هل تعلم قصة الحمامة الحولة والصياد الأحول؟ فالصياد الأحول حين همْ بوضع الحمامة في القفص أخطأ وخرجت من باب القفص لأنه كان أحولاً وأيضاً الحمامة حين همت بالهروب دخلت القفص بدلاً من الخروج منه. وهذا هو منطق السفهاء والحول السياسي، فتكرار الأخطاء الماضية وعدم الاستدلال المتقن بضرورة الغربلة والفلترة للحقائق التي هي مقدمات لا يمكن أن تأتي بنا إلي النتيجة المرجوة فتكرار الحزب الوطني مصورة ماء سفاهة. فإن قلنا إن علم المنطق هو القوانين التي تحدد التفكير الصحيح بالاستدلال بالمعلومات المعلوم أو المقدمات حتي يمكن أن ننتقل إلي الوصول للمجهول بأحكام فرضت صحتها إلي أحكام أخري تلزم عنها. والمنطق علم لا يلزم الأذكياء في غني عنه ولا يفهمه الأغبياء ولكن يحتاجه جداً السفهاء، فإن قلنا إن بعض الشباب لديهم إحباط لان ثورة 25، 30 يونية لم تحقق أهدافها ولم يجدوا طموحاتهم وأحلامهم التي استشهد من أجلها الكثيرون فلابد من استنباط شىء مهم أن هؤلاء الشباب كانت لديهم الطاقة لإسقاط النظام المبارك ولكن هل اقتلعنا جذور النظام ومازالت قواعد النظام تحاول لاهثة ان تطفوا علي السطح من جديد وتتصدر المشهد السياسي وظنت أن ثورة 30 يونية هي فرصة لاقتلاع الإخوان وإعطاء الفرصة لهم من جديد للمشاركة في الحياة السياسية فهذا منطق سفهاء لانه برغم أن الفساد مازال متوغلاً في المحليات ومازال، قوي رجال أعمال مبارك للحزب الوطني علي أهبة الاستعداد إلا أن الشعب تيقظ لمثل هؤلاء، فالغربلة بثورة 25 يناير قد حدثت وتم حل الحزب الوطني وعلمنا العاطل من الباطل والصالح من الطالح ولكن يأتي دور الفلترة وهي عملية صعبة لانها تحتاج لدقة وهذا دور الشباب في الانتخابات القادمة للمحليات. وإن لم ينص دستور 2014 علي مادة انتقالية تحظر إشراك أعضاء الحزب الوطني في الحياة السياسية لمدة دورة برلمانية وقد كنت أتمني ذلك حتي نتلافي كل تلك الشكوك ولكن فقدان الثقة في تصريحات الإدارة السياسية بعدم الرجوع للوجوه القديمة أو لنظام مبارك أو الإخوان أعطي نوعاً من الإحباط لدي كثير من الشباب الثوري الذي بدأ يتراجع عن المشهد لأنه فقد الأمل برجوع الحزب الوطني بحكم قضائي لسقوط كل الإعلانات الدستورية التي سبقت الدستور ومنها حظر قيام الحزب الوطني بالعمل السياسي لدورتين وكان ذلك بعد 25 يناير ومن مكتسباتها فكيف يكون تكرار الأخطاء مهانة لثورة 25 يناير ولكن علي الأقل 30 يونية التي استعادت المسار الثوري بغربلة التيار الإسلامي السياسي وكشف عورات الإخوان الخونة هل ستركز عليهم دون النظر إلي الأيدي التي تعبث في الظلام لمحاولة الظهور من جديد؟ إن سياسة الحكومة تحتاج إلي الترشيد وضرورة سرعة استقطاب المواطن من الشباب وغيرهم الذين يخشون علي ثورة 25 يناير أن تنهار وكأن شيئاً لم يكن، فالشيء الذي أحرزته من نتيجة هو رموز مبارك والحزب الوطني فهل نتجاهل ذلك؟! فحين دخل «مرسي» القفص خرج «مبارك» وأدلي بصوته بنعم للدستور دليلاً علي إنه يتمتع بالبراءة وحقوقه السياسية ولا نعلم أين قضايا الكسب غير المشروع التي لو حكم بها بالإدانة وهذا حق لأمكننا استرداد الأموال المهربة من بنوك سويسرا، وملاحقة غيرها من أصول ممتلكات بالخارج ولكن ضاعت القضية وضاع حق مصر في استرداد الأموال لأنه لم يصدر حكم بذلك، فهذا قصور في الإجراءات أدى لنتائج غير مرضية للشعب ولأن الأدلة الجنائية لم تكن كافية وهذا قصور من المدعى بالحق المدنى وحول سياسي وعلينا الآن أن نتلافى مشكلة سد إثيوبيا وأن نركز قبل فوات الأوان، فالعمل مستمر واليابان تمول المشروع ومصر ستصل لمرحلة الجفاف لو لم تنتبه الحكومة للإجراءات السريعة الحاسمة، فلا وقت حتي يضيع هباء كسنوات الفرص الضائعة التي مررنا بها منذ 25 يناير وأثناء حكم الإخوان وحتى الآن.