لم تستقر لجنة الخمسين علي وضع السلطة التشريعية في الدستور الجديد، إذا كانت ستمثل بمجلس واحد هو مجلس النواب أم بمجلسين، حيث يستمر مجلس الشوري باسم جديد هو مجلس الشيوخ، يوجد من أعضاء اللجنة من يريد المجلسين كما يوجد من يريد المجلس الواحد وكل له أسبابه ومبرراته، مطلوب التأني قبل التصويت، لا نريد حسم الخلاف حول هذا الأمر المهم علي طريقة «حادي بادي.. سيدي البغدادي» احتراماً لتاريخ مصر العريق في الحياة النيابية الذي شهد أقدم حكومة مركزية عرفها التاريخ في تشييد أولي حضارات الانسانية وصياغة أولي صور التوحيد الالهي قبل الرسالات السماوية. ولقد عرفت مصر الحياة النيابية في تاريخها الحديث مع تولي محمد علي باشا، وكانت البداية الأولي لتنظيم الحياة النيابية في مصر مع إنشاء المجلس العالي الذي أسسه محمد علي باشا في 27 نوفمبر 1824 وهو أول مجلس نيابي يتم اختيار بعض أعضائه بالانتخاب ويراعي فيه تمثيل فئات الشعب المختلفة، وتكون من 24 عضواً في البداية ثم صار عددهم 48 عضواً بعد اضافة 24 شيخاً وعالماً. وفي 25 أكتوبر عام 1866 تأسس مجلس شوري النواب بأمر الخديو إسماعيل، وعيّن إسماعيل باشا راغب رئيساً له ويعد هذا المجلس البداية الحقيقية للحياة النيابية في مصر. ومجلس الشيوخ ليس جديداً في الحياة النيابية المصرية فقد أنشئ «الشيوخ» في 15 مارس 1924 وانتهي في 25 نوفمبر 1952 وتناوب علي رئاسته أحمد زيور باشا ومحمد توفيق وعدلي يكن ويحيي إبراهيم ومحمود بسيوني ومحمد محمود خليل وعلي زكي العرابي ومحمد حسين هيكل، وأنشئ مجلس الشوري 1980 وتناوب علي رئاسته الدكاترة محمد صبحي عبدالحكيم وعلي لطفي ومصطفي كمال حلمي، ثم كان آخر رئيس له قبل ثورة 25 يناير هو صفوت الشريف. كما رأسه الدكتور أحمد فهمي بعد الثورة في عهد الإخوان، السؤال المطلوب الاجابة عنه من أعضاء لجنة الخمسين هو هل نحن في حاجة إلي غرفتين برلمانيتين أم غرفة واحدة تكفي؟! المشكلة ليست في الاسم شوري أو شيوخ»، التصويت علي طريقة ملك ولّا كتابة عبث لا يليق بتاريخ مصر النيابي ولا بالمستقبل الذي يجب أن نواجهه بآليات رقابية قوية وخطط تنفيذية تنهض بالبلد وتنقذ الاقتصاد المنهار وتقوي مؤسساته وتحافظ علي مقدراته. الدكتور السيد البدوي شحاتة رئيس الوفد وعضو لجنة الخمسين طالب بوجود غرفتين برلمانيتين.. مجلس نواب ومجلس شيوخ، وقال ان وجود مجلس الشيوخ بسلطات تشريعية ورقابية سيمنع سيطرة أي تيار علي المجلس وقال ان وجود غرفتين يسهم في إحداث توازن تشريعي ويمنع صدور قوانين باطلة دستورياً، كما كان يحدث من قبل، آراء كثيرة داخل اللجنة تؤيد اقتراح الدكتور البدوي.. هناك ترحيب في الشارع بالشوري أو بالشيوخ إذا امتلك اختصاصات تشريعية تجعله مختلفاً عن مجلس النواب ويؤدي دوراً ايجابياً في تقوية الأداء البرلماني وفي مقدمته الاختصاص التشريعي.. لكن لا للشوري ولا للشيوخ إذا استمر خيال مآتة أو ديكوراً كما كان في السابق.. مجرد منح حصانة ووجع قلب في انتخابات وأعباء وتكاليف مادية لا قبل للبلد بها.. إما مجلس حقيقي وإما بلاش.