الأزمة الطاحنة التى عصفت بساحل العاج منذ أكثر من عشر سنوات يتناولها فيلم «الركض» للمخرج فيليب لاكوت، المولود فى كوت ديفوار، وبدأ مساره كمخرج فى سنة 1994 مع الفيلم القصير Somnambule. منذ ذلك الحين، امتلأ مسار المخرج الفنى بأفلام وثائقية عديدة وأفلام قصيرة خيالية. أما فيلمه Run، فهو أول فيلم طويل له، متناولاً الأزمة التى عانيت منها بلده ويعرض الفيلم ضمن منافسة الكاميرا الذهبية.. ومن المعروف أن الأزمة العاجية 2010 - 2011، هى أزمة سياسية فى ساحل العاج بدأت بعد تولى لوران جباجبو الرئاسة عام 2000، وادعائه الفوز فى الانتخابات الرئاسية العاجية 2010، وكانت أول انتخابات تشهدها البلاد منذ عشر سنوات.. واستناداً إلى نتائج اللجنة العليا للانتخابات أكد الحسن واتارا إلى فوزه فى الانتخابات وأحقيته بمنصب رئيس الجمهورية المنتخب. كما أعلن أن المجلس الدستورى قد أساء استخدام سلطته ويأسف لصورة بلاده فى الخارج كما أكد أنه يحظى بدعم كامل من المجتمع الدولى. غير أن كبار ضباط الجيش الإيفوارى ساندوا «جباجبو» وانقسم الجيش بين مؤيد للحسن واتارا ومعارض له. أما القوات الجديدة ورئيس الوزراء جيوم سورو ساندوا الحسن واتارا. قد اعتبر سورو أن واتارا هو الرئيس الشرعى والحقيقى للكوت ديفوار وقدم استقالته لجباجبو فى الرابع من ديسمبر. وقد أدى هذا الأخير اليمين الدستورية فى نفس اليوم فى منطقة أخرى من البلاد معلنا بتحد «سأواصل العمل مع جميع دول العالم. ولكننى لن أتخلى أبدا عن سيادتنا الوطنية». وكنتيجة لهذه التجاذبات السياسية انتشرت بعض أعمال العنف وإطلاق نار فى مناطق مختلفة من البلاد بما فى ذلك مدينة أبيدجان العاصمة الاقتصادية المهمة للبلاد وفى الخامس من ديسمبر عين جباجبو جيلبرت أكى رئيساً للوزراء وهو خبير اقتصادى وعميد للجامعة وكان ينظر إليه على أنه من المقربين لجباجبو.. وبعد فترة وجيزة أدى واتارا فى خضم الأزمة اليمين الدستورية معلقاً «ساحل العاج الآن فى أياد أمينة» وعين جيوم سورو رئيساً للوزراء. ويؤكد فيليب لاكوت أن فيلمه Run مأخوذعن عمل وثائقى بدأه منذ أكثر من 10 سنوات فى كوت ديفوار. وذهب من أجله فى 15 سبتمبر 2002 بكاميرا رقمية إلى مدينة يوبوجون، الموجودة فى ضاحية أبيدجان حيث عاش، لكى يقدم لمحة شاملة عن جيل من أجيال البلد. وعندما نشبت حركة التمرد، بدأ فى التصوير بالحى الذى عاش فيه والغريب أن التصوير تم أثناء حظرالتجوال. ويقول فيليب لاكوت: (ذات يوم ذهبتُ لاستجواب شاب قومى. سألتُه كيف التحق بالحركة وقال لى: «أنا لدى ثلاث أرواح»). وتلك الجملة ظلت عالقة فى ذهنه وهى التى جعلته يسرد قصة رجل شاب له ثلاث أرواح فى فيلمه «الركض».. وقضى «لاكوت» خمس سنوات على هذا الفيلم الوثائقى، Chroniques de guerre en Côte d'Ivoire، وسرعان ما أصبح فيلما مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بحياته الشخصية.. ولأن فيلم Run تناول موضوعاً سياسياً فى بلد خارج من نزاع.... لذلك أتهم فيليب لاكوت بأنه منحاز لأحد الأطرف وفى أحد الأيام وجد صورته فى أول صفحة بالجريدة مع هذا العنوان: «هذا الرجل خطير».. وبعدها، كان من الصعب عليه العودة إلى شوارع أبيدجان مع أن شركة الإنتاج لم توقف التصوير. أما فيلم «فيليب لاكوت» القادم فعنوانه If God Says Yes وتجرى أحداثه فى سجن «ماكا» فى أبيدجان. وهو اقتباس لرواية إيدجار ألان بوه. يتناول موضوع الحب والغرق والقرصان الذين يبحثون عن الكأس المقدّسة والشر. نحن نبحث عن شركاء. ويرى «فيليب لاكوت» أن للسينما طابعاً دولياً وبعض المخرجين الراحلين عنا أكثر مواكبة لعصرهم من الذين ما زالوا يُخرجون أفلاماً الآن... لذلك فالسينما التى تأثربها به ذات منحنى عالمى ويذكر منها مشاهداً فى الفيلم Etat de siège للمخرج كوستا جافراس، أو مشاهد من الفيلم Jeu de la mort للبروس ليه، إلى جانب الفيلم Stalker لتارتوفسكى. ومن أفلام «لاكوت» القصيرة: «أفير ليبنسكى» 2001، و«الرسول» 2007. من أفلامه الوثائقية: «ساعات القاهرة» 2002، و«وقائع حرب فى ساحل العاج» 2008.. ومن أفلامه «طرد الأشباح»، حول جان ميشيل باسكويت، الذى توفى فى 12 أغسطس 1988.