نحن دولة فى مرحلة البناء، تشبه عمارة تحت الإنشاء، وتحتاج الى إجراءات مشددة ومتنوعة ومختلفة لحماية مكوناتها من السرقة، وإذا كانت مكونات العمارة على الأرض من زلط ورمل وأسمنت وحديد وطوب تحتاج إلى أطقم خفراء حراسة لحمايتها من النهب، فإن مكونات الدولة التى مازالت مواد أولية مثل الدستور والبرلمان ومؤسسة الرئاسة وسلطات الدولة فى حاجة الى إجراءات استثنائية للسير فى إتمامها، ومثل العمارة التى يعين عليها حارس واحد بعد استكمالها وإقامة سكانها فى شققهم، فإن الدولة عندما يكون لها رئيس وحكومة منتخبان فإنها تكون أكثر قوة لأنها ستكون وصلت إلى مرحلة الدولة، وعندما يكون هناك برلمان وسلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية تستكمل أعمدة الدولة، وتسهل عملية تأمينها. الوضع الاستثنائى الحالى الذى تمر به الدولة يحتاج الى إجراءات أمن استثنائية كما حدث فى فرض حالة الطوارئ لمواجهة إرهاب الإخوان، ولكن ارتعشت يد الحكومة، وفشلت فى تطبيق الطوارئ، وفوتت عليها عملية استخدام آلية قوية فى التصدى للمظاهرات المسلحة، التى سقط فيها أبرياء، ودمرت فيها منشآت حيوية كثيرة، ولن تستطيع الحكومة تجديد الطوارئ بعد «14 نوفمبر» إلا باستفتاء شعبى، لن يكون فى إمكان الحكومة إجراءه، ارتعاش يد الحكومة قابلته الجماعة الإرهابية بالتصعيد واختارت الجامعات منذ بداية الدراسة لتحقيق أهدافها فى القيام بعمل يسمع صداه فى الخارج وهو «تعطيل الدراسة بالجامعات، واستمرت الحكومة على حالها فى التعامل مع الأحداث اليومية بالجامعات، ولم تحرك ساكناً فى اتخاذ إجراءات قوية تحمى الحرم الجامعى، حتى وصل الاعتداء على المفتى السابق فى كلية دار العلوم، وطمع الإخوان أكثر وكلفوا بعض أساتذة الجامعات المنتمين إليهم بنقل المولوتوف فى سياراتهم إلى الحرم الجامعى، ودخل البلطجية الى الجامعات وتطاولوا على الأساتذة فى محراب العلم، وحطم طلاب الإخوان بجامعة الأزهر المبنى الإدارى مكتب رئيس الجامعة وبعض المكاتب الأخرى، وقدرت التلفيات بحوالى «10 ملايين» جنيه. كان لزاماً على الحكومة أن تتوقع اتساع أحداث العنف الإخوانى داخل الجامعات مع قرب محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى يوم الاثنين القادم، الإخوان يريدون مبدئياً منع مثول مرسى فى قفص الاتهام، أما أكثر أمانيهم هى اقتحام المحكمة وتهريب المعزول، الظروف الاستثنائية التى تواجهها الدولة حالياً تتطلب تدخل الأمن لحماية الجامعات، وتأمين المنشآت، وتسيير العملية التعليمية، لا حديث حالياً على الحرس الجامعى، وأرى أن رفض الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالى عدم عودة الحرس الجامعى، ليس وقته الآن، إن الكلام المتضارب لمجلس الوزراء يؤكد أن الحكومة مرتبكة، مجلس الوزراء يرى بقاء قوات الأمن خارج الجامعة، ولا تدخل الى الحرم الجامعى إلا بإذن رؤساء الجامعات، كما تطلب منها التدخل من تلقاء نفسها بإذن النيابة إذا خرجت الأمور على السيطرة، الخروج من الأزمة الحالية يحتاج الى وضع جميع الجامعات تحت الحراسة الأمنية التامة واعتبار كل من يحاول تعطيل الدراسة بالجامعة، بلطجياً ويحال للنيابة فوراً، الجامعات مكان لتلقى العلم فقط، ومن يخالف ذلك يطبق عليه القانون. حرس الجامعة كان عليه مؤاخذات كثيرة فى السابق، وألغى بحكم قضائى عام 2010 فليعد الحرس الجامعى الآن اذا كان فى وجوده إعادة الاستقرار والأمن الى الجامعة والتصدى للخارجين على القانون فإنقاذ العام الدراسى من الفشل مقدم على أى حديث عن سلبيات أو إيجابيات الحرس، استمرار الدراسة بدون عنف نجاح للعام الجامعى، ونجاح جديد للثورة.