جامعة العاصمة تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول وفق الضوابط المعتمدة    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العآمة في ميناء دمياط    الزراعة تواصل أعمال مشروع تطوير ري قصب السكر في قفط وقوص بقنا    المرحلة الثانية لاتفاق غزة.. 7 خطوات حاسمة لتغيير شكل القطاع    وزير الخارجية يؤكد لنظيره الصيني خطورة الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة    عاجل- حماس: الاحتلال ارتكب أكثر من 813 خرقًا منذ سريان الاتفاق    حسام حسن يفكر بالدفع بمصطفى فتحي بديلًا ل"تريزيجيه" أمام نيجيريا    جوائز ذا بيست - زاخو العراقي يتوج بجائزة أفضل جماهير في العالم    مانشيني: أحترم اللاعبين الأكبر سنا أكثر من رامون    البدء في إصلاح واجهات المنازل المتضررة بحادث قطار طوخ    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يبحث سبل التعاون المشترك في مشروع مدينة النيل الطبية    أيمن أبو عمر: بروتوكول الإفتاء والقومى للطفولة يهدف لتعزيز حماية الأطفال    محافظ كفر الشيخ يتفقد عدداً من اللجان الانتخابية لمتابعة جاهزيتها لجولة الإعادة    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة    وزير التربية والتعليم ومحافظ أسوان يتفقدان 6 مدارس بإدارة إدفو التعليمية.. صور    مباحث الغربية تضبط المتهم بقتل شاب وإصابة شقيقه بكفرالزيات لخلافات بينهم    محاكمة "الست"    الهباش: الخطاب الديني ركيزة لمواجهة التطرف ودعم القضية الفلسطينية    دار المعارف تحتفي باليوم العالمي للغة العربية.. خصومات خاصة لعشاق لغة الضاد    ديفيد فان فيل: هولندا ستكون مقر لجنة المطالبات الدولية المرتبطة بحرب أوكرانيا    رئيس الوزراء يفتتح مصنع إنتاج الطلمبات الغاطسة بشركة قها للصناعات الكيماوية.. صور    آداب السعال خط الدفاع الأول.. 6 خطوات للتعامل المنزلي مع مريض الإنفلونزا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    جامعة قناة السويس تُنفذ قافلة شاملة بمركز أبوصوير لخدمة المواطنين ودعم الصحة والتعليم والزراعة    غرفة السياحة: "مفاتيح الترويج للمقصد المصري" مهم لخدمة السياحة ويكشف أهمية المنصات الرقمية    الإسكان تعلن تخصيص قناة رسمية للتواصل مع المستثمرين والمطورين العقاريين    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    فوز 24 طالبًا في أيام سينما حوض البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    وزارة الأوقاف: التفكك الأسرى وحرمة المال العام موضوع خطبة الجمعة القادمة    نائب وزير الخارجية الروسي: موسكو تسعى لإنهاء الأزمة الأوكرانية وترحب بالجهود الأمريكية    حماس: غرق الخيام وموت الأطفال في غزة امتداد لحرب الإبادة    بطل سيدني.. أحمد الأحمد يكشف تفاصيل لحظاته قبل فقدان الإحساس بذراعه    تباين مؤشرات البورصة المصرية بمنتصف تعاملات الثلاثاء    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    الزمالك يجدد ثقته في نزاهة جهات التحقيق في أرض أكتوبر ويؤكد التزامه الكامل بالقانون في قضية أرض أكتوبر (بيان رسمي)    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    الرعاية الصحية تستحدث خدمة تثبيت الفقرات بمستشفى دراو المركزى بأسوان    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجال مبارك العائدون للحكم!
نشر في الوفد يوم 19 - 06 - 2011

نحن الآن أمام وضع نموذجي لعودة رجال مبارك للحكم، كما يرسمها واقع يتحقق في أحلي صورة يريدها خصوم الثورة وفلول النظام.
أثناء توديعه لسجن طرة بعد الإفراج عنه علي ذمة مشاركته في موقعة الجمل وقف الرجل يلقي نظرة أخيرة علي الليمان الذي أودع فيه لبعض أسابيع، ويقسم أمام من حوله أنه لن يعود إليه مطلقاً، بل سيعمل علي إخراج كل من كانوا معه.. وصمت الرجل برهة وقال: أتعتقدون أن رجال مبارك سيسكتون علي ما فعلوه بنا.. أبداً أبداً لن يكون، سنعود بعد أسابيع أو أشهر للحكم كي يشهد هؤلاء الذين وضعونا في السجون أننا لن نتخلي عن حكم البلد وإعادة كل شيء علي ما كان عليه!
كانت وقفة الرجل شديد الثراء والذي أنفق الملايين لتمويل حملات دعم مبارك في الحكم قبل سقوطه بأيام، وأنفق مثلها أخري لتجميع الآلاف في ميدان مصطفي محمود، في مظاهرات »آسفين يا ريس«، ومن الضالعين في معركة الجمل الشهيرة، أشبه بما فعله فؤاد المهندس في فيلم »أخطر رجل في العالم«، حيث يظهر في نهايته متقمصاً شخصية فتي الكاوبوي الشرير »مستر إكس« ليقول: »إكس.. لن يموت أبداً!«.. مر المشهد الغريب في جولة الرجل قبل أن يستحم من رائحة العرق الذي تصبب عليه لأول مرة بعد أن كان يتعرق في الياسمين والفل الذي يتقن صنعته، منذ عشرات السنين، وعندما وصل إلي بيته الوثير ردد نفس الكلمات علي مسمع من المقربين من حوله، خاصة بعض المسئولين الذين اعتادوا علي العمل بإشارة منه، ولحساب رجال الحكم.
حسبت في البداية أن كلمات الرجل التي تسربت من أفواه بعض معارفه، مجرد تهديد ووعيد من شخص مجروح في كرامته، ومازال يتشبث بتلابيب الماضي، الذي عاش منعماً في ظله وانتقل من خانة أصحاب الآلاف إلي جمع المليارات، لقربه الشديد من نجل الرئيس السابق الذي جاوره في محبسه بليمان طرة، فإذا به خلال أيام قليلة، يجمع رجاله ويستعد لمعركة العودة للحكم من جديد.. عرف الرجل طريقه للشارع، وعلم أن العودة لن تكون هذه المرة من خلال ركوب الجمل ولا الخيول، وإنما من خلال الصناديق الانتخابية التي يتعارك حولها الجميع.. أيقن الرجل أن المعركة بين الثوار الجدد والأحزاب السياسية القديمة والقوي الوليدة لن تتوقف، لأن قلوبهم شتي وأيديهم متفرقة وكل طرف سيفه في الآخر، بينما المواطن صاحب البلد والصوت المطلوب السيطرة عليه، بعيد عن تلك المعارك، وكل يوم تمر فيه البلاد بأزمة تزداد حالته سوءاً.
هنا أقسم الرجل أن الشعب الذي ثار علي نظامه، هو الذي سيعود بهم إلي مقاعد الحكم، خاصة أن رجاله، مازلوا يسيطرون علي قواعد اللعبة الانتخابية، من بدايتها إلي نهايتها.. فالمجالس المحلية التي تدير الانتخابات مازالت تابعة للحزب الوطني المنحل، حيث يوجد جيش مدجج بكل تجارب الغش والخداع يتكون من 50 ألف شخص، جلهم كانوا خداما للحكم السابق، ومنفذين لكل وسائله في التزوير وسرقة الصناديق وأصوات الناس.. والأجهزة الإدارية في الدولة التي تشكلت في السنوات الأخيرة، تضم في أغلبها، شخصيات دخلت الحزب الوطني طواعية وطمعاً في المزيد من المراكز والامتيازات المالية والاجتماعية التي كانت توزع علي هذه الفئة دون غيرها من البشر.. ويجلس بجوار هؤلاء حزمة كبيرة من العمد ومشايخ البلد ورجال الأمن والبلطجية الذين يتحسرون علي المهابة التي صنعها لهم نظام فاسد حكم الناس بالحديد والنار.
هذه الفئة التي نطلق عليها فلول النظام مازالت موجود وقوية الشأن بينما انهمك بعض الثوار في التنظير ومحاربة القوي السياسية الأخري، واعتقدوا أن حرق مقر الحزب الوطني، والحكم بإعدامه قانونياً أنهي قواته الموجودة حالياً في كل شق في المدن وكل قرية ونجع.. وبينما تتشرذم قوة الثورة، التفت الفلول علي بعضها، فها هو الملياردير العائد من السجن، يقسم بأنه سيدفع كل أمواله لمن يشاركه في إعادة رجال مبارك إلي السلطة.. وهناك من سار علي نهج الرجل علي وجه السرعة، فها هو رجل أعمال آخر وعضو بارز في الحزب الوطني المنحل يجمع رجاله من الصحفيين والإعلاميين الذين كانوا يشكلون الرأي العام في التليفزيون المصري أو القنوات الخاصة، ليصنع لهم قناة رأسمالها نحو 200 مليون جنيه، كي يصبح للحكم البائد صوت عال.. ومن العجب أنه أستعان بنفس الأراجوزات التي كانت تحرك الإعلام بتوجهات شخصية من جمال مبارك وأجهزة الأمن، ويسوق فكرته علي أنه فتح جديد في دنيا الصحافة والإعلام، وأن بعض المشاركين في الثورة يلهثون خلفاً طلباً للمال والشهرة، وهم لا يشعرون أنه يجرجرهم إلي شق الثعابين مرة أخري.
ولا عجب أن نري مجموعة تطلب مساهمة المصريين في إنشاء قناة فضائية جديدة اسمها »مبارك« والناس هدفها الرد علي »المزاعم« التي يرددها البعض عن ثروات الرئيس وآله، و»تفضح« الخصوم السياسيين له الذي انقضوا علي الحكم. وليس بخاف علي أحد أن هناك قناة تنسب نفسها للفراعنة العباقرة، تخصص صاحبها في الدفاع عن العهد البائد، وزاد في تطاوله علي كل القوي السياسية القديمة والحديثة لدرجة أثارت دهشة الناس، الذين يعلمون أنه كان يتحرك بأمر مباشر من سيده السابق صفوت الشريف، وأمن الدولة، وجعلت الشعب يسأل بأي قوة رجال أو أجهزة يقاتلهم هذا الفرعون علي الملأ الآن؟!
تحركات أشاوس الحزب الوطني المنحل واكبها، صيحات عالية من بعض رجال الأعمال تطلب وقف محاكمة أصدقائهم، بحجة عدم التأثير علي حركة السوق، ولم يتوقف أي منهم، علي ما يحدث في اليونان من مشاكل، ولا في أوروبا وأمريكا من مساءلات تطال رؤساء البنوك والشركات والوزراء والرؤساء، دون أن تتعطل ولا تهتز الأسواق، لأن دولة القانون هي الحصن الحصين لأي مستثمر والحامية لرأس المال.. وتدخلت أقلام وصحف لتثير الفزع في قلوب الشعب، خاصة الشباب منهم، كي يهتم الناس بلقمة العيش، ويتلهون في حياتهم اليومية، كما كانوا يأتمرون بذلك في الماضي، ويظل الباب مفتوحاً أمام رجال الوطني للعودة للحكم من أوسع أبوابه.
نحن الآن أمام وضع نموذجي لعودة رجال مبارك للحكم، كما يرسمها واقع يتحقق في أحلي صورة يريدها خصوم الثورة وفلول النظام.. فنعلم أن هناك أموالاً تجهز للإنفاق منها علي البلطجية والمزورين والفاسدين لإجهاض ثورة رويت بدماء الشباب، ومع ذلك نري قتالاً بين القوي السياسية الأخري، وتكالباً من البعض علي تمويل أعمالهم من الخارج أو الاستقواء ببعض السفارات والمنظمات، بينما هموم الشعب اليومية غائبة ومستقبله ملبد بالغيوم.. قد لا يلتفت هؤلاء إلي أقوال صنديد في الحكم السابق، ولا يرون ما تجهزه فلول النظام في أجهزة الإعلام و المحليات، وأخشي ما نخشاه أن نصحو يوماً ونجد مبارك وقد عاد علي أكتاف رجاله إلي القصر الجمهوري، عبر صناديق فارغة وأصوات مدفوعة الأجر، بعد أن أنشغلنا عنه بالأمور التافهة والعقول المتأرجحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.