سؤال إلي د. عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، ود. سمير رضوان، وزير المالية، أين اختفت أموال الثورة، هل ذهبت إلي الموازنة العامة للدولة لدعم العجز النقدي والكلي؟ أم ذهبت إلي حساب خاص في أحد البنوك باسم الحكومة للإنفاق منها علي الفقراء والمعدومين والعاطلين والمرضي؟ أم تم وضعها في أحد الصناديق التي أسستها الحكومة لدعم عدد من المشروعات الملحة؟ أم أنها لم تأت بالكامل، وأن ما وصل منها إلي الحكومة جزء قليل؟ أم أنها لم تصل بعد؟ نعلم جميعاً أن ترسانة القوانين المعمول بها بشأن المنح والقروض، والتي تطبقها وزارة التعاون الدولي والتخطيط، مازالت سارية، ولم تلغها الثورة العظيمة، وبالتالي فمن حق أي مواطن علي أرض المحروسة أن يعرف قنوات التصرف في الأموال التي أتت بعد الثورة، وبصرف النظر عن قانونية قنوات التلقي والتصرف في تلك الأموال فإن عصر ما بعد الثورة يفرض علينا جميعاً الشفافية ويفرض علي الحكومة كشف حساب دورياً للشعب يظهر كل مليم تم إنفاقه ومصدره، تلك هي الشفافية التي نطمح إليها. المعلومات المتوفرة لدي والتي قرأتها من تقارير وسمعتها من رئيس الحكومة ووزير ماليته، واطلعت عليها من بيانات مجلس الوزراء والمتحدث الرسمي للحكومة، تشير إلي أن ما بين 30 و40 مليار دولار جاء إلي الشعب المصري، معظمها منح، وشراء لديون سابقة، وقليلها قروض ميسرة مثل قرض البنك الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، ورغم تحفظي علي قيام المالية بفتح الباب علي مصراعيه لتلقي الأموال سواء منحاً أو قروضاً أو شراء لديون فإن من حق كل مصري أن يعرف بالضبط كم عدد الأموال التي دخلت خزينة الدولة. نقرأ أن إيطاليا حولت ما قيمته 37 مليون يورو إلي مجالات تنموية في مصر، وأن قطر ستدعم الاقتصاد المصري ب10 مليارات دولار والسعودية ب4 مليارات، والاتحاد الأوروبي ب10 مليارات ودول أخري خليجية وأوروبية ب5 مليارات دولار، والولايات المتحدة ما يعادل 5 مليارات، إذا قمنا بتحويل 40 مليار دولار إلي الجنيه المصري يصير لدينا 240 مليار جنيه! هذا الرقم الضخم يعادل تقريباً نصف الموازنة الجديدة لمصر، والتي تقارب 510 مليارات جنيه! اندهش الناس من عدم وجود أثر لدي الحكومة لتلك الأموال التي انهالت علي مصر، وكل ما يسمعونه من المسئولين كلام يدعو إلي الاكتئاب أكثر من التفاؤل، ويدعو إلي أن الأسوأ قد يكون قادماً!، ولا أدري لماذا لا يقوم رئيس الحكومة بخطاب إلي الشعب يدعو فيه إلي روح الأمل والتفاؤل، ويعلن فيه خطط عملية لتحسين الاقتصاد، وتشغيل جزء من العاطلين، وهيكلة الرواتب وتثبيت المؤقتين وإعادة المفصولين بدون وجه حق، كما يعلن بالتفصيل عن المنح والقروض والمساعدات التي جاءت من الخارج لدعم الاقتصاد المصري، بالطبع شيء من هذا لم يحدث، ويبدو أنه لن يحدث، في ظل سياسة الحكومة الانتقالية والتي توارت سمعتها وحبست نفسها عن الشعب وعن الثورة التي جاءت بها! المثير أن الجهاز الإعلامي الحكومي والخاص شن حملة ضخمة حول الأموال المهربة والتي مازالت موجودة داخل البنوك المصرية لرموز النظام الفاسد السابق، هذه الأموال وفقاً لبعض التقديرات تصل إلي ما بين 40 و60 مليار دولار!، إذن هي تعادل أموال الثورة بمرة ونصف المرة، ويبدو أن كثرة الحديث عن استرداد تلك الأموال، دفعت عدداً من المصريين إلي احتساب حصة كل مواطن من تلك الأموال، وسمعنا عن قيام البعض بشراء مستلزمات منزلية بالتقسيط وجاء إلي الدكتور شرف، رئيس الوزراء، وسلمه فواتير التقسيط ليسدد من نصيبه من الأموال المنهوبة! بحسبة بسيطة نجد أن أموال الثورة والأموال المهربة في حدود ما يعادل 100 مليار دولار، أي 600 مليار جنيه، أي أكثر من أكبر موازنة في تاريخ مصر ب100 مليار جنيه، إذن من المفترض إذا تم تحصيل تلك الأموال خلال العام الجاري 2011 أن يصير لدينا فائض مالي للموازنة القادمة، ندعو المسئولين إلي الخروج عن الصمت والحديث عن مسار الأموال المهربة وأموال الثورة، ولماذا السكوت عن شائعات ملأت الدنيا عن ذهاب تلك المليارات في بنود الموازنة ولا يشعر بها المواطن المصري مثل الدعم والاستثمارات الخدمية إلي غير ذلك من المفردات الاقتصادية التي سئم منها المصريون طوال العقود الماضية. [email protected]