هل هناك فعلاً علاقة بين شركات قطاع الأعمال وتلوث البيئة؟.. الإجابة للأسف نعم.. هناك العديد من الشركات التابعة للدولة تلعب بعض مصانعها دوراً سلبياً جداً في علاقتها بالبيئة المحيطة بها، ربما اعتماداً علي الصلة المباشرة بأجهزة الدولة وأن المسألة «زيتنا في دقيقنا»، وبالتالي يمكن احتواء أية أزمة وأنه لن تتم محاسبة أحد لأن الجميع حكومة في بعض رغم عظم الخطأ. وفي وقت من الأوقات تزايدات عمليات إتلاف البيئة، الأمر الذي أدي إلي اعتبار عدد من شركات قطاع الأعمال العام عدواً مباشراً للبيئة وبصفة خاصة نهر النيل في مصر. ومنذ أيام عقد أسامة صالح، وزير الاستثمار، اجتماعاً مع رؤساء الشركات القابضة التابعة لوزارة الاستثمار، لمناقشة موقف المشروعات الخاصة بشركات قطاع الأعمال العام التابعة للوزارة من الالتزام بالضوابط البيئية، والتأكيد علي عدم قيام مصانعها بصرف مخلفاتها في نهر النيل.. حضر الاجتماع المهندس زكي بسيوني، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، والمهندس فؤاد عبدالعليم، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج، والمهندس يحيي المشالي، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، والمهندس حسن كامل رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية، وتعد تلك الشركات وعدد من مصانعها من أهم المتهمين بتلويث البيئة وعدم الاهتمام بشكل كاف بإجراءات حمايتها. فعلي سبيل المثال لا الحصر تعد شركة السكر والصناعات التكاملية من أكثر الشركات التي لاحقتها اتهامات تلويث البيئة من خلال مصانعها، وكذلك شركة كيما بأسوان وشركات الغزل والنسيج التي تصرف مواد الصباغة دون معالجة في مصارف الدلتا، بالإضافة إلي شركة الحديد والصلب التي تسببت في رفع نسبة التلوث بمنطقة التبين بحلوان. وفي الاجتماع استعرض رؤساء الشركات القابضة الموقف البيئي لمصانع شركاتها التابعة علي مستوي مختلف محافظات الجمهورية، وفي مقدمتها المحافظات المطلة علي نهر النيل، حيث طالب «صالح» قيادات الشركات بضرورة التواصل مع وزارتي البيئة والصحة، وطلب إجراء تحليل عينات للصرف الخاص بمصانع قطاع الأعمال العام بشكل دوري، للتأكد من مراعاتها للتوافق البيئي وخلوها من المواد أو العناصر الملوثة لنهر النيل، كما أكد الوزير ضرورة عمل جميع وحدات معالجة الصرف الصناعي الخاصة بمصانع شركات قطاع الأعمال العام علي مدار ال 24 ساعة، وذلك للتأكد من عدم الإضرار بالبيئة، هذا بالإضافة إلي المتابعة الدورية لوزارة الاستثمار مع الشركات، من أجل التأكد من مدي كفاءة مصانعها والتزامها بالضوابط والمعايير البيئية. وزير الاستثمار شدد خلال اجتماعه بقيادات الشركات القابضة علي أنه ليس هناك أغلي وأهم من نهر النيل كشريان حياة ومصدر لمياه الشرب لنا جميعاً، حتي نحرص علي سلامته والحفاظ عليه من أية عوامل ملوثة، مؤكداً أن الاستثمارات في البيئة تعد بمثابة استثمارات في صحتنا وأرواحنا جميعاً، وفي مستقبل الأجيال القادمة. من جانبهم، أوضح رؤساء الشركات القابضة عدم وجود أية مخالفات أو مشكلات بيئية لمصانع شركاتهم التابعة فيما يتعلق بتلويث نهر النيل، مؤكدين حرص شركات قطاع الأعمال العام علي التنسيق الكامل مع الأجهزة المعنية للتأكد من سلامة مشروعاتهم وبراءتها من تلويث نهر النيل، وذلك فيما يتعلق بمختلف المصانع العاملة بصناعات الحديد والصلب والألومنيوم والصناعات الكيماوية والصناعات الغذائية، مع الالتزام بتنفيذ خطة للتوافق مع المعايير العالمية بهدف مزيد من الحفاظ علي البيئة، وبتضمين أربعة مصانع متبقية تابعة لصناعات الغزل والنسيج لتشملها دراسات وعمليات التطوير المعدات لقطاع الغزل، بما يحقق ويضمن سلامتها بيئياً. والواقع يؤكد أن هناك عدداً من الشركات تسبب في خسائر كبيرة للبيئة المحيطة بها وهو الأمر الذي دفع الوزارة في وقت سابق، إلي البحث عن حل عاجل لإنقاذ وتطهير مصرف «كتشنر» حيث قامت الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام التي تقوم بالصرف الصناعي علي مصرف «كتشنر» بمحافظي الغربية وكفر الشيخ بتوقيع عقود التوافق البيئي وتطوير محطات معالجة الصرف بها لتطهير المصرف بتكلفة إجمالية بلغت 163.5 مليون جنيه، تم صرفها من صندوق إعادة الهيكلة التابع لوزارة الاستثمار. كما سبق وتم توقيع عقود تطوير محطات معالجة الصرف الصحي والصناعي بشركتي النصر للغزل والنسيج والصباغة، ومصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبري، بإجمالي 121.5 مليون جنيه، كما قامت كل من شركتي إسكندرية للزيوت والصابون وطنطا للزيوت والصابون بفرعيهما بتوقيع عقود تطوير وحدات معالجة الصرف الصحي والصناعي بها بإجمالي مبلغ 42 مليون جنيه. وفي عام 2009 تم رصد 550 ألف جنيه كمنحة لا ترد من البيئة لتركيب فلاتر بشركة النصر للتعدين بإدفو في أسوان من مشروع حماية البيئة لقطاع الأعمال العام والخاص والصناعي واشترك في المشروع 21 شركة منها 14 شركة قطاع أعمال عام. وكانت شركة السكر والصناعات التكاملية من أكثر الشركات التي لاحقتها اتهامات تلويث البيئة، وبصفة خاصة في منطقة الحوامدية، ثم عدد من مصانعها بالصعيد، وقامت الشركة بتنفيذ عقد تطوير لمصنع أبوقرقاص بالمنيا لاستبدال الوقود والمازوت بالغاز مما ساهم في خفض نسبة التلوث. كما رصدت وزارة البيئة مخالفات عديدة في المصانع، وتم إلزام مصنع الزيوت والصابون بالشرقية، بتوفيق أوضاعه البيئية نتيجة استخدام المازوت بتكلفة 6 ملايين جنيه. وفي وقت سابق، تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد شركة الدلتا للصلب بمسطرد، لتوفيق أوضاعها لعدم اكتمال سجل الحالة البيئية المعد لبيان تأثير نشاط المنشأة علي البيئة المحيطة وعدم استكمال سجل المواد والمخلفات الخطرة الخاص بكيفية التعامل مع المواد الكيماوية والتخلص الآمن من المخلفات. كما شهدت إجراءات المتابعة البيئية تحويل مطاحن جنوبالقاهرة للنيابة في وقت سابق لعدم التزام الشركة بالاشتراطات البيئية، وعدم اهتمام الشركة بقياس نسبة الأتربة الصادرة من المداخن، والتخلص غير الآمن من المخلفات الصلبة وعدم ارتداء العاملين مهمات الوقاية الشخصية. وتبدو المرحلة القادمة في حاجة أكثر إلي تفعيل إجراءات حماية البيئة في الشركات والمصانع التابعة للدولة وتفعيل دور وحدة حماية البيئة التابعة لوزارة الاستثمار، التي كانت تتولي عمليات الرصد والمتابعة مع الوزارات المعنية لاحتواء وحل جميع المشكلات البيئية التي تسببها المصانع التابعة لوزارة الاستثمار باعتبار أن أي تلويث للبيئة معناه إنفاق متزايد علي الصحة ومعالجة الآثار السلبية، فضلاً عن ضرورة أن يتم وضع تطوير المعدات والماكينات في أولوية المرحلة القادمة لأنه ثبت أن تقادم آلات ومعدات وماكينات المصانع مسئول رئيسي في ارتفاع نسبة التلوث في البيئة المحيطة.