المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحصان الرابح للاقتصاد المصري حاليا ،لذلك بات الحديث عنها مفتاح النجاح لكل مسئول، خاصة من يدركون جيدا ان هذه المشروعات بمثابة حجر الزاوية للاقتصاد المصرى باعتبارها تمثل90% من إجمالى عدد المشروعات التى تعمل فى القطاع الخاص, كما تساهم بما لا يقل عن 80% من القيمة المضافة. العديد من الدول النامية اعتمدت في دعم اقتصادها علي هذه المشروعات، وقامت بنوك متخصصة لتمويل هذه المشروعات، والتوسع فيها لتحقيق طفرة سريعة، خاصة بعد فشل البنوك التجارية في سد الثغرات التمويلية لهذه المشروعات رغم وجود إدارات كاملة داخل بعض هذه البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة للصناديق الاستثمارية الخاصة في البعض الآخر. وكان السؤال لماذا لا تنتهج الحكومة المصرية نهج الدول التي سبقتها في هذا المجال وتبدأ في إنشاء بنك خاص لدعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ إذا كانت جادة فعلا في تنشيط هذا القطاع الذي يعد بمثابة الأمل الأخير لإنقاذ الصناعة والاقتصاد . الغريب ان البنوك والمؤسسات الاقتصادية لم تتفق حتي الآن علي تعريف موحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهذه أكبر عقبة تواجه هذا القطاع الهام ،وكان من المفترض أن توفر الحكومة البيئة المناسبة لعمل هذه المشروعات ، بداية من تفعيل قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة رقم 141 لسنة 2004 الذي ينظم عمل هذه المشروعات، وكذلك توفر لها العديد من وسائل الدعم. الفكرة جيدة جدا وعملية وسوف تساعد بشكل كبير في تنشيط هذا القطاع الهام، وقد تأخرت كثيرا ولتدارك هذا التأخير يطرح أحمد قورة رئيس بنك الوطني السابق فكرة بديلة تساعد علي تنشيط هذا القطاع لحين إنشاء البنك، وهي إنشاء مؤسسة للصناعات الصغيرة والحرفية التى تغيب عن الخريطة الائتمانية للبنوك والتى يحتاج الاقتصاد إلى تنميتها مثل ورش النجارة والمخارط والميكانيكا. فتمويل هذا النوع من المشروعات سيدعم المشروعات الكبري، وأيضا يحقق طفرة كبيرة في هذا القطاع، مشيرا إلى أن شريحة الصناعات الصغيرة والمتوسطة تصنف على أساس المبيعات المحقققة وهذه تحظى بالتمويل المطلوب من البنوك التجارية. إنشاء بنك متخصص للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فكرة رائعة هكذا كان تعليق حسام ناصر نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى سابقا قائلا: يجب ألا يقل رأسمال البنك عن مليار جنيه ولا تقتصر فروعه على الوجه البحرى فقط، وإنما يكون واسع الانتشار على مستوى محافظات الجمهورية للوصول إلى الشريحة المستهدفة، لافتا إلى أن هذه المشروعات تحتاج طبيعة خاصة فى عمليات المنح حيث تعتمد على فكرة المشروع والتدفقات النقدية له بعيدا عن الضمانات العينية. ويضيف لا مانع ان يساهم في إنشاء هذا البنك مجموعة من رجال الأعمال والصناعة لانهم الأكثر معرفة بأهمية هذا البنك، خاصة عندما تصبح هذه المشروعات داعمة للصناعات الكبيرة، فمعظم الدول النامية التي لجأت لهذه الفكرة تدعم الصناعات المغذية للصناعات الكبيرة. من المعروف ان البنوك التجارية تشترط وجود ميزانيتين ماليتين متتاليتين لتمويل أي مشروع من المشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل البت فى عملية المنح من عدمها، مما جعل من معظم هذه البنوك عديم الفائدة لهذه المشروعات. لهذا اقترحت الخبيرة الاقتصادية بسنت فهمي ان يتحول الصندوق الاجتماعى للتنمية إلى مؤسسة لتمويل المشروعات الصغيرة بما لديه من إيداعات ومنح وقروض طويلة الأجل يحصل عليها من المؤسسات الدولية بفوائد ميسرة وأخرى بدون فوائد خاصة أن الصندوق يمتلك من الأدوات والأصول وخاصة الخبرة البشرية التى على درجة عالية من الكفاءة فى التعامل مع طبيعة هذه المشروعات الصغيرة، مما يمكنه من إنجاح البنك فى حالة إنشائه بالإضافة إلى مكاتبه المنتشرة فى مختلف أنحاء الجمهورية والتى يمكن تحويلها إلى فروع للبنك لتكون القاعدة التى ينتشر منها البنك لتوجيه الائتمان المطلوب فى مختلف النجوع. وهو ما دعمه مدير الإدارة العامة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأحد البنوك، مشددا علي أهمية توفير التدريب اللازم للعاملين فى البنك والقائمين على عملية منح الإئتمان لهذه النوعية من المشروعات، وإلا لن ينحج الكيان الجديد فى مهمته إذا تعامل الموظفون فى البنك بالطرق التقليدية لعملية المنح. مضيفا ان مانح الائتمان يجب ان يكون على علم ودراية بمخاطر تمويل المشروعات الصغيرة وكيف يمكنه التغلب عليها ووضع السياسات اللازمة لذلك. بالإضافة إلى الاستفادة من البحوث ودراسات السوق سواء كانت أفقية أو رأسية فى تفهم طبيعة هذه المشروعات. إلا انه طالب بألا يحتكر هذا البنك عملية التمويل، مما يضطر البنوك التجارية الي الانسحاب ومعظمها لديه محافظ ائتمانية كبيرة فى تمويل هذه الشريحة من المشروعات خاصة، وان هذا البنك المتخصص سوف يوفر مزايا تمويلية تفوق التى توفرها البنوك التجارية. ويقول الدكتور أيمن فرج الباحث الاقتصادي إن هناك ضرورة للالغاء تعدد الهيئات المشرفة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوحيد التراخيص وحدة خاصة بالضرائب وإنهاء ملفاتها في جهاز واحد تتوافر منه فروع مركزية في الإقليم ويخضع الصندوق الاجتماعي وإعادة هيكلته وكذلك توحيد الجهات الرقابية تحت رايته وتتولى الحكومة الإشراف على هذا القطاع ومتابعته من خلال جهاز خاص يسمى «إدارة الصناعات الصغيرة والريفية» ويتبنى وجهة نظر أصحاب الصناعات الصغيرة، ويعالج مشاكلهم من خلال إعادة صياغة القوانين لصالح تلك الصناعات وتقديم الدعم المادي والفني لها، كما يقوم هذا الجهاز بإنشاء المعاهد الخدمية لتوفير الخدمات لها والقيام بعمليات التدريب فضلاً عن إنشاء محطات اختبار الجودة ومراكز البحث والتطوير لتوفير التكنولوجيا اللازمة ودراسات الجدوى المتخصصة .. كما يقوم هذا الجهاز أيضًا بصياغة السياسات الخاصة بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة وأن المنتجات لم تعد تقتصر على السلع الصغيرة فقط بل شملت أيضًا السلع الأساسية والتكنولوجية المتطورة. وقال إن إحياء مبادرة الدكتور سمير رضوان بتحويل بنك القاهرة القائم إلى بنك متخصص في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو تطوير بنك ناصر الاجتماعي وجعل دوره الآن كاملاً في حالة تفرغ لهذا القطاع، حيث سيفيد ذلك في كون إنشاء البنك الجديد المتخصص في المشروعات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من التمويل الدولي لهذه المشروعات، ولذلك تأتي موافقة محافظ البنك المركزي المصري السابق الدكتور فاروق العقدة علي إنشائه من خلال اختيار أحد البنوك المصرية ليكون بنك المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحويل بنك قائم للقيام بهذه المهمة يأتي في إطار برنامج الإصلاح المصرفي بتقليص عدد البنوك العاملة في السوق المصرية وقرار المركزي بعدم إصدار رخص لبنوك جديدة.