اشتعلت الحرب بين قضاة مجلس الدولة والنيابة الإدارية بعد اتجاه لجنة الخمسين المكلفة بوضع نص دستورى يُنقل من خلاله جزء من اختصاصات مجلس الدولة للنيابة الإدارية والتى تخص القضاء التأديبي لإنجاز الحكم في القضايا حيث ترى اللجنة أن إسناد القضاء التأديبي للنيابة الإدارية يرفع العبء عن مهام مجلس الدولة، لأن قضاة المجلس غير متفرغين للنظر في الدعاوي المرفوعة أمامهم. ويرفض قضاة مجلس الدولة هذا النص الدستورى فيما يواصل رجال النيابة الإدارية جهودهم وضغوطهم المتواصلة لتمرير هذا النص. وصعد مجلس الدولة وقضاته من إدارته للحرب فى الأزمة وذلك بعد أن حجز عدد من دعاوى حل لجنة الخمسين, المكلفة لوضع الدستور, للحكم فى أواخر الشهر الجارى. وكشف مصدر قضائى ل"لوفد" أن حجز الدعاوى للحكم بعد الجلسة الأولى لرفع هذه الدعاوى, أتى لاستخدامها كورقة للضغط على اللجنة ومنع تمرير أى بنود من شأنها أن تقلل من صلاحياته ونقلها للنيابة الإدارية, مؤكدًا فى الوقت ذاته أن قضاء مجلس الدولة لم يتنازلوا عن أى حقوق لهم وأن هذه الفترة غير سانحة لأى تنازلات قائلا: "لسنا جيل التنازلات لأعضاء النيابة الإدارية وقضاة مجلس الدولة على قلب رجل واحد من أجل صلاحياتهم لتحقيق العدالة". من جانبهم واصل رجال النيابة الإدارية ضغوطهم وجهودهم الإعلامية فى اللقاء التليفزيونية والحوارات الصحفية, بعد جمعيتهم العمومية الأخيرة, مؤكدين استمرار تأييدهم الكامل والمطلق لما انتهت إليه لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين باعتبارها السلطة التأسيسية المختصة بتحديد الملامح الدستورية للبلاد عقب ثورة30 من يونيو والتمسك بالنص المقترح بضرورة ادخال التعديلات اللازمة التي تجعل الاختصاص بولاية القضاء التأديبي تحقيقات فصلًا وموضوعًا وطعنًا من اختصاص النيابة الإدارية وأيضا التأكيد علي كل مطالب مجلس الإدارة السابق إبداؤها أمام لجنة الحوار المحتمعي ولجنة نظام الحكم, والتأكيد علي وجوب تنحي الدكتور جابر جاد نصار استاذ القانون الدستوري ورئيس جامعة القاهرة عن عضويته للجنة الخمسين بعد فقده للحيدة والموضوعية والتجرد والانحياز الكامل المفضوح لمجلس الدولة, ولكونه المحامي الخاص بالمجلس. وتعليقًا على هذه الأبناء بشأن حجز دعاوى حل الخمسين للحكم كورقة ضغط فى إطار الحرب بين مجلس الدولة والنيابة الإدارية رفض المستشار فريد نزيه تناغو, رئيس قضاة مجلس الدولة التعليق على هذه المعلومات مؤكدًا أن هذه الدعاوى مثلها مثل أى دعوى مرفوعة أمام محكمة القضاء الإدارى وبعيدة عن أى نزاع بشأن صلاحات مجلس الدولة فى الدستور الجديد فيما استبعد د.محمود كبيش, عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة, هذه الرؤية مؤكدًا أنه غير متفق مع أن يستخدم قضاة مجلس الدولة مثل هذه الدعاوى للضغوط على لجنة الخمسين مؤكدًا أن حق القضاء التأديبى حق أصيل لقضاة مجلس الدولة وليس للنيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة أى حق فيها. وأكد المستشار عمر جيرة، عضو مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة: "تطاول رجال النيابة الإدارية على مجلس الدولة فاق كل الحدود خاصة فى ظل المعلومات والمغالطات التى يطلقوها فى البرامج والحوارات التليفزيونية زورًا وبهتانًا مؤكدًا أن النيابة الإدارية تقدم بيانات وإحصاءات ومعلومات مغلوطة مضللة عن تاريخ مجلس الدولة وقضائه وقضاته وأعماله وإنجازاته قائلا: "النيابة الإدارية تضلل الرأى العام وتروج بأننا لم ننجز القضايا وهذا أمر خطير". وطرج عضو مجلس إدارة مجلس الدولة حل بشأن هذه الأزمة فى أن يتم معالجة أخطاء الماضى نقل هيئتى النيابة الإدارية, وقضايا الدولة, من باب السلطة القضائية، وهى التى تتولى التحقيق فقط دون حكم أو فصل فى نزاع، وتتبعها هيئة قضايا الدولة التى يقتصر دورها على الدفاع عن الحكومات المتعاقبة، وهو ما يعرف بمحامى الحكومة إلى باب مستقل يسمى باب الهيئات القضائية تمييزا لهم عن السلطة القضائية "قضاء المنصة الذى يفصل فى المنازعات بحكم ملزم", والتى تتمثل فى القضاء الإدارى والعادى والدستورية قائلا:"القضاء فى العالم كله إما قضاء موحد واحد كما فى النظام الأنجلوسكسونى، أو المزدوج كما فى القانون اللاتينى وهو القضاء العادى أو الإدارى كما الحال فى مصر". فى السياق ذاته أكد المستشار عبد الله قنديل رئيس نادي هيئة النيابة الإدارية, أن مطالبهم من أجل مصلحة المواطن المصرى وليس حصولاً على مزايا, مؤكداً أن أمد المنازعات المنظورة امام مجلس الدولة أدى الي عدم تفرغهم للقضايا المعروضة عليهم وان هناك دعاوي وقضايا استمرت مايقرب من20 عاما لهذا السبب, مؤكدا ان اسناد القضاء التأديبي لهيئة النيابة الادارية سيساهم في سرعة الفصل في الدعاوي المتعلقة بها وانجازها وتحقيق مصالح المواطنين وعلق المستشار حمدي ياسين، رئيس نادى قضاة مجلس الدولة تصريحات المستشار عبد الله قنديل رئيس نادى هيئة النيابة الإدارية "بأن قضاة مجلس الدولة أصبحوا غير متفرغين لنظر الدعاوى المرفوعة أمامهم" بغير اللائقة مؤكداً على أن مستشاري مجلس الدولة ساهموا في حماية الثورة واستعادتها ممن قاموا بسرقتها, قائلا:"الأزمة حول صلاحيات النيابة الإدارية في الدستور الجديد زوبعة في فنجان و مجلس الدولة لم يعمل على صناعة الأزمة مع النيابة الإدارية، ولكن المطالب أصبحت فئوية للأسف الشديد". وكانت الجمعية العمومية لقضاة ومستشاري مجلس الدولة للنظر قد إنعقدت يوم الإثنين الماضى إنتهت ضرورة إخراج النيابة الإدارية وقضايا الدولة من الفصل المتعلق بالسلطة القضائية فى الدستور، وعدم النص فى الفصل المتعلق بالسلطة القضائية، إلاعلى الجهات التى تفصل فى منازعة وهى المحكمة الدستورية والقضاء العادى ومجلس الدولة، وعدم إدراج هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة فى هذا الفصل مؤكدة فى الوقت ذاته على اختصاصات مجلس الدولة تشريعاً وإفتاءاً وقضاء بنوعية الإداري والتأديبي والتمسك بالنص الخاص بمجلس الدولة وهو” مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية والدعاوى والطعون التأديبية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه ويتولى الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية ومراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة أو إحدهى الهيئات العامة طرف فيها ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى". ورفضت الجمعية العمومية أية محاولات للمساس بتلك الاختصاصات أو انتزاع بعضها أو التقليص منها ,كما رفضت الجمعية إسناد القضاء والجزاء التأديبي للنيابة الإدارية لما ينطوى عليه من الجمع بين سلطتي التحقيق وتوقيع الجزاء والمحاكمة والخلط بين سلطات الهيئة ومباشرتها لاختصاصات السلطة التنفيذية فضلا عما في ذلك من اهدار لحقوق كافة العاملين والموظفين المقررة لهم قانونا في المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن قرارات الجزاء التأديبي الصادرة من النيابة الإدارية.