من خلال الزراعة، وإنشاء المصحات والمستشفيات والجامعات، وإنشاء مدينة طبية متكاملة تضم مصانع لتصنيع الدواء، والاستفادة من موارد البيئة المحلية من صخور للبناء، وطبقات الزلط والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويمكن لهذا المحور أن يمتد إلى الشرق حتي طريق السويس لربط ممر التنمية بميناء السويس مما يساعد علي نقل البضائع بسرعة. والمحور الرابع هو محور الفيوم حيث يصلح السهل المستوي في شمال غرب منخفض الفيوم لإقامة العديد من الصناعات مثل صناعة الأسمنت التي تستخدم خامات الحجر الجيرى المتوفرة في المنطقة. أما المحور الخامس فهو محور البحرية ويربط ممر التنمية بواحات الصحراء الغربية. ويأتي محور المنيا في الترتيب السادس وهو أقصى الطريق التي توصل الممر بوادى النيل، ويستفيد من الكسبان الرملية والأرضى المنبسطة التي يمكن استخدامها لإنشاء مدينة تفوق في مساحتها مساحة مدينة المنيا، ويمكن إقامة مشروعات صناعية بها مثل تعليب المنتجات الزراعية، وتعتبر الكسبان الرملية خطراً يهدد هذا المحور، لذا يقترح المشروع إنشاء مركز لدراسة حركة الرمال في هذا الموقع لخدمة المناطق والمناطق الصحراوية الأخرى. والمحور السابع هو محور أسيوط وهو المحور الذي سيربط الواحات البحرية وسيوة ومحافظة الوادي الجديد بباقي أنحاء الوادي القديم، ومعظم أراضى هذه المحور مستوية تصلح للزراعة اعتماداً علي المياه الجوفية، كما يمكن إنشاء مدينة سكنية متكاملة وإنشاء محطات لتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية. أما محور قنا فيبدأ من غرب النيل ويسير بمحازاة النيل حتي هضبة الصحراء الغربية غرب بلدة أبو تشت، حيث يعلو الهضبة ويسير غرباً حتي يصل إلي المحور الطولى، وتتميز الأراضى بخصوبتها لذا يمكن الاستفادة منها في التوسع الزراعى، كما يمكن إنشاء صناعات خفيفة، ولابد من إنشاء سدود للحد من مخاطر السيول في هذه المنطقة. ومحور الأقص الذي يربط المحور الرئيسى بمدينة الأقصر والهدف منه التنمية السياحية، وإنشاء مشروعات سياحية، ومطار دولى علي سطح هضبة الصحراء الغربية، وإنشاء فنادق ومدن سياحية راقية. ومحور كوم أمبو بأسوان وينقسم هذا المحور إلي طريقين، فرع شمالي إلي كوم أمبو، وآخر جنوبى إلي أسوان ينفصلهما جبل البرقة، وتتميز أراضى المنطقة باستوائها، ومن ثم فهي صالحة للزراعة وتكثر بها المياه الجوفية التي تأتي بها الأودية مثل وادي الكبانية، ووادي أبو صبيرة، كما تسمح المنطقة بإقامة منتجعات سياحية شتوية اعتماداً علي الفن المعمارى النوبى. كذلك هناك محور توشكى والذي يؤهل للانتفاع الكامل بمشروع توشكى، ونقل المواطنين إليها، ونقل منتجاتها إلي باقي أنحاء الجمهورية والاستفادة من قناة توشكى لنقل المياه إلي المشروعات التي ستقام علي طول الممر. أما المحور الأخير فهو محور أبو سمبل ويهدف إلي وصول التنمية إلي حدود السودان مقابل وادى حلفا، ويساعد هذا المحور علي سرعة نقل البضائع والمواطنين من الضفة الغربية لبحيرة ناصر إلي بلدة وادي حلفا وبالعكس، ويساعد هذا علي زيادة التبادل التجارى بين مصر والسودان، ورغم الفوائد العديدة لهذا المشروع الطموح، إلا أن هناك عدداً من العوائق التي جعلت كثيراً من العلماء يتخوفون من تنفيذه، أهمها مشكلة التمويل، ثانياً: عدم وجود دراسات جيولوجية كافية للمناطق التي سيتم فيها المشروع، وثالثها مشكلة المياه، واستخدام المياه الجوفية في زراعة آلاف الأفدنة علي طول الممر مما يهدد بنضوب المخزون المائى، وما لذلك من تداعيات علي البيئة. ورغم هذا فقد أخذ المشير السيسي علي عاتقه تنفيذ المشروع حال فوزه، وحدد له فترة زمنية تصل إلي 18 شهرياً فقط بدلاً من 10 سنوات، فهل هذا ممكن؟ بديل للمحور في البداية أكد الدكتور عباس زغلول مدير مركز الاستشعار عن بعد ورفيق الدكتور فاروق الباز في دربه منذ السبعينيات أن هذا المشروع واحد من أعظم المشروعات التي لو تم تنفيذها ستشهد مصر نقلة اقتصادية وعمرانية غير مسبوقة. وأضاف أنه تم الاتفاق علي اعتبار الطريق الصحراوى الغربى (طريق أسيوط الغربي) محوراً بديلاً للمحور الطولى الذي كان من المقرر إنشاؤه بطول 900 كيلو متر وهذا ما توصل إليه الدكتور الباز في لقائه مع المشير السيسي، وأضاف أنه تم الاتفاق أيضاً على البدء بالمرحلة الأولي من أسوان إلي إسنا لإقامة تنمية في الصعيد الذي يحتاج إلى تنمية حتي تنهى علي مشكلاته، ومشكلات العشوائيات التي تنتج عن الهجرة من الريف والصعيد إلي القاهرة، ومن ثم تم الاتفاق على البدء بهذه المرحلة أولاً التي تتطلب عاماً ونصف العام وقد يكون هذا ما تحدث عنه المشير السيسي، وأكد علي ضرورة الاستفادة من الدراسات الموجودة في الجامعات المصرية والمراكز البحثية لتحقيق أعظم استفادة من هذا المشروع العملاق، مشيراً إلي أن الأراضى التي سيتم تنفيذ المشروع فيها توجد بها تكوينات جيولوجية من العصر الرباعي الحديث إلي عصر الأيوسيد، ومن ثم فمنها ما يصلح للزراعة، ومنها ما يصلح للبناء، وبها موارد يمكن استغلالها كالحجر الجيري ومحاجر الرمل والزلط، ومن ثم يمكن إقامة مصانع في كل محافظة للاستفادة من هذه الموارد. 80 مليون فدان ويكشف الدكتور سمير عبدالحليم رضوان، أستاذ الاقتصاد ومدير عام بحوث السوق بالبنك المركزي سابقاً، أن هدف المشروع استصلاح ما يقرب من 80 مليون فدان، ولكن المشكلة تكمن في المياه هل تكفي لذلك، أم لا؟ وكذلك هناك مشكلة التمويل التي تقدمت بمقترح لحلها عبر صكوك التنمية الزراعية، حيث يتم تمليك الأراضى بموجب صكوك للمستثمرين بحيث لا تتكلف الدولة شيئاً، وبذلك تتحقق التنمية الزراعية مما يشكل نقلة حضارية لمصر، عن طريق الزراعة والصناعات القائمة عليها بدلاً من الاستيراد، فكيف يعقل أن تستورد مصر 90٪ من احتياجاتها الغذائية، فهذا أمر خطير يهدد مصر وشعبها واستقرارها وأمنها، وأكد أن 18 شهراً مدة قصيرة جداً لتنفيذ مثل هذا المشروع الضخم، وكان يجب عدم تحديد أي مدة لبحث جميع جوانب المشروع، وتكلفته وكيفية تدبير هذه الموارد، وطرح مشروع الصكوك الذي سيوفر التمويل اللازم للمشروع ولن يكلف الدولة شيئاً. ويلتقط الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، أطراف الحديث، مشيراً إلي أن تحديد مدة تنفيذ المشروع ب18 شهراً دعاية انتخابية، وهذا أمر منطقي، فالمصريون تعرضوا لضغوط شديدة منذ ثورة 25 يناير، وأصبحوا لا يحتملون سماع وعود لسنوات، فهم لن يطيقوا صبراً إلا شهوراً، ومن ثم جاء كلام السيسي لكسب تأييد الناخبين، ولكن الأهم من ذلك هو الانتظار لحين انتهاء الانتخابات ولابد أولاً من حسم الخلاف الدائر بين العلماء بسبب هذا المشروع منذ سنوات طويلة. سيناء أولاً علي الجانب الآخر يري الدكتور علاء الدين إبراهيم، الأمين العام لنقابة العلميين، أن مشروع التنمية مهم، ولكن مازال العلماء مختلفين حوله، وتعرض لانتقادات واسعة من عدد كبير منهم ومدة ال18 شهراً غير كافية لتنفيذ مشروع بهذا الحجم، ولذلك يجب الالتفات لمشروع تنمية سيناء أولاً، فهي الظهير الشرقي لمصر، وتتمتع بأراض خصبة سهلة الزراعة، وبها موارد طبيعية يمكن الاستفادة بها في عدد كبير من المجالات الصناعية والطبية والسياحية، ومن ثم يجب أن يكون مشروع تنمية سيناء هو الأهم، ويجب أن تكون لها الأولوية القصوي، كما أن مشروع محور قناةالسويس سيدر مليارات الدولارات لمصر، لذلك يجب الاهتمام بهذه المشروعات أولاً بدلاً من مشروع مازال الجدل حوله لم يحسم بعد.