في رسالة واضحة وحاسمة للجدل المثار حول ترشح المشير عبدالفتاح السيسي، نائب رئيس الوزراء، القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المقبلة، قال المشير: «إنني لا أستطيع أن أدير ظهري لمن يبدون الرغبة في ترشحي»، داعياً الشعب أن يتفهم هذه الإشارة ويعيها جيداً.. لكنه أكد في الوقت ذاته، أن هناك ترتيبات وإجراءات يجب إفساح المزيد من الوقت لها خلال الفترة المقبلة، لكي يتم تنفيذها بشكل رسمي سليم، في ظل وجوده كوزير للدفاع، ووسط الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، منبها إلي أنه لا توجد في النظام القائم «خطوات مقننة واضحة» لما يجب فعله عندما يترشح لمنصب الرئيس من يتولي مسئولية لها طبيعة خاصة كوزارة الدفاع. وكان المشير السيسي قد فاجأ الحضور - علي عكس المتوقع - في حفل انتهاء فترة الإعداد العسكري والتدريب الأساسي لطلبة الكليات والمعاهد العسكرية، دفعة مارس 2014، بالتحدث المباشر وللمرة الأولي في مسألة ترشحه للرئاسة. وقال في كلمته المرتجلة: إنه يتابع ما يثار في هذه المسألة، لكنه يري أن علي الجميع مراعاة أن من يتولي المسئولية ألا يكون دائماً حراً فيما يتكلم عنه. وأضاف أنه في يناير من العام الماضي، أن الأمن القومي المصري معرض لخطر كبير، وأن هناك تهديداً حقيقياً يمكن أن يؤدي إلي دخول البلاد في نفق مظلم، وأنه يقول ذلك الآن مرة ثانية حتي لا ينساه الناس، وحتي نعي ضرورة إيجاد مناخ للتفاهم و«الاصطفاف الشعبي»، وقال «السيسي» أنه حذر في إبريل من العام الماضي، الرئيس السابق محمد مرسي، من أن يتحول الخلاف بين الإخوان المسلمين والشعب إلي خلاف ديني. وقال المشير: «انظروا الآن حولكم جيداً.. فإذا كان هذا الذي يحدث في دول المنطقة هو الإسلام الذي يرضي الله، فلا نحاسب إلا أنفسنا». وأوضح أنه دعا الرئيس السابق، إلي أن يطرح مسألة استمراره في الحكم، في استفتاء شعبي حتي يجنب البلاد الفتنة.. لكنه رفض، وتحدث بمنطق: «يانحكمكم يا نقتلكم».. فقلت له: «هذا مرفوض وقبل ما تقتلوا المسلمين اقتلونا.. وربنا مطلع علي النوايا وهو الذي سيفصل بيننا». وأكد المشير أهمية التكاتف في المرحلة القادمة لمواجهة المشاكل المتراكمة، لأكثر من 30 عاماً، وقال إنه لا يوجد فرد واحد قادر علي مواجهة هذه المشاكل بمفرده، لكن الأمر يحتاج إلي العمل الجماعي الجاد، والشاق من جميع أبناء الشعب، وبغير ذلك لن تقوم لنا قائمة. وعقب انتهاء الحفل، عقد المشير عبد الفتاح السيسي، لقاء مع رؤساء تحرير الصحف، وممثلي أجهزة الإعلام، ومفكرين وسياسيين طرح خلاله أبعاد الموقف السياسي والاقتصادي الحالي، وضرورة الاصطفاف الشعبي، والاعتماد علي القوة الذاتية لمواجهة قضية من أخطر القضايا التي تمر بها مصر، وهي المشكلة الاقتصادية. كما نبه إلي ضرورة إيجاد سياق فكري قائم علي مراعاة الواقع، مع تشكيل حالة تفاهم عام بين القوي السياسية، داخل مربع المصلحة الوطنية. وتحدث المشير السيسي عن دور الإعلام في تشكيل حالة فهم حقيقي للتحديات المحيطة بالشعب، وقال: إنني سأقول لكم ما سبق أن قلته للرئيس السابق مرسي، وجماعته: «والله لأحاججكم يوم القيامة أمام الله» عن مسئوليتكم ودوركم الخطير في تشكيل وعي الناس وفهمها. وخلال كلمته التي ألقاها في الحفل، وحديثه مع الصحفيين والإعلاميين، حرص المشير السيسي علي تكرار عبارة «إن جيش مصر هو جيش وطني شريف».. موضحاً أن الجيش المصري لم يتآمر ولم يخن، وقال: «إننا شرفاء لا نباع ولا نشتري إلا لله وحده، وإننا لا نقف مع الحاكم أبداً إذا خرج الشعب عليه». ويأتي ذلك رداً من المشير علي مزاعم التخوين التي يرددها قيادات جماعة الإخوان، حيث أكد أنه قال للرئيس السابق محمد مرسي منذ بداية تعيينه إنه ليس إخوانياً ولا سلفياً لكنه انسان مسلم، وأن الجيش المصري هو جيش الشعب وليس جيش الإخوان، ولن يكون كذلك، وأضاف أنه كان يعلم منذ فبراير 2011 أن الإخوان سيصلون للحكم بسبب الفراغ السياسي الناتج عن عملية «التجريف» التي مارسها نظام ما قبل الثورة، لكنه أيضاً توقع صدامهم مع الشعب ثم خروجهم بسبب تحول الصراع بين الطرفين إلي صراع ديني وليس سياسياً، وأكد أنه قال لمرسي في فبراير من العام الماضي: «والله لقد سقط مشروعكم.. وأنتم لا تعرفون حجم صدمة الشباب والشعب فيكم». وتحدث المشير السيسي في حديث علي هامش اللقاء حول الجدل المثار بشأن جهازي تشخيص وعلاج الفيروسات الذين أعلن الجيش عنهما مؤخراً، مؤكداً أن هذا الموضوع جاد جداً، وأنه يعلم به جيداً وبكل تفاصيله، ويتابعه منذ عام 1996، لأنه يمس قضية في منتهي الأهمية، وهي صحة المصريين، ومواجهة هذا المرض المنتشر بشكل ملحوظ بينهم، لكنه أبدي أسفه من رد فعل الذين يتخذونه ذريعة للهجوم علي الجيش دون سبب واضح.