عبر السائقون العائدون من جحيم الاحتجاز فى ليبيا عن سعادتهم بما حققته المخابرات الحربية والخارجية وطالبوا الفريق أول السيسى بضرورة حماية القوافل المصرية على الحدود الليبية وعلى طول سواحلها من الميليشيات المسلحة وقالوا إن أرواحهم فداء الوطن وأنهم كانوا يفضلون الموت على أن تقوم الحكومة بالاستجابة لمطالب الميليشيات المسلحة والافراج عن 18 ليبييًا محبوسين فى السجون المصرية فى قضايا سلاح . ورغم فرحة أهالى السائقين التى علت وجوههم والزغاريد التى انطلقت بمنازلهم بعد عودتهم إلى ديارهم بعد احتجازهم من جانب بعض الميليشيات الليبية فى اجدابيا وأنهم عادوا أحياء إلى ذويهم غير أنهم هناك فقدوا كرامتهم وفقدوا الشعور بالامان وكأن السفر إلى ليبيا بات أشبه بالسفر إلى جزر الشيطان. فى منزل الشيخ عطية محيى الدين أشهر السائقين العائدين فى مدينة كفر الزيات كان لقاء مندوب «الوفد» والذى بادر بقوله بإنه لن يذهب إلى ليبيا مرة أخرى ولو عاد منها فى كل رحلة بملايين الجنيهات، فكرامتنا لا تقدر بأى ثمن فهذه السفريات تعرضنا لكافة أنواع الاهانة من جانب شباب الميليشيات الذين لا يعرفون معنى كلمة مصرى ولا يعرفون أننا نذهب إلى هناك بخير مصر من طعام وشراب فهل يكون جزاء مصر وأبنائها اقبح الشتائم والابتزاز على كل بوابات ليبيا ودفع رشاوى وإتاوات ومن يرفض يتعرض للتعذيب والتنكيل وأحيانا العودة الى أهله فى صندوق. ويضيف الحاج عطية أنه كان يفضل الموت عن الافراج عن المتهمين الليبيين المتهمين بتهريب السلاح لأن ذلك يكسر أنف بلدنا وأنا أوصيت أهلى فى أول اتصال ونحن مختطفين أن يبلغوا السلطات فى مصر أن أرواحنا فى يد خالقنا ولا يهمنا أن نموت لأنها أقدار ولن يغير أى فرد إرادة الله فما يحدث للسائقين المصريين أشبه بمعاملة العبيد. وقال منير عبدالعاطى حسن، أحد السائقين المفرج عنهم، إن السائق العائد من ليبى أشبه بالعائد من الموت لأن ليبيا باتت مقبرة لكافة المصريين لأننا نواجه الموت فى كل بوابة تفتيش وعلى مداخل المدن ونحن نمر على قرابة 25 بوابة فى الذهاب والعودة تدار بطريقة العزب الخاصة لها قوانين خاصة ونتعرض فى الكثير منها للتفتيش بشكل مسيئ ويتم فرض الإتاوة علينا وندفع ما يطلبه المسلحون ومن يعارض ذلك يكون اختار الموت لنفسه أى أننا نذهب للقمة العيش فندفع ما نكسبه رشوة للمسلحين وبالتالى فما فائدة السفر وأحيانا تتعرض الشاحنات الخاصة بالمصريين للحرق والتكسير. وقال أحمد حسن أحد السائقين العائدين إن لقمة العيش التى نكسبها فى ليبيا أصبحت مغموسة بالذل والمهانة ولكن الحال فى مصر هو ما يدفعنا إلى الذهاب بسياراتنا هناك فنحن ندفع آلاف الجنيهات أقساطًا لتلك السيارات ولولا ذلك ما ذهبنا إلى ليبيا مرة ثانية ففى كل رحلة تمر على أهالينا بالرعب والقلق على حياتنا وأن ما تعرضنا له فى العشرين سنة من مذلة هناك على أيدى شرطة القذافى وميليشيات الثوار يكفى حتى لو بعنا تلك السيارات بالخسارة. وأضاف أنه يشكر الفريق السيسى والمخابرات فى مصر وقائد المنطقة الغربية لأنهم لعبوا دورًا مهمًا فى الإفراج عنهم وأنهم لاحظوا تغير معاملة الخاطفين لهم وتحسنها بعد دخول مخابرات مصر فى الأزمة ووصلت إلينا اعداد كثيرة من شيوخ وعوائل اجدابيا لتؤكد لنا أنهم يضمنوا سلامتنا حتى تنتهى مفاوضات الخاطفين مع مصر وتركونا نتحرك فى سياراتنا خلال فترة احتجازنا. وقال محمد سعيد، عقب عودته إلى منزله بمركز تلا فى التاسعة من صباح الثلاثاء وسط فرحة غامرة من زملائهم فى الشركة والأهالى: «أنه متزوج ولديه طفل يسمى عمر 3 سنوات ويعمل بهذه المهنة على خط ليبيا - مصر منذ أكثر من 14 سنة». ويستطرد: ذهبت يوم وقفة العيد إلى ليبيا، وفى ثالث أيام العيد وأثناء عودتنا إلى مصر، وجدنا مجموعة من المسلحين متوقفين بعد 10 كيلو من كمين اجدابيا، وقاموا بايقاف السيارات كلها وسحب جوازات السفر من جميع السائقين، وقالوا لنا اركنوا، وقاموا بالوقوف كل واحد حاملا لسلاح على سيارة بها سائق يهدده بعدم التحرك وإلا سيقومون بقتله». وأضاف «سعيد»: «إن عملية الاختطاف كانت بالنسبة إلينا رحلة وأننا لم يتم المساس بنا فى أى شىء وقضينا ستة أيام إلى أن انتهى الطعام والشراب من معظمنا وكان عدد الليبيين يقومون بشراء طعام لنا، وكنا نكلم أهلنا وأسرتنا ولكننى لم أبلغها بعملية الاختطاف». وعن أسرته قال كنت اتكلم مع أسرتى وصاحب السيارة وقمت بإخبار صاحب السيارة أنه تم اختطافى، ولكن أسرتى لم أبلغها بأى شىء، لأن والدى ووالدتى المسنين أخاف عليهما من الصدمة، وقلت لهم إننى غير مختطف ولم أتعرض لأى شىء، حتى لا يكون هناك رد فعل صعب لهم، وعندما علموا أنه تم اختطاف العديد من السائقين قلت لهم إننى لست معهم وفى بلد أخرى غير التى يتواجد بها السائقون. قال «ماجد وهدان» أحد المخطوفين: انه تعود على السفر إلى ليبيا فى أوقات كثيرة من أجل العمل ولكنه لن يسافر بعد هذه المرة لأن لدية أسرة مكونة من أربعة أبناء وهو يريد أن يربيهم. وأضاف «ماجد»: نشكر الفريق السيسى لأنه لولاه لما عدنا إلى أرضنا مرة أخرى وكنا على استعداد للتضحية بأنفسنا من أجل أن تظل مصر رافعة رأسها وألا تنحنى لمجموعة من الإرهابيين. ويشير «وهدان» إلى أنه قام بالاتصال بأسرته ورفض إخبارهم بأنه ضمن المختطفين حتى لا تتحول العائلة إلى الحزن وقال لهم إنه بعيد عن المختطفين. وقال «أحمد صلاح» أحد المختطفين: إنه متزوج ولديه 3 أولاد بمراحل تعليمية مختلفة، ويعمل بخط ليبيا منذ 8 سنوات ويقوم بعمل رحلتين كل شهر، حيث تستغرق الرحلة من 13 إلى 15 يومًا، والسيارة تعتبر شقة سكنية متنقلة وبها كل شىء من أكل وشرب. وأشار أحمد إلى أن الكمائن الموجودة بليبيا تتعمد التعطيل إذا لم يتم دفع الاتاوات. فيما قال هانى البحيرى «صاحب الشركة التى يعمل بها السائقون» إنه لم يكن يخاف على أى شىء وإنما كان يخاف على السائقين لأن ما بينهم ليس فقط عشرة وإنما اخوة وصداقة كبيرة.