صدرت اليوم - السبت - أول مؤشرات عن الحكومة المؤقتة التي يساندها الجيش في مصر وحلفاء الرئيس المعزول محمد مرسي على الاستعداد لحل وسط، وذلك تحت ضغط من مبعوثين غربيين يسعون إلى تفادي المزيد من سفك الدماء. وفي مواجهة خطر تعرض أنصار جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي لحملة أمنية تسارعت خطى الدبلوماسية بعد مرور شهر على عزل الجيش لمرسي لتهوي البلاد في غمار الفوضى. وفي إقرار للمرة الأولى بقوة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكمه الذي استمر عامًا قال حلفاء مرسي اليوم السبت:" إنهم يحترمون مطالب الجماهير التي خرجت في احتجاجات حاشدة في 30 من يونيو حزير أن أدت إلى الإطاحة به". وقال طارق الملط المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية التي ترفض فض الاعتصامات حتى يعاد مرسي إلى منصبه:" إنهم يريدون حلًا يحترم كافة الإرادة الشعبية." وقالوا لوسطاء من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي:" إنهم يرفضون أي دور للقائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي في أي حل سياسي ويريدون إعادة العمل بدستور 2012 الذي تم تعطيله". وقال الملط لرويترز مشيرًا إلى الرسائل التي نقلت إلى المبعوثين:"أنا أحترم وأقدر مطالب الجماهير التي خرجت في 30 يونيو ولكن أنا لن أبني على الانقلاب العسكري." وعندما سئل الملط هل أبلغ الوفد المبعوثين بضرورة عودة مرسي إلى السلطة قال الملط:" إن ذلك سيبحث في التفاصيل". ومضى يقول:"هذا جزء من المبادرات السياسية. نحن لم ندخل في تفاصيل المبادرات السياسية." ومضى يقول:" إنه إذا أصر معارضو مرسي على أنه يجب ألا يكون جزءًا من "المعادلة السياسية، فإن صمود واعتصام الملايين في الشوارع على مدار خمسة أسابيع يقتضي عدم وجود الفريق أول عبد الفتاح السيسي في المعادلة السياسية في الفترة القادمة." وقال السيسي لصحيفة واشنطن بوست اليوم السبت ردًا على سؤال هل سيرشح نفسه لمنصب الرئيس:"إنه لا يطمح إلى السلطة"، وقالت الصحيفة:" إن المقابلة أجريت يوم الخميس". وقال السيسي لمحاوره:"أنت لا تصدق أن بعض الناس لا يطمحون إلى السلطة." وسئل:"هل أنت منهم." فرد بقوله "نعم." وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون):" إن السيسي أبلغ الولاياتالمتحدة اليوم السبت أن القيادة المصرية الجديدة تعمل من أجل تحقيق مصالحة سياسية". وأدلى السيسي بهذه التصريحات خلال مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل. وعبَّر هاجل خلال المكالمة عن قلقه من العنف في مصر بعد الإطاحة بالرئيس مرسي. وأبدت الحكومة المؤقتة الجديدة لمصر نبرة تصالحية إذ وعدت أنصار مرسي بالخروج الآمن من اعتصاماتهم وحثتهم على العودة للمشاركة في الحياة السياسية. وتصاعدت الجهود الدبلوماسية بعد مرور شهر من عزل مرسي - أول رئيس منتخب بإرادة حرة وهو ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين - بعد موجة ضخمة من المظاهرات في الشوارع. والتقى بيرنز وباترسون وليون بوزير الخارجية المصري نبيل فهمي في الحكومة المؤقتة قرابة ساعة صباح اليوم السبت. وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية:" إن فهمي أكد على التزام الحكومة المؤقتة بخارطة الطريق الانتقالية التي تنتهي بانتخابات جديدة". وقال البيان:" إن الحكومة الجديدة تريد تحقيق المصالحة الوطنية التي تضم كل القوى السياسية"طالما التزموا بالنهج السلمي ونبذ العنف والبعد أن كافة أعمال التحريض." وأكد البيان على عدم ممانعة مصر في"استقبال الوفود الأجنبية والاستماع إلى آرائهم ووجهات نظرهم إلا أن القرار النهائي فيما يتعلق بالشأن الداخلي هو بطبيعة الحال في أيدي الحكومة المصرية وحدها وتتخذه وفقًا لإرادة الشعب المصري." وقال البيان:" إن المبعوثين الدوليين تحدثوا عن الحاجة إلى إنهاء العنف والمصالحة في البلاد، وإعادة العملية السياسية الشاملة". وقال فهمي للصحفيين بعد الاجتماع:" إن اتصالات جرت مع الإخوان المسلمي"ن. وقال فهمي:" إنه لا يريد أن يستخدم كلمة "مفاوضات" لكن اتصالات جرت مع بعض الشخصيات الإخوانية". وقال:" إنه ليست هناك رغبة في استخدام القوة ما دام هناك مجال لنجاح أي أسلوب آخر". وأضاف أن هذه الأساليب لم تستنفد بعد لكنه قال في الوقت نفسه أنه لم يرَ أي تقدم حقيقي. وفي الوقت نفسه ظهر اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية على التلفزيون، ووعد أنصار مرسي بالخروج الآمن من اعتصاماتهم. وقال:" إنهم ضحايا لعملية "خطف ذهني" من قادة جماعة الإخوان المسلمين". وقال عبد اللطيف الذي ارتدى الزي الصيفي الأبيض للشرطة:" إن الاعتصام ليست له فائدة قانونية أو سياسية ووعدهم بإعادة دمجهم في الحياة السياسية". وقالت وزارة الداخلية يوم الجمعة:" إنها لن تقتحم الاعتصامات لكنها قد تغلق الطرق المؤدية إليها". وقال عبد اللطيف موجهًا كلامه للمعتصمين:" إن خروجهم الآمن من الاعتصامات سيسمح للجماعة لعودة دورها في العملية السياسية الديمقراطية". لكن عبد اللطيف قال في تصريحات أقل تصالحًا:" إن الكثير من الناس يريدون الخروج من الاعتصامات لكنهم يواجهون التهديدات من القادة". وقال:" إن أي شخص شارك في جرائم - بما في ذلك الخطف والتعذيب والقتل - سوف يواجه المحاكمة". وأضاف موجهًا حديثه للمعتصمين أنهم تعرضوا لغسل الدماغ والتلاعب النفسي، وأنهم يستخدمون كوسيلة للتفاوض. وتولى مرسي الحكم بعد الإطاحة بحسني مبارك في فبراير شباط 2011. لكن غضب المصريين تصاعد على فشله في حل المشكلات الاجتماعية والسياسية. وحصلت الحكومة الجديدة على مباركة الولاياتالمتحدة يوم الخميس عندما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري:" إن الجيش كان "يستعيد الديمقراطية" عندما أطاح بمرسي. وكانت مصر في ظل حكم مبارك حصنا للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على الأقل؛ لإنها مرتبطة بمعاهدة سلام مع إسرائيل. وهددت الإطاحة بمرسي المساعدات العسكرية التي تحصل عليها مصر من الولاياتالمتحدة بقيمة 1.3 مليار دولار سنويًا. ويقول محللون:" إن مدنيين في الحكومة الجديدة يحاولون الدفع بإمكانية الحل السياسي للأزمة على الرغم من مقاومة الأجهزة الأمنية التي تريد حملة أمنية صارمة على الإخوان بدعم من التفويض الشعبي الكبير". ووضعت الحكومة الجديدة خارطة طريق تتضمن إجراء انتخابات برلمانية تبدأ بعد حوالي ستة اشهر. لكن جماعة الإخوان المسلمين تقول:" إنها لا تريد المشاركة في خارطة الطريق، وتعتبر الجماعة عزل مرسي انقلابًا عسكريًا على حاكم منتخب شرعيًا. وتهدد احتجاجات الإخوان الاستقرار الذي تحتاجه الحكومة لاستعادة عافية الاقتصاد المصري الذي يمر بأزمة عميقة. والقت السلطات القبض على عدد من قادة جماعة الإخوان بتهمة التحريض على العنف؛ مما أثار المخاوف الدولية من احتمال وجود خطة لإقصاء الجماعة التي تعرضت للقمع لعقود حتى أُطيح بمبارك.