أهم ما فى رحلة الحج المقدسة، صفاء النفس والتصالح معها، والابتعاد عن صغائر الأمور والتركيز فقط فى طاعة الله، وضبط اللسان عن كل قول قبيح أو دنية.. لا أحد يفكر فى طعام أو شراب ولا رزق، فالجميع خلع عباءة الدنيا جانباً وتفرغ للطاعة العمياء لله عز وجل وعملية المناسك كلها لا ينفع فيها أعمال العقل والتفكير فيما يتم أو كما يقول العلامة المرحوم فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى.. الأمر هو أن تؤمن أو لا تؤمن.. والحجيج جميعاً ما قطعوا المسافات وعبروا البحار والمحيطات وجابوا الصحراء الا لقناعتهم بالإيمان واليقين بضرورة اكتمال جزء من إسلام المرء، وهو أداء الشعيرة لمن استطاع إليه سبيلاً. فى البيت العتيق الكل يتسابق على تقبيل الحجر الأسود وسعيد الحظ من ينال هذا الشرف الرفيع، وهو الذى قال عنه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لولا أننى رأيت الرسول «صلى الله عليه وسلم» يقبلك ما فعلت ذلك.. هى قضية إيمانية بالدرجة الأولى ولا إعمال للعقل فيها، ولا يختلف الحال أبداً بالنسبة للطواف حول الكعبة، وكذلك الشأن بالنسبة للسعى بين الصفا والمروة، بالإضافة إلى بقية المناسك من جمع الحصوات من المزدلفة ورمى الجمرات فى منى.. كلها أفعال إيمانية يقف العقل أمامها عاجزاً عن أى تفسير سوى الإيمان بالله ورسوله محمد «صلى الله عليه وسلم»، وجميع الأنبياء ممن سبقوه وإحياء لذكرى أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام.. ولا يكتمل إيمان وإسلام المرء إلا إذا آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.. وكذلك لا يكتمل إسلام المرء إلا إذا أدى المرء الأركان الرئيسية، وهى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله وأدى الصلاة وآتى الزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا. وغاية كل مسلم أن يؤدى فريضة الحج لأن فيها مشقة وجهداً وبذلاً للأموال، وتركاً للأهل والأحباب والديار، وباتت هذه الشعيرة مقدسة لدى جميع المسلمين، وغاية أمنية المسلم أن يؤديها ولو مرة واحدة قبل مماته.. والسعيد منا من يكتبها الله له أكثر من مرة.. وكل الحجيج بجميع اللغات الذين يؤدون المناسك يدعون الله أن تكون لهم عودة إلى المشاعر المقدسة، ومنهم من يزيد بأن تفيض روحه الى بارئها فى هذه الأرض الطاهرة المقدسة، ليلحق بقادة الصحابة ورسول الله «صلى الله عليه وسلم» بها. فاللهم طهر قلوبنا ونق أفئدتنا، وصف نفوسنا من كل غل أو حقد، واجعل حجنا مبروراً وذنبنا مغفوراً وسعينا مشكوراً.. آمين يارب العالمين.