هل نتوقع صداماً بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب يجعل كلا منهما يلجأ إلي سلطاته الدستورية للدفاع عن نفسه ضد الآخر؟ هذا التخوف ليس سابقاً لأوانه لأننا علي أعتاب انتخاب الرئيس وبعده يتم انتخاب مجلس النواب وبعد ذلك يلتقي الطرفان وجهاً لوجه. الدستور ظلم رئيس الجمهورية قلص سلطاته لأقصي درجة، الرئيس ستكون مسئولياته أكبر أمام الشعب، سيكون مسئولاً عن تنفيذ برنامجه الذي وعد به جمهور الناخبين لكن سلطاته أقل حيث سيكون مقيداً أمام البرلمان الذي يملك معظم السلطات التي يستطيع من خلالها الإطاحة بالرئيس. الدستور جعل الرئيس ومجلس النواب يلتقيان في حارة سد، يستطيع الرئيس حل مجلس النواب طبقاً عند الضرورة بعد استفتاء الشعب إذا اصطدم مع البرلمان، وحتي ينفذ الرئيس غرضه يحتاج إلي ظهير سياسي من الشعب يؤيد طلبه بحل المجلس، وأجاز الدستور لمجلس النواب سحب الثقة من رئيس الجمهورية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناء علي طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب وموافقة ثلثي الأعضاء، كما يجوز لمجلس النواب محاكمة رئيس الجمهورية بتهمة انتهاك الدستور، أو بالخيانة العظمي أو أية جناية أخري بناء علي طلب موقع من أغلبية الأعضاء، ويصدر قرار الاتهام ضد الرئيس بعد تحقيق يجريه معه النائب العام. حالة أخري يعتبر فيها البرلمان منحلاً وهي في حالة عدم موافقته علي رئيس الوزراء مرتين، وإشكالية تعيين رئيس الوزراء معقدة يجب أخذها في الاعتبار فى قانون مجلس الشعب الذي يتم تعديله حالياً والأهم في التعديل هو طريقة اجراء الانتخابات التي تأتي برئيس الوزراء من الحزب أو التكتل الحائز علي الأغلبية البرلمانية، طبقاً للدستور يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه علي مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته علي ثقة أغلبية أعضاء المجلس خلال ثلاثين يوماً علي الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشح من الحزب أو الائتلاف الحائز علي أكثرية مقاعد المجلس، وإذا لم تحصل حكومته علي الثقة للمرة الثانية خلال ثلاثين يوماً عد مجلس النواب منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً، هذه المادة من الدستور وضعت الرئيس المحتمل في مواجهة مع القوي السياسية التي تسعي إلي حصد مقاعد البرلمان، الرئيس الجديد يلزمه أغلبية برلمانية قد تضطره إلي تشكيل حزب سياسي أو أن يكون له ظهير شعبي يستند إليه إذا لم تكن لديه أغلبية برلمانية تسانده إذا اصطدم مع البرلمان. الدستور أيضاً غل يد الرئيس في اجراء التعديلات الوزارية أو اعفاء الحكومة بالكامل إلا بعد موافقة أغلبية مجلس النواب، وسمح الدستور للرئيس باختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، ومنح الدستور لمجلس الوزراء حق الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة والاشراف علي تنفيذها، وهذا يعني في حالة عدم وجود تعاون بين رئيس الجمهورية والحكومة التي تتحكم فيها الأغلبية البرلمانية فلن ينفذ رئيس الجمهورية برنامجه الذي وعد به الشعب. إذن الصدام محتمل بين الرئيس ومجلس النواب، لجنة الخمسين هي المسئولة عن تجريد الرئيس من سلاح القوة الذي سلمته بالكامل إلي البرلمان، أعتقد ان المرشحين للرئاسة غير راضين عن سلطاتهما، ولذلك فإن انتخابات مجلس النواب ستكون أهم من انتخابات رئاسة الجمهورية، الرئيس القادم يسعي إلي أغلبية برلمانية تسانده، ولابد أن يفكر فيها المرشحان للرئاسة حالياً، ولكن كيف، هل سيتم ذلك عن طريق تشكيل حزب سياسي يخوض به الرئيس الفائز الانتخابات البرلمانية، أم يعتمد علي شعبيته السياسية في الشارع التي قد يحتاجها عند اللزوم في حالة اصطدامه مع البرلمان؟ هناك حل آخر قد يلجأ إليها الرئيس هي طلب تعديل الدستور لتخفيف قبضة البرلمان عليه. الدستور منح الرئيس وخُمس أعضاء مجلس النواب حق طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ولكن الموافقة علي التعديل مرهونة بتصويت أغلبية أعضاء مجلس النواب، مش قلت لكم الحارة سد، الرئيس الجديد لن يستطيع أن يحكم بدون برلمان موال له، فكيف يتحقق له ذلك وإلا سيكون مستقبله مجهولا.