لم تخف مع مر الأيام تعبئة الطلاب في إحدى جامعات انقرة احتجاجا على شق طريق في وسط الحرم الجامعي بل تهدد بتأجيج الحراك الاحتجاجي المناهض للحكومة الذي هز تركيا في يونيو. ليل الاثنين الثلاثاء استخدمت قوات الشرطة مرة جديدة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق عشرات المتظاهرين المعارضين لانتزاع نحو ثلاثة الاف شجرة بغية شق طريق في وسط جامعة الشرق الاوسط التقنية. وهذا المشروع الذي يرمي الى تخفيف زحمة السير في العاصمة التركية يواجه منذ اشهر سيلا من الانتقادات. الا انه احتل فجأة واجهة الاحداث في اواخر الاسبوع الماضي عندما استغلت جرافات البلدية فترة عطلة عيد الاضحى لاقتحام الحرم الجامعي ليلا ومباشرة الاشغال تحت حماية شرطة مكافحة الشغب في الجزء المخصص لشق الطريق. واندلعت مواجهات على الفور بين قوات الامن وعشرات الطلاب الذين اسرعوا في المجيء. وندد عميد الجامعة احمد اجار بعملية "غير قانونية" ووعد برفع القضية الى القضاء فيما كثف المعارضون للمشروع امام الكاميرات التظاهرات لعرقلة الاشغال. وتذكر هذه الصور بصور المتظاهرين الذين هبوا للدفاع عن حديقة جيزي في اسطنبول المهددة بدورها بالازالة والتي انطلقت منها في 31 ايار/مايو شرارة الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي استهدفت الحكومة الاسلامية المحافظة برئاسة رجب طيب اردوغان المتهم بالانحراف الاستبدادي وبالسعي ل"اسلمة" تركيا. ومساء الاثنين اشار نائب رئيس الوزراء بولنت ارينتش بنفسه الى هذا الامر ولفت الى "ان هناك احداثا في جامعة الشرق الاوسط التقنية تذكر باحداث جيزي". وعلى غرار حركة الاحتجاج قبل الصيف، حظيت المعركة الجارية الان في الحرم الجامعي بدفعة اولى من المؤيدين الثلاثاء في اسكشهير غرب انقرة حيث قامت مجموعة من الطلاب تضامنا بزرع اشجار في حديقة جامعتها. ومساء الثلاثاء فرقت شرطة مكافحة الشغب بالقوة مستخدمة خراطيم المياه تظاهرة تضامن في جادة استقلال المخصصة للمشاة التي تعتبر نقطة حساسة على الضفة الغربيةلاسطنبول كما افاد مراسل وكالة فرانس برس. وبمعزل عن هذه التحركات "الخضراء" المدافعة عن البيئة يرى العديد من المراقبين في هذا التحرك اشارة اولى لمعاودة انطلاق الحراك الاحتجاجي المناهض للحكومة الذي خمد الى حد كبير خلال فصل الصيف. وقال زكي اولكنلي بروفسور التنظيم المدني في جامعة الشرق الاوسط التقنية لوكالة فرانس برس "كما في جيزي لم يعد الامر يتعلق بمجرد قضية اقتلاع اشجار"، مستطردا "ان سياسة الحكومة باكملها هي موضع الاحتجاج". ويبدو ان رئيس الوزراء عازم على المواجهة، فقد استعاد في خطابه الاسبوعي امام نواب حزبه، حزب العدالة والتنمية الحاكم، لهجته المتشددة التي اعتمدها اثناء قمع تظاهرات حزيران/يونيو الماضي. وندد امام انصاره ب"العصابات الحديثة" التي ترفض مشروع شق الطريق واتهم كما فعل في حزيران/يونيو ابرز احزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري، باشعال نار الفتنة. واضاف وسط تصفيق اعضاء حزبه "لا شيء يمكن ان يعترض بناء طريق. الطريق هي التمدن" مضيفا "حتى لو توجب تدمير مسجد فسندمره وسنعيد بناءه في مكان اخر. لكن الطريق ستمر". وتصلب السلطات التركية المتجدد الذي شوه كثيرا صورتها في حزيران/يونيو اثار ردود فعل عديدة. ولفت سفير الاتحاد الاوروبي في انقرة جان موريس ريبير امام الصحافيين الى "ان البعض لم يستخلصوا على ما يبدو العبر من احداث جيزي". ويرى بعض المنتقدين ان اختبار القوة الجاري في انقرة يكشف ايضا رغبة الحكم بمعاقبة مؤسسة "تقدمية" تقليديا تعتبر معادية. وقال برفسور شاب في هذه الجامعة طالبا عدم كشف اسمه "ان رئيس الوزراء اردوغان يشن حملة عقابية على جامعة الشرق الاوسط التقنية كما فعل مع مؤسسات اخرى شكلت بؤرة حركة احتجاجية ضده".