يطلق عليه في الجهاز المصرفي «بنك الأفكار» وعندما تتحدث إليه تجده تاجراً، وصانعاً ومزارعاً وفلاحاً، استطاع خلال 7 سنوات دمج أربعة كيانات مصرفية، وتوحيد ثقافة العاملين، وسد فجوة المخصصات البالغة 6.4 مليار جنيه، وحول البنك من خسائر ضخمة الي أرباح، وتعامل بمرونة مع مشاكل العاملين، واستفاد من السلبيات وحولها الي ايجابيات. محمد عشماوي رئيس مجلس إدارة بنك المصرف المتحد يكشف ل «الوفد» عن الأسباب الحقيقية وراء نجاح تجربة الدمج، ويتحدث علي فكرة إنشاء صناديق متخصصة في الصناعة والزراعة والتجارة وغيرها والتي يمكن أن تساند الحكومة في المشروعات التي تطرحها؟ ويطرح أفكاراً كثيرة ربما تجد من يلتقطها من حكومة الببلاوي ليتم تحويلها الي واقع. لماذا نجحت تجربة الدمج في المصرف المتحد رغم عدم وجود بنك دامج وفشلت في تجارب أخري داخلية وخارجية؟ - بدأت التجربة بتأسيس بنك المصرف المتحد، وقام البنك بالاستحواذ علي الكيانات الأربعة بنك النيل والمصري المتحد والمصرف الإسلامي وبنك الدقهلية الوطني، وبعد ذلك بدأت عملية الدمج بين البنوك الأربعة، وهذه التجربة استحدثت عناصر جديدة في عملية الدمج، منها أنه لم يكن هناك بنك دامج، وهي حالة فريدة في الجهاز المصرفي، والعنصر الثاني هو أن المالك هو البنك المركزي الذي كان موضع منازعة من الرأي العام حول دوره كمالك ورقيب، ونزاع من المساهمين مع البنك المركزي. كيف تغلبت علي أربع ثقافات مختلفة للعاملين في البنوك الأربعة؟ - اختلاف الثقافات بين البنوك الأربعة كان أصعب ما تم مواجهته في البنوك المندمجة، خاصة أن لكل بنك طابعاً خاصاً، فبنك النيل كان مملوكاً لثلاث عائلات وأقاربهم ومعظم العاملين من بلاد هذه العائلات، والمصرف الإسلامي كان الوحيد الذي يمتلك رخصة إسلامية إلا أن العاملين كانوا يشعرون بخيبة أمل حول تجربة المصرفة الإسلامية ويشعرون بالقلق حول هل سيتم الاستمرار في عملية المصرفة الإسلامية أم لا؟ وبنك الدقهلية الوطني، عبارة عن كبار رجال الأعمال في المحافظة، والبنك الوحيد الذي كان مستحدثاً هو المصري المتحد إلا أن معظم الموظفين في فترة التوقف تركوا البنك، فكانت صعوبة التجربة هي التعامل مع العاملين في هذه البنوك الأربعة. وكيف نجحت التجربة؟ - نجحت بقيام البنك المركزي بتقديم دعم مالي بنحو 3 مليارات جنيه إلي جانب مليار جنيه رأسمال البنك، في الوقت الذي كانت قد تجاوزت الخسائر نحو 6.4 مليار جنيه وهي معلنة من الجهاز المركزي للمحاسبات، ودعم معنوي من البنك المركزي، وبدأنا في البحث عن المميزات الايجابية، فوجدنا انتشار الفروع في الأقاليم، وأقرب إلي السوق ومعظم الحسابات متناهية الصغرة، ومعظم العملاء من القري والنجوع وبالتالي لا يحتاج البنك موظفين لغات وإنما قام البنك بدورات تدريبية لهم مع الاستفادة من المميزات النسبية للموظفين، واتجه البنك إلي العمل علي عودة كبار العملاء للبنك، عن طريق لقاء العملاء في أكثر من محافظة بحضور المحافظ وقيادات المحافظة، وطلبنا من رجال الأعمال مساندة البنك لإنقاذ هذه البنوك الأربعة من الانهيار، وبالفعل تم عودة الكثير من العملاء القدماء، الي جانب قيام البنك بأعمال خيرية لجذب العملاء للبنك تم في أول سنة عمل صك الأضحية ومنظومة إيثار واكتشفنا أثناء التسويات مشكلة المساجين بسبب ديون بسيطة وهو ما يطلق عليهم الغارمين قمنا بسداد الكثير من هذه الديون، وتعاون الجميع من مصلحة السجون ووزارة العدل وغيرهم في حل هذه المشكلة، بالإضافة الي تأسيس إدارة للاتصال والتي كان لها دور في معرفة مشاكل العاملين والتعامل معهم ومعرفة أفكارهم في التطوير وتوحيد الثقافات بين جميع العاملين، من خلال الاتصال الداخلي، والاتصال الخارجي بالرأي العام والصحافة الاقتصادية، بل وتقوم بتكوين فريق عمل وكل فريق داخل البنك يقوم بنشر انجازاتهم علي الشبكة الداخلية لخلق نوع من الوعي بما تقوم به كل إدارة وخلق المنافسة بين العاملين الي جانب تطوير قطاع الاتصالات ليصبح من أفضل القطاعات المتواجدة في البنوك المصرية وبشهادة من الرقيب ومؤسسات دولية. كيف تمت إدارة ملف التسويات والديون المتعثرة؟ - بدأنا مباشرة في هذا الملف، ودون النظر إلي الخلف أو الأسباب التي أدت إلي التعثر، وذلك بدعم من البنك المركزي، المدعي العام الاشتراكي والرأي العام، وهو ما أدي الي حالة من الثقة ودفعت العملاء الي الاتجاه الي التصالح مع البنوك دون خوف. ماذا عن مساهمون البنوك المندمجة؟ - وصلنا إلي اتفاق ودي معهم، بأن المصرف المتحد ليس له علاقة بهذا النزاع، وأنهم لابد أن يقوموا بدعم المصرف المتحد من أجل نجاح التجربة، وقصر نزاعهم مع المالك بشكل قانوني، لأن مصالحهم وتعاملاتهم مع البنك، ولا يجب ألا يحدث صدام خلال فترة بناء البنك، وبالفعل وقفوا مع البنك، واستمرت شركاتهم عملاء في البنك. قمت بالاستعانة بخبرات مصرفية من الخارج، وكانت محل نقد من العاملين بالبنك.. فما رأيك؟ - لم تتم الاستعانة بأي خبرة من الخارج إلا للوظائف المستحدثة أو التي لا يوجد فيها خبرات داخل البنك مثل قطاعات المخاطر وغيرها، ولا تمثل منافسة داخل البنك، وكان يتم الإعلان الداخلي في البداية عن الوظائف ومواصفاتها في حالة عدم تقدم أحد من موظفي البنك يتم الاستعانة بخبرة من الخارج ، بل أن بعض البنوك رفعت مرتبات الموظفين بها حتى لا يتم جذبهم من هذه البنوك. ما خطط التطوير الحالية في البنك؟ - نعمل الآن علي الانتقال للمرحلة الثانية بوضع البنك علي المستوي العالمي من خلال الاستعانة بمكاتب عالمية بوضع جميع إدارات البنك علي المستوي العالمي، واستحداث ادارات جديدة وفقا للمتطلبات العالمية. كيف نترجم النجاح في عملية الدمج الي أرقام؟ - ارتفعت ميزانية البنك من 6 مليارات جنيه إلي 19 مليار جنيه حاليا، بلغت الودائع 13 مليار جنيه، والقروض 8 مليارات جنيه، ونهدف لرفع رأسمال البنك بحيث يعطي قدرة للبنك لرفع سقف تمويل العميل الواحد من 100 مليون جنيه حاليا الي 200 مليون جنيه، وسوف نصل إلي 50 فرعاً بعد افتتاح فروع في أسيوط ومرسي مطروح إلي جانب فتح فروع في قليوب وشبين وأسوان، بالإضافة الي زيادة ماكينات الصرف الآلي إلي 156 ماكينة، وقد كان للثورات دور ايجابي في زيادة وعي العملاء بأهمية التعامل مع ماكينات الصرف الآلي وزيادة الطلب علي استخدامها، والتي تقوم بتقديم خدمات متكاملة. كيف تغلبت علي مشاكل العاملين، خاصة في ظل ارتفاع حجم الانتقادات؟ - ما تم انجازه كان بفضل العاملين بالبنك، وكانت هناك انتقادات ولكن تم التعامل معها بدون صدام، مع تلبية مطالبهم في حدود المستطاع وبما تسمح به ميزانية البنك، وتوظيفهم بشكل جيد، مؤخرا تم عمل ترقية استثنائية للموظفين قبل الخروج علي المعاش ب 6 شهور إلي جانب زيادة في المرتب 5%، هذا بخلاف المميزات الأخري التي حصل عليها العاملون مثل العلاج وزيادة الأجور وغيرها. هل البنك أصبح مؤهلاً لنزول البورصة؟ - اليوم أصبح البنك مؤهلاً للقيد في البورصة، بعد سد فجوة المخصصات، وتحقيق أرباح وسد فجوة المخصصات بالكامل بشهادة من الجهاز المركزي للمحاسبات، والذي تم التعاون معه من أول يوم عمل، ومطالبته بإظهار كل الملاحظات حتى يتم التعامل معها مباشرة، دون الانتظار لنهاية العام. هل الظروف الاقتصادية والأمنية أثرت علي عملية التسويات بالبنك؟ - أثرت في أول عاملين من الثورة، إلا أن هناك حراكاً الآن في عملية التسويات فقد تم تحصيل 480 مليون جنيه خلال العام الحالي 2013 منها 80% آخر ثلاثة شهور بما يشير إلي أن هناك حراكاً في الاقتصاد، وذلك مقارنة بنحو 18 مليون جنيه عام 2012 ، ولا شىء خلال عام 2011، بل تم وقف بيع بعض الأصول خلال العام الحالي، وذلك للتوقع بأن هناك حراكاً سوف يحدث خلال العام القادم، ولتعظيم استفادة البنك من هذه الأصول. كيف يمكن تحرك الاقتصاد والإنتاج وجذب الاستثمارات؟ - يتم ذلك من خلال إنشاء صناديق متخصصة في التنمية الصناعية والزراعية، وتقوم هذه الصناديق بالاستثمار في المشروعات التي لها تأثير علي الاقتصاد، ومرتبطة بالصادرات لجذب العملات الأجنبية، وكثيفة العمالة، هذه الصناديق تستطيع جذب الاستثمارات الأجنبية والتغلب علي تخوف المستثمرين العرب أو الأجانب من الدخول في مشروعات منفردة، تفضل الدخول في كيانات كبيرة، ويتم إدارة هذه الصناديق بخبرات متخصصة وإدارة محترفة يمكن جذبها من الخارج إذا تطلب الأمر، وبذلك نستغل مدخرات المصريين في تحقيق التنمية الاقتصادية، ويمكن أن تساهم هذه الصناديق في القيام بالمشروعات القومية التي تطرحها الدولة في المحافظات المختلفة، يمكن أن تقوم هذه الصناديق بدور المطور الصناعي وليس الممول من خلال إنشاء مصانع وشركات في المجالات المختلفة وفقا لطبيعة كل صندوق وبعد ذلك يتم بيعها لتأسيس غيرها، وتوجد تجربة لجمعية مصر الخير تتمثل في إنشاء مصنع للمنسوجات بالمنيا بالمشاركة مع مساهمين أوروبيين وسوف يوفر 500 ألف فرصة عمل، وسوف يتم تحويله الي صندوق لطرحه في السوق ثم يتم بيع المصنع والاتجاه إلي إنشاء مصانع أخري كثيفة العمالة عقب نجاح التجربة، ويمكن أن تكون هناك تجارب في مختلف الصناعات من خلال إنشاء صندوق للزراعة تكون مهمته استصلاح الأراضي الزراعية، وصندوق للصناعة تكون مهمته إنشاء المصانع الجديدة في مختلف الصناعات، بل ويتم إنشاء شركات متخصصة في الإدارة فمعظم الشركات أو المصانع التي تعثرت كان السبب بنسبة 80% عدم وجود إدارة فنية للمشروع. من الذي يقوم بإنشاء هذه الصناديق؟ - يمكن أن تساهم البنوك في تأسيسها، بحصة 10% والحصة الباقية للمؤسسات والأفراد، ويمكن أن يتم توجيه الصناديق لتحقيق التنمية الاقتصادية في المحافظات للاستفادة من الميزة النسبية في كل محافظة، ويكون الأولوية لأبناء هذه المحافظة، من خلال التوعية بأهمية المشاركة في هذه الصناديق، يمكن أن تقوم هذه الصناديق ببيع المصانع التي تم تأسيسها، وإنشاء مصانع أخري. هل أنت متفائل بالاقتصاد؟ - متفائل بالاقتصاد خلال الفترة القادمة، ولابد أن يشارك الجميع من أجل النهوض بالاقتصاد المصري، خاصة أن أفضل وقت للاستثمار هو الوقت الحالي، وهناك حراك يتمثل في رغبة حقيقة من المستثمرين الخليجيين في الاستثمار في مصر، ويبقي أن تلعب الدولة دور صناع السوق، لخلق الفرص الاستثمارية أمام المستثمرين. البنك المركزي يستعد لطرح مبادرة للتمويل العقاري كيف تري تأثير هذه المبادرة علي القطاع العقاري؟ - البنوك تحجم عن تمويل هذا القطاع بسبب مشاكل كثيرة، وبلغ حجم التمويل العقاري 3.5% من حجم الإقراض 560 مليار جنيه والبنك المركزي مستعد لرفع الحد الأقصي للتمويل من 5 الي 10% ويعمل حاليا علي إطلاق مبادرة سوف يكون لها تأثير كبير علي مساهمة البنوك في عملية التمويل العقاري، سيعمل علي تحريك القطاع وحل كثير من المشاكل التي يواجهها وسوف يعلن البنك المركزي عن تفاصيلها قريبا. كثيرا ما يتم الحديث عن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ولكن مازال حجم التمويل ضعيفاً لهذا القطاع؟ - حصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من القروض مازالت في حدود 2% من إجمالي القروض في الجهاز المصرفي، ومازال هذا القطاع يعاني من مشاكل هيكلة في المنح، بسبب عدم وجود رخص للمشروعات، ويعمل البنك المركزي مع الحكومة والمحليات لحل كثير من مشاكل الهيكلة التي تواجه هذه الصناعات حتى يسهل علي البنوك تمويلها، بالإضافة الي أن هذا القطاع يعاني من مشكلة قانونية تتمثل في عدم وجود قانون تنظيم السجل العيني للمنقول، وقام اتحاد البنوك بالتعاون مع البنك الدولي والبنك المركزي وجهات أخري بعمل مشروع القانون وصدق عليه وزير العدل وينتظر رفعه الي مجلس الوزراء تمهيدا لرفعه لرئيس الجمهورية، وهذا القانون من الممكن أن يساهم في زيادة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 80%، الي جانب تسهيل إجراءات ومطالب عملية المنح مثل عدم المطالبة بضرورة وجود محاسب معتمد من البنك المركزي، ويكتفي بشهادة محاسب قانوني الي جانب مخاطبة وزارة المالية باعتماد الاقرار الضريبي عند مليون جنيه بدون فحص، وقيام الحكومة ببعض الإجراءات التي تسهل علي البنوك ولا تضطر الي أخذ مخاطر مما يرفع تكلفة الإقراض، ويجب أن تقوم الحكومة بدور صانع سوق في المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال عمل حضانات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بجوار المصانع الكبري، واعطاء حوافز للمشروعات والشركات التي تعتمد علي هذه المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبذلك يتم تشجيع الشباب ومساندتهم في عملية التسويق. ماذا عن دعم المصانع المتعثرة؟ - الحكومة رصدت 500 مليون جنيه لدعم الصناعات المتعثرة، والبنوك تعمل علي تعويم العملاء بعد دراسة جدوي المشروع، ومستقبل الصناعة والتدفقات النقدية، ويمكن تأسيس شركة لإعادة هيكلة المصانع المتعثرة وتنقل إليها المصانع المتعثرة ويتم تعويمها، والاستعانة بالخبرات الفنية لإدارة كل قطاع ووضع خطة إصلاح، مع عدم استهلاك الوقت مع الصناعات التي ليس لها مستقبل خاصة أن 80% من التعثر والإفلاس كان بسبب عدم وجود إدارة فنية لهذه المصانع. متي يتعامل البنك وفقا للمعاملات الإسلامية بشكل كامل؟ - متوقف علي حجم الطلب علي المصرفة الإسلامية فالحصة السوقية للمعاملات الإسلامية 5% والمصرف المتحد يستحوذ علي 20% من هذه الحصة، وإيداعات البنك 60% وفقا للشريعة الإسلامية و40% تقليدية، والقروض والتسهيلات الائتمانية 40% منها وفقا للمعاملات الإسلامية، و60% تقليدية، ونعمل علي نشر التوعية بالمصرفة الإسلامية من خلال كتيبات يصدرها البنك، ومركز بحوث متخصص في المصرفة الإسلامية.