قرارات الرئيس خارطة طريق للعاملين فى الميديا والصحافة    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    وزير الرى يتفقد مجرى نهر النيل فى 6 محافظات لمتابعة إزالة الحشائش    سؤال صلاح.. وبيليه فلسطين!!    من يوقف جنون نتنياهو؟    بتروجت يمنح الزمالك أولوية التعاقد مع حامد حمدان فى يناير بشروط    تشكيل البنك الأهلي لمواجهة غزل المحلة في الدوري    القبض على السائق المتسبب فى حادث الشاطبى    إنسانية اللا طمأنينة    محمود عصمت: شراكة "أميا باور" نموذج يحتذى به في مشروعات الطاقة    الأمن الغذائى    عبد الصادق الشوربجي: زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا تعكس تقدير الرئيس لدور الصحافة المصرية    ضبط 300 ألف بيضة فاسدة تحتوي على دود وحشرات في الغربية    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يطلق استمارة المشاركة في مسابقات الدورة العاشرة    بسنت شوقي تجرب "حمام الثلج" لأول مرة: "مستحيل أعمله في مكان أحلى من الساحل"    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    بدء اختبارات المرشحين للعمل بالأردن في مجالات اللحام وتصنيع وتركيب هياكل معدنية    بحوزته كمية كبيرة من البودرة.. سقوط «الخفاش» في قبضة مباحث بنها بالقليوبية    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    الداخلية تكشف ملابسات واقعة التعدي على صاحب محل بشبرا الخيمة    البورصة تتلقى طلب قيد شركتى جيوس للمقاولات واعمل بيزنس للتدريب    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    تفاصيل انتهاء المدة المحددة للتظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025.. فيديو    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    قطع المياه فى مدينة نبروه بالدقهلية غدا لمدة 12 ساعة لإصلاح تسريب بالمنطقة    فلوريان فيرتز يتوّج بجائزة أفضل لاعب ألماني لعام 2025    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    تفاصيل لقاء أشرف زكى مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية.. صور    فى انطلاق ملتقى "أهل مصر".. 8 ورش إبداعية استكمالا لمسيرة دعم وتمكين المرأة    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 6 أشخاص بينهم طفلة بإطلاق نار جماعى فى بالتيمور الأمريكية    التعليم العالى: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس فى إنتاج بروتينات علاجية    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 38.3 مليون خدمة طبية مجانية خلال 25 يومًا    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع لاعب الزمالك السابق    السيسي يوافق على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    لست قادرا على الزواج ماذا افعل؟.. يسري جبر يجيب    حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها.. المفتي السابق يوضح    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    ميكروباص يصدم 9 أشخاص على طريق كورنيش الإسكندرية (صور)    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    سلامة الغذاء: حملات رقابية ميدانية استهدفت 333 منشأة غذائية الأسبوع الماضي    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 10 أغسطس 2025    «لا أريد آراء».. ريبيرو ينفعل بعد رسالة حول تراجع الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير رؤوف سعد في حوار مع "الوفد":
"الدب الروسى" قادم.. بشروط مصرية 30 يونية أربكت الحسابات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط
نشر في الوفد يوم 24 - 11 - 2013

شهدت العلاقات المصرية الروسية مراحل تراوحت بين التواصل والفتور، وكانت فترات الخمسينيات والستينيات هي الأفضل حيث شهدت بناء «السد العالي» وتدشين مصانع الحديد والصلب والكيماويات والألومنيوم، بالإضافة إلي تسليح القوات المسلحة بالأسلحة الروسية وتم تتويج هذه العلاقات بنصر أكتوبر 1973 باستخدام السلاح الروسي.. ثم تحولت بوصلة السياسة المصرية في عهد الرئيس «السادات» إلي المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد ثورة 30 يونية، بدأت الزيارات المتبادلة بين البلدين لاستعادة دفء العلاقات القديمة.
هذا الحوار مع السفير رؤوف سعد، السفير المصري السابق لدي الاتحاد السوفيتي، وروسيا تحاول إلقاء الضوء علي طبيعة العلاقات بين البلدين، ومغزي عودتها من جديد في هذا الظرف التاريخي المهم..
كيف تري السياسة الخارجية المصري حالياً؟
- بوصلة السياسة الخارجية في مرحلة إعادة الصنع وتتم وفق معادلة سياسية مختلفة عن الماضي، حيث كانت تقتصر السياسة الخارجية علي الواجهة الرسمية للدولة من حكومة. ونظام وقوات مسلحة، والآن أصبح الشعب هو الحاكم والضامن، بعد ما كان البعض يري أن السياسة الخارجية كائن سياسي مستقل عن الدولة أو إنه لا ترتبط بباقي في مؤسساتها وهذا مفهوم خاطئ تماماً.
ما أولويات السياسة الخارجية في النظام الجديد؟
- لابد أن يتحقق ارتباط جديد بين السياسة الخارجية والمصالح الوطنية للحفاظ ولحماية وتدعيم المصالح المصرية في عالم زالت فيه الحدود ومعاني السيادة بتعريفاتها التقليدية وأصبح عالماً بلا فواصل، ومن ثم تبدو أهمية الانفتاح علي كل دول العالم، وبهذه البوصلة السياسية لتحديد أولوياتنا ومصالحنا، وعليه لابد أن تكون السياسة الخارجية جزءاً من صناعة القرار الوطني وليست انعكاساً له، وهذا هو ما لاحظناه في بيان نبيل فهمي وزير الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي عندما خصص نصف كلمته لعرض الأوضاع في مصر ومسيرة الثورة وبهذا رأينا الخارجية المصرية تخاطب العالم كله من خلال الأمم المتحدة.
وما حدود الأمن القومي من منظور الخارجية المصرية؟
- استقر التفكير أن الأمن القومي مرتبط بالخارج من حدود شرقية وجنوبية ومياه النيل لكن الحقيقة أن الأمن القومي يبدأ من الداخل بكل ما يؤثر في حاضر ومستقبل الدولة ويتمثل في التعليم والصحة والبيئة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، والتماسك المجتمعي والعلاقات بين فئات الشعب المختلفة وبين التيارات والأيديولوجيات في المجتمع كل هذا يبدأ من الداخل ويفيض علي الخارج.
ما هو مستقبل معاهدة السلام بعد ما أصبح للشارع دور في القرار السياسي؟
- ليس من الحكمة أن نختلق مشكلة تمثل اضطراباً كبيراً في الداخل والخارج، والسلام كان اختياراً وجزءاً من ثمار الانتصار في حرب أكتوبر 1973، وفيما يتعلق بمصر والسلام يحاول البعض أن يصوره علي أنه تنازل وهذا خاطئ لانه لم يكن يتحقق إلا بالانتصار لكنه يظل منقوصاً طالما لم تعد حقوق الفلسطينيين لأصحابها وأراضيهم إلي ملاكها ومصيرهم وإرادتهم إلي أيديهم، ولهذا يجب أن يستثمر السلام في الشرق الأوسط بشكل فعال بأن يدرك صانعو القرار في إسرائيل ان استمرار هذا الوضع في ظل التغييرات الهائلة التي فجر بها المنطقة يمثل خطراً مباشراً عليهم حتي لو ظنوا غير ذلك.
ماذا عن الواقع العربي بعد 30 يونية؟
- لا نستطيع القول بوجود واقع عربي واحد للأمة العربية التي تمر بمرحلة انقسام وتمزق حتي لو ظهرت مؤشرات إيجابية صنعتها ظروف الأزمة في مصر، والموقف الرائع لدول الخليج خاصة السعودية والكويت والإمارات، ومع هذا الأمة العربية تفتقد أكثر من أي وقت سابق إلي أواصر الوحدة في الرؤية حتي لا يصبح اختلاف المواقف غير المبرر بين بعض الدول العربية خلافاً كبيراً. ويقيني ان سبب الانقسامات العربية في الماضي يرجع إلي أن الشعوب كانت غائبة ومغيبة ولم تكن تملك القرار، ومن ثم فتحت الأبواب لكي تدخل العوامل العلنية والخفية لكي تؤثر في صناعة القرار العربي وتزيد من الانقسام وتقلل من قدرة العرب علي استثمار ما لديهم من موارد، لكن الآن توجد نقطة بداية جديدة تبدأ من شعب مصر لاننا مقبلون علي حقبة جديدة يعود فيها الحكم إلي الشعوب وهذا سيضمن أن يقرر الملاك الحقيقيون القرار الخاص بمستقبل أوطانهم.
وما هي أدوات الإخوان في هذا؟
- إدارة العلاقات الخارجية كانت ستؤدي إلي حالة من الاستقطاب الشديد في علاقتنا الخارجية نتيجة أن الأجندة غير وطنية ومحكومة بأطر عقائدية تنتمي إلي الماضي مما كان سيؤدي إلي تفتيت المصالح ويحرمنا من البوصلة السياسية التي يحكمها رؤية سياسية شاملة نستطيع من خلالها تحديد مصالحنا الحقيقية وأفضل السبل لتنميتها وتطويرها ومن ثم تحديد السياسة الخارجية الوطنية بإطار تحكمه المصلحة الوطنية أولاً وأخيراً.
كيف تري الموقف الروسي وخاصة الرئيس «بوتين» من ثورة 30 يونية؟
- موقف الرئيس «بوتين» تجاه ثورة 30 يونية كان من أروع المواقف في مضمونه وتوقيته وهو من أهم إفرازات الثورة المصرية، وأيضا موقف الشعب المصري معبراً عن حس رفيع وحضاري تجاه موقف «بوتين» الذي تجاوز معاني النبل والإخلاص ليقدم لمصر موقفاً مسئولاً يعكس إدراكا بحقيقة الثورة وفي توقيت فاجأ ملايين الشعب المصري بموقف استغربته ومازالت تستغربه من جانب الدول الغربية التي تذكرت فقط الأشكال التقليدية للديمقراطية وتجاهلت المعني الحقيقي للديمقراطية الذي تمثل في خروج عشرات الملايين لتمارس حقها في استرداد ثورتها وملكيتها للبلاد بعدأن فشل «محمد مرسي» وجماعته في تنفيذ العقد الذي عقد بين الطرفين في 30 /6 /2012.
ما هي الأسس التي يقوم عليها التقارب بين مصر وروسيا خاصة أن الدولتين لم تعودا كما في الستينيات؟
- نعم وعلينا أن ندرك أن روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفيتي الأمس ومصر ليست مصر «ناصر» وبالتالي اللغة التي سوف تحكم علاقتنا هي المصالح المتبادلة.. وأيضا سوف نقع في خطأ كبير لو تصورنا أن هناك ارتباطاً بين علاقتنا مع روسيا وإنها نتاج لتوتر علاقتنا مع أمريكا لان ذلك خطأ كبيراً في الحسابات لان مصالحنا مع أمريكا تحتاج فقط إلي ضبط إيقاع يتمثل في الشفافية، والاحترام المتبادل والتكافؤ أخذاً في الاعتبار ضرورة أن يفهم الأمريكيون هيكل المعادلة السياسية الجديدة التي يحكمه الشعب المصري.
علاقة روسيا بالأمريكان في أفضل حالاتها الآن هل من الممكن أن تضحي بها روسيا من أجل العودة إلي الشرق الأوسط؟
- علينا أن نفهم وجود مصالح ضخمة الآن بين روسيا وأمريكا، والروس ليسوا علي استعداد أن يخاطروا بهذه المصالح لصالح أي طرف، حتي لو كان ما حدث من تقارب بين مصر وروسيا قد يدخل في إطار التنافس بين القوتين فليس من مصلحتنا أن نكون طرفاً ثالثاً في هذه اللعبة لأننا لا نريد ذلك والروس أيضا لن يقبلوه ولكن طبيعة المرحلة الجديدة هي التعامل بصفة المشاركة الأصلية وبالمفهوم الاستراتيجي.
هل من الممكن أن يتم التقارب بين الدولتين بعيدا عن العلاقات التاريجية؟
- بالطبع لا.. لأن الاتحاد السوفيتي بلا شك هو صاحب الإسهام الأول في إرساء القاعدة الصناعية في مصر والآن أصبحت علي هامش الصناعة المصرية نتيجة اعتبارات سياسية مثل الخصخصة أو قلة الاهتمام لغياب التحديث والإحلال والتجديد حتي وصلت صناعات الحديد والصلب والألومنيوم والكيماويات إلي درجة أن البعض يري عدم أهمية لاستمرارها.. وأيضا «السد العالي» الذي يمثل مركز إدارة نهر الحياة في مصر ويحتاج إلي صيانة وتجديد وإحلال مستمرين، وبما أن الروس ساهموا في هذه العمليات خلال السنوات السابقة إلا إنه يتعين أن يتوفر لهذه العملية استقرار في المتابعة والتنفيذ، والروس هم الأولي ان يصوتوا ويجددوا ما صنعوه، ولكن كل الإسهامات الصناعية التي شارك في إنشائها الروس لابد أن تكون في إطار السياسات الاقتصادية لمصر من الصناعات الاستراتيجية في ظل تواجد القطاع الخاص.
وماذا عن التقارب الجديد في المستقبل؟
- هناك إمكانيات ضخمة للتعاون الاقتصادي لأن روسيا بدأت منذ أكثر من عقدين في تنفيذ سياسة تسمي بالتحول (conversion) وهي نقل التكنولوجيا العسكرية هائلة التقدم إلي القطاع المدني وقد عايشت ذلك بنفسي بالإضافة إلي أن روسيا ترقد علي ثروة هائلة من العلم والتكنولوجيا وهذا يمثل واحدة من أهم الاحتياجات التي تفتقر إليها مصر، حيث يعاني البحث العلمي تراجعاً شديداً نتيجة ضعف الإمكانيات وهو ما يمكن أن نجد استجابة له في التعاون مع روسيا.
وماذا عن التعاون في المجال النووي؟
- المفترض أن مصر علي أعتاب بناء قدرة نووية للاستخدامات السلمية وروسيا تمثل أحد عمالقة هذه الصناعات وهم من بنوا القدرة النووية لإيران، ومن ثم إمكانيات التعاون في هذا المجال كبيرة خاصة أنهم يؤكدون أن التعاون لا يمكن أن يتجاوز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وأيضا قطاع الآلات الصناعية والزراعية الثقيلة وهو أمر ملح في ضوء أن التنمية هي الضمان لمستقبل مصر وروسيا بما لها من إمكانيات ضخمة يمكن أن تساعد في هذين المجالين، هذا بخلاف إنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين وهو مطلب قديم لمصر، والسوق الروسي يعشق المنتجات المصرية من الملابس والأزياء، إذن لغة المصالح هي التي تحكم علاقتنا مع روسيا ولهذا لا نتوقع منحاً أو معونات أو هبات.
لكن كل الأنظار تتجه إلي التعاون العسكري بين مصر وروسيا؟
- ما يجب أن يعرفه الجميع أن هذا التعاون لم يتوقف لان الانطباع لدي رجل الشارع كأننا نستأنف علاقات قطعت وهذا غير صحيح لان ما يقرب من 40٪ من السلاح المصري هو سلاح روسي، ولكن يمكننا التوسيع في هذا المجال بالتعاون والاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة دون أن يخل هذا من الهيكل الفني العسكري الذي تحدده القيادة العسكرية المصرية.
في السابق كان الروس لديهم أيديولوجية يهمهم نشرها في المنطقة ولهذا كانوا يقدمون المعونات والتسهيلات والآن لن يقدموا الكثير؟
- الواقع أن مصر بحكم الزمان والتاريخ والجغرافيا ستظل مركزاً أساسياً للشرق الأوسط والعالم العربي، وإذا نظرنا إلي ديناميكات القوي الفاعلة في الشرق الأوسط نري روسيا تكاد أن تقف علي هامش المنطقتين نتيجة للخروج الروسي من مصر في السبعينيات، ومن ثم علي المستوي الاستراتيجي لو حصلت روسيا علي تواجد مؤثر في مصر فإن ذلك سيمثل تطوراً مفاجئاً في التوازنات الدولية والإقليمية في المنطقة، كما أن التعاون الاقتصادي والتجاري مع مصر يمثل تدعيماً مهماً للذراع الاقتصادية الروسية ويمثل أحد الأركان الأساسية لاستعادة ولو جزء من المكانة الروسية التي فقدت بتفكك الاتحاد السوفيتي خاصة أنهم ينتظرون مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية في مصر تتطلع استراتيجياً إلي الامتداد الاقتصادي والجغرافي إلي آسيا وإفريقيا، ويهم روسيا أن تكون طرفاً مشاركاً في هذ الانطلاق، إذن عودة الروح إلي العلاقات المصرية الروسية يمثل تعويضاً لمكانة كبيرة كانت روسيا تتمتع بها وتوارت في ظل تلاحق الأحداث في مصر.
وكيف سيدار الملف المصري السوري - الروسي في ظل هذا التقارب؟
- يوجد عامل مشترك بين الدول الثلاث يتمثل في تهديد مستقبلهم وهو تيار اليمين الديني وان كانت روسيا تطلق عليه بلغة الخطاب الروسي العامل الإسلامي، والأديان في روسيا تمثل هوية أكثر منها عقيدة وروسيا بها حوالي 25 مليون مسلم وعلي تخومها الجنوبية حوالي مائة مليون مسلم وارتفاع نبرة الدين أو التأسلم السياسي يعني ارتفاع نبرة الهوية، وإذا تم تسييس هذه الهوية يمكن أن تكون مؤشراً للانفصال عن الروس وهذا ما وضح في الشيشان والعنف الذي تعاملت به موسكو مع الإرهابيين هناك، ولو طبقنا هذا من الجانب الروسي بالنسبة إلي مصر وسوريا سوف نجد أن انكسار حكم التأسلم السياسي في مصر يقوي من عضد روسيا في موقفها من هذا التوجه وهذا العامل ضمن مكونات موقف روسيا من الأزمة في سوريا لانهم في تقديري لا يؤيدون نظام «بشار» يقدر ما يتخوفون من وقوع نظامه بعد رحيله في أيدي المتطرفين بما يمكن أن يعنيه ذلك من دعم للإرهاب الدولي ونشر الفكر العقائدي المتطرف الذي يغذي فكرة الانقسام لدي الروس المسلمين.
الشرق الأوسط منطقة نفوذ للسياسة الخارجية الأمريكية والجمهوريات السوفيتية السابقة خط أحمر للنفوذ الروسي.. ماذا لو تم اللعب الأمريكي في هذه الجمهوريات رداً علي رجوع الروس إلي الشرق الأوسط؟
- التنافس الدولي بين الروس والأمريكان لم ولن يتوقف حتي بعد انتهاء الحرب الباردة، ومنطقة وسط آسيا التي تشمل جنوب السوفيت السابق هي هدف لأمريكا بوجود تعاون روسي مصري أو بعدم وجوده وأمريكا تتواجد في عدد منها بالفعل.. والشرق الأوسط يشهد تغيرات كثيرة ولا شك أن 30 يونية أربكت الحسابات الأمريكية بالنسبة لمستقبل المنطقة وروسيا تفاجأت بهذه التطورات، ثم إن أمريكا ستصبح في عام 2017 أكبر مصدر للبترول في العالم، ويوجد قرار أمريكي استراتيجي بزيادة الاهتمام بمنطقة آسيا والباسيفيكي لمواجهة التحديات الضخمة التي يفرضها العملاق الصيني، وذلك يعني أن الشرق الأوسط الذي كانت تظن أمريكا انها تستطيع التخفيف من تواجدها فيه بسبب هذين العاملين، تواجه فيه تحديات جديدة نتيجة حساباتهم السياسية الخاطئة جداً.
إذا سيتحول الشرق الأوسط إلي منطقة صراع مرة أخري؟
- لا.. بل أتوقع أن تصبح منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام الطرفين وأن يدرك الأمريكيون أن خسائرهم سوف تستمر بسياسة استيطانية حمقاء وعدم استيعاب قدرة الشعوب علي التغيير والذي قدم له الشعب المصري نموذجاً غير مسبوق.
ما هو رد الفعل الأمريكي الإسرائيلي تجاه التقارب المصري الروسي؟
- علي الأقل هناك متابعة دقيقة لما يحدث، لان بدء مرحلة جديدة بين مصر وروسيا ليس بالأمر الثانوي والكل يعلم أن تطوير هذه العلاقة سيكون له نتائج علي المنطقة كلها، ولو أخطأوا الحسابات سيواجهون مزيدا من الخسائر، وإذا أرادوا أن يدخلوا في معادلة المكاسب لجميع الأطراف فحينها يمكن أن يشاركوا في صنع مستقبل أفضل للشرق الأوسط والبداية عودة الحقوق إلي أصحابها الفلسطينيين وبدء مرحلة السلام الشامل الذي يجمع بين كل الدول العربية وإسرائيل.
وماذا عن مثلث العلاقات المصرية الأمريكية الإسرائيلية بعد التقارب المصري الروسي؟
- القرار المصري ببدء مرحلة جديدة مع روسيا يوضح قدرة مصر علي الحركة لتحقيق مصالحها دون الإخلال بعلاقاتها مع الآخرين والتي تديرها ويجب أن تديرها برؤيتها لمصالحها وليس كما يتخيله البعض أننا نخضع لشريط تفرض ذلك.
كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلي تقارب العلاقات المصرية الروسية؟
- أجندة الاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط تختلف عن الأجندة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي يضع في اعتباره أن الشرق الأوسط يقع في تخومها الشرقية والجنوبية، وأنها منطقة تعاني من الفقر والاضطراب، وعدم الاستقرار، وأنها تمثل خطراً مباشراً علي أوروبا من خلال ما تصدره من هجرة غير شرعية وإرهاب واضطرابات يمكن أن تهدد استقرار المنطقة الرئيسية لامدادات البترول إلي أوروبا وبالتالي فإن أوروبا تترقب وتتابع ويهمها في النهاية أن يساهم هذا التقارب في دعم الاستقرار في المنطقة دون أن يؤثر علي التواجد الأوروبي وعلي مصالحهم في المنطقة.
تري زيادة وزيري الدفاع والخارجية الروسيين إلي القاهرة تعد تمهيداً لزيارة الرئيس «بوتين»؟
- لا أعتقد أن المسألة قاصرة علي هذا وأرجح أن تتم زيارة «بوتين» إلي القاهرة في الصيف القادم، ولكن الزيارة تحمل دلالة وتمثل رد فعل قويا يتكافأ مع الموقف الشعبي المفاجئ لروسيا والذي أبرز عمق الزخم التاريخي الذي يربط بين البلدين والذي كان يظن الروس أنه تواري مع الزمن، وقد يكون الأهم إيفاد الوزيرين في آن واحد أمر غير مسبوق في الزيارات الثنائية مع مصر، لكنه قائم في علاقات روسيا مع الدول الكبري والذي يمكن أن نستنتجه من هذا القرار انه رسالة بأن روسيا تقدم علي بدء هذه المرحلة مع مصر وفق مسار استراتيجي وليس مرحلياً أو تكتيكياً لان الزيارة تجمع بين السياسة والعسكرية تمهيداً إلي الحاضر والمستقبل.
هل نستطيع أن نقول إن الدب الروسي قادم وبقوة أم ببطء وحذر شديد؟
- عملت في موسكو مرتين فترة السوفييت 1987 وحتي 1991 والمرة الثانية موسكو روسيا منذ 2002 وحتي 2006 ومن خلال معرفتي بالروس أقول إن الدب الروسي قادم وبقوة، ولكن سيكون القرار المصري جزءاً أساسيا من تحديد كل الأمور، وبالطبع فإن حسابات الروس الدولية هي التي تجعل البعض يعتقد أنه قادم ببطء، وهذا في تقديري يمكن تسميته بأن الروس يديرون قراراتهم السياسية بحسابات شديدة ودقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.