اليوم نعيش الذكري ال 43 لرحيل الزعيم المصري العربي الأفريقي العظيم جمال عبدالناصر، وبهذه المناسبة أود التذكير بتلك الشهادة.. يذكر عصام حسونة محافظ أسيوط في بداية الستينيات في شهادته على ثورة 23 يوليو.. يقول: «فوجئت ذات يوم بوفد من زعماء المدينة المسلمين يرأسه الدكتور سليمان حزين مدير جامعة أسيوط يزورني في مكتبي.. فلما استقبلتهم حدثني رئيس الوفد بأنهم يريدون مني أن أسمح لهم ببناء مسجد يليق بالمدينة على نفس قطعة الأرض التي خصصها القرار الجمهوري لبناء الكنيسة.. فسألتهم: ألم تكن تلك الأرض متاحة لكم قبل صدور القرار الجمهوري؟.. قالوا: نعم، لكننا نرى أن المسلمين أولى بها.. فعرضت عليهم قطعة أرض مملوكة للمحافظة في ميدان المحطة، فأبوا وأصروا على اختيار أرض الكنيسة، وأكدت حينها أنني مادمت محافظاً لأسيوط سأسهر على حماية حق الكنيسة في الأرض التي خُصصت لها.. وقد كان.. نامت الفتنة حياءً.. لست أدري، أم خوفاً وتهيباً، وبدأت الأسقفية في البناء.. ونُقلت في أكتوبر 1961 محافظاً لبني سويف، وتمكن المتاجرون بالفتنة من إقناع خلفي سعد زايد بتحقيق رغبتهم، فهدم السور الذي قامت الأسقفية بإقامته في عهدي.. وبلغ الأمر مسامع الرئيس جمال عبدالناصر فغضب غضباً شديداً وأمر المحافظ بأن يتولى بنفسه - ومن مال المحافظة - إعادة بناء السور الذي هدمه.. وهكذا مضت الأسقفية في بناء الكنيسة حتى أتمته». تلك شهادة أسوقها كمثال طيب لرئيس كانت كلمة السر في نظام حكمه «العدالة الاجتماعية»، وهي التي أقامت حكومة الببلاوي لها وزارة باعتبارها الشعار الأهم الذي رفعه الناس في الميادين في 25 يناير 2011 و30 يونية 2013 وتحاول الحكومة المكسوفة شوية ومترددة شويتين ومش عارفة تعمل إيه 3 شويات في إقرارها وتفعيلها! عندما قام «ناصر» الزعيم والرئيس بتفعيل قرار د. طه حسين بضرورة أن يكون التعليم كالماء والهواء مجانياً لكل الناس.. كان لتفعيل «العدالة الاجتماعية»، وعندما أصدر قرار الإصلاح الزراعي.. كان لتفعيل «العدالة الاجتماعية»، وهكذا في أمر قرار العمل بآلية مكتب التنسيق دون تمييز سوى لصالح الطالب المتفوق، والتعيين عبر تفعيل نظام الأقدمية فقط، بناء المساكن بأشكال وطرز مختلفة أيضاً وفق أقدمية تقديم الطلب ووفق الشروط المحددة للمواطن الأكثر احتياجاً، وكذلك ثقافة للجميع بإتاحة دائمة للجميع عبر بيوت الثقافة والإصدارات المطبوعة متنوعة العناوين والأهداف بأسعار زهيدة.. وحدات صحية.. سينما ومسرح وغناء وموسيقى وفنون تشكيلية وتراث ثقافي رائع مازلنا ننهل من إبداعات أجيال ذلك الزمن الجميل للجميع.. بالضرورة أيضاً لتفعيل «العدالة الاجتماعية». نعم «العدالة الاجتماعية» كانت كلمة السر عند ناصر الثورة، وبصرف النظر عن مقولات الخبل الحنجورية التي تُطلق على تلك التوجهات أنها كانت جميعاً في إطار «اشتراكية الفقر» وأن ناصر كان وكأنه يسعى لتوزيع الفقر بين الناس بالتساوي، ولا يقدرون أن هناك غالبية كانت تعاني من «الحفاء» آنذاك إلى حد إقامة مشروع «محاربة الحفاء». نعم «العدالة الاجتماعية» كانت كلمة السر عند ناصر الثورة، وعليه لم يكن يقصد بقراراته الاشتراكية فئة معينة يمارس اضطهادها، فإذا صادف قرار التأميم الإضرار بمصالح قطاع كبير من الأقباط، وكذلك تحديد ملكية الأراضي فإنني أجزم بأن المنطلق الناصري كان تحقيق العدالة الاجتماعية، مثلما كان «التنسيق» والتعيين والسكن وغير ذلك من القرارات في شقها الإيجابي لم يتم اتخاذها عمداً لصالح الأقباط لتجنيبهم ممارسة البعض التمييز ضدهم. وقد أكد تلك المفاهيم في خطاباته.. قال ناصر: «على هذا الأساس سارت الثورة وكنا نعتقد دائماً أن السبيل الوحيد لتأمين الوحدة الوطنية.. هى المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين جميعاً.. لا فرق بين مواطن ومواطن.. فى المدارس.. الدخول بالمجموع.. مش ابن فلان ولا ابن علان ولا مسلم ولا مسيحى.. أيضاً فى الجامعة الدخول بالمجموع، اللى بيجيب مجموع بيدخل». قالوا إن ثورة يوليو قام بها شباب مسلم فقط بشكل مقصود، ولكن من المعروف مشاركة الملازم المسيحي شكرى فهمى جندي وكان عضواً فى الصف الثانى من التنظيم وهو من مواليد 1919 وخريج دفعة 1942 والذي جنده هو عبدالناصر، وبعد ثورة يوليو أصبح مديراً للسجن الحربى، وترقي أركان حرب، ثم شغل وظيفة فى جهاز التنظيم والإدارة.. رحم الله «ناصر» الذي يتم رفع صوره في كل ميادين الثورات العربية، والشدو بالأغاني التي تمجد إنجازاته، ووضع صور الرموز المحبوبة للشعوب العربية بجانبه لتعلن أن أصحابها امتداد للبطل خالد الذكر جمال عبدالناصر.