لهذه الأسباب أطالب بتأجيل الحديث عن قانون انتخاب مجلس النواب فى الوقت الحالى، ونترل هذه المهمة للرئيس المنتخب. أولا نحن أمام استحقاق رئاسى مطلوب انجازه خلال الأيام القادمة دون أى تأخير، البلد فى حاجة ضرورية إلى رئيس منتخب رغم تقديرنا للدور الذى أداه الرئيس المؤقت عدلى منصور فى إدارة الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة 30 يونية، ولولا هذه الإدارة الحكيمة ما كنا أنجزنا واحدة خطوة واحدة فى خارطة المستقبل، الانتخابات الرئاسية محل اهتمام عالمى كبير نظرًا لأهمية مصر فى المنطقة، فمطلوب أن نظهر أمام العالم وأمام أنفسنا بأننا شعب جدير بتطبيق معايير النزاهة والحيادية المطلوبة فى انتخاب المرشح الجدير بهذا المنصب الرفيع، هذه المعايير نوفيها عندما ننتخب رئيسنا من بين متنافسين وليس عن طريق البيعة، ونترك الحكم لإرادة الناخبين فى الصناديق باعتبارها الوسيلة الوحيدة للحكم علي معيار النزاهة. هذه الانتخابات تتم فى بلد منهك اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وقانونيًا، ورغم ذلك فإنه مطلوب منا أن نوفر للانتخابات المناخ المستقر لإجرائها، وهذه المعادلة الصعبة تتطلب تفرغًا تامًا من الحكومة الجديدة التي أدت اليمين منذ أيام لتوفير المناخ الملائم لإجراء الانتخابات، وفى مقدمة ذلك الأمن، وتوفير الدعم اللوجستى للجنة الانتخابات الرئاسية التى بدأت اجتماعاتها لوضع اللائحة التنفيذية لهذه الانتخابات، ومطلوب أن تكون الأذهان، من الدولة والجماهير مركزة فى هذه الانتخابات، ويتجه الناخبون إلي برامج المرشحين للمفاضلة بينها، لأن الاختيار الناجح هو الذى يعتمد على البرنامج والشخص. لن يكون هناك وقت للتفكير فى شىء آخر غير الانتخابات الرئاسية، فلا صوت يعلو علي قضية اختيار الرجل الأول فى الدولة، فهناك هموم محملة بها الحكومة لتوفير لقمة العيش للمواطنين فى ظل إضرابات لا تتوقف، وبين إرهاب يهدد العملية التعليمية فى المدارس والجامعات، ويستهدف الجيش والشرطة وأمن البلاد فلن يكون هناك مجال فى ظل مسئولية الحكومة فى التوفيق بين تهدئة الشارع وبين توفير مناخ الانتخابات الرئاسية، التفكير فى أزمة جديدة وهى قانون الانتخابات البرلمانية الذى سيشكل على أساسه مجلس النواب القادم، إذا أضفنا إلى هموم الحكومة التي لا تجعلها قادرة حاليًا علي إعداد قانون يواجه أزمة مجتمعية، هما آخر، وهو أن قانون الانتخابات الرئاسية لم يسلم حتى الآن من النقد بعد خروجه فى مرحلة مرتبكة. هناك من يستغله أو بالأدق يستغل تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية كوسيلة ضغط علي مؤسسة الرئاسة، ويتهمها بالانحياز لمرشح معين، ومن أجل ذلك لا نريد التسرع فى طرح قانون الانتخابات البرلمانية فى هذا الجو، نحتاج حاليًا كل جهد لإجراء الانتخابات الرئاسية، وأن تترك مهمة إصدار قانون الانتخابات البرلمانية لرئيس الجمهورية المنتخب،هذا القانون فى حاجة إلى حوار مجتمعى كبير للوصول إلي النظام المناسب لإجراء الانتخابات، إن أهمية مجلس النواب القادم الذى حصل علي سلطات غير مسبوقة فى الدستور الجديد تتطلب نظامًا انتخابيًا يأتى بنواب جديرين بالقيام بهذه المهام، الحوار هو الذى سيحدد طريقة اجراء الانتخابات بعد استعراض آراء الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، هناك من يطالب بالنظام الفردى وهناك من يطالب بالقائمة وهناك من يطالب بالنظام المختلط، الجلوس إلى مائدة المناقشات هو الذى يحسم الخلاف، ويؤدى إلى حل وسط يحقق مصلحة الجميع، فالمطلوب أن تجمد الحكومة والرئاسة حاليًا أى تفكير فى قانون البرلمان وتركه للوقت المناسب، وتتفرغ الرئاسة والحكومة حاليًا لما هو أهم وهو انتخاب رئيس الجمهورية، قانون مجلس النواب مهم جدًا لكن الوقت الحالى لن يسمح بإصدار قانون يحوز توافق قوى المجتمع عليه.