"الإسلام السياسى..والأحزاب الإسلامية"... رؤية سياسية لإدارة البلاد من منطلق الشريعة الإسلامية قامت جماعة الإخوان بالترويج لها منذ أن تم إنشاءئها عام 1928،حتى وصولها لسدة الحكم فى الألفية الثالثة بفوز مرشحها لرئاسة الجمهورية محمد مرسي والذى تم عزله فى 30 يونيو عقب عام كامل من وصوله للحكم، ومن ثم تعطيل دستورهم وطرح حل هذه الأحزاب وفق الدستور الجديد. "اتخذت من الدين والإسلام ستاراً" كلمة رددها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس محمد أنور السادات تجاه هذه الرؤية التى كانت تتبناها الإخوان، بالإضافة إلى محاربة مبارك لها، وعقد الصفقات الانتخابية معهم. حيث تمت محاربة هذه الفكرة ورفض إنشاء أى أحزاب سياسية على أساس دينى بالإضافة إلى رفض تام لخلط السياسية بالدين، ولكن مرت الأيام وقامت ثورة يناير بمشاركة جميع القوى الوطنية بما فيها جماعة الإخوان لتحصل على أول صك من خلال هذه الثورة وهى حرية إنشاء الأحزاب الإسلامية، والسياسية على أساس دينى، وذلك بمساعدة المجلس العسكرى لتقوم الجماعة بإنشاء حزب الحرية والعدالة، ليكون ذراعاً سياسيا لها. وعقب ذلك فتح الباب أمام إنشاء الأحزاب الدينية ذات المرجعية الإسلامية ومنها حزب الوسط، وحزب النور، الذراع السياسى للدعوة السلفية، وحزب البناء والتنمية، الذراع السياسى للجماعة الإسلامية، وحزب الوطن السلفى، وحزب الفضيلة الإسلامى، وحزب الأمة، التابع للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وغيرها من الأحزاب الإسلامية التى لم يكن لها دور فعال فى الشارع المصرى. وذلك فى الوقت الذى مارست فيه هذه الأحزاب دور كبير فى دعم النظام المعزول وتفويت الدستور الذى لم يتم التوافق عليه من قبل القوى المدنية بالإضافة إلى إرتباطها ببعض أعمال العنف التى شهدتها المرحلة الإنتقالية. فى السياق ذاته إستمرت عمليات الشد والجذب بين القوى الإسلامية والقوى المدنية بإستعراض العضلات بالحشد فى مليونيات والتصدى لأطماع القوى الوطنية حتى تظاهرات 30 يونيو التى خرج فيها الشارع المصرى ليقول لنظام المعزول "لا" والمطالبة برحيل الرئيس مرسى، وإنهاء حكم جماعة الإخوان ليُكتب سطر جديد فى حياة الأحزاب الإسلامية التى طالما إدعت سيطرتها على الشارع وقدرتها على سحق القوى المدنية. السطر الجديد الذى كتب فى حياة الإسلام السياسى فى مصر والأحزاب الإسلامية هو رؤية الأحزاب المدنية بضرورة حل الأحزاب الإسلامية، ودعم هذه الرؤية إصدار قرار جمهورى من قبل الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، بلجنة تعديل الدستور ليعلن د.يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء السابق، والفقيه الدستورى، فى تصريح ل"بوابة الوفد":" أن أعضاء اللجنة زاروه فى منزله وأتفقوا معه على ضرورة وضع نص واضح وصريح فى الدستور بعدم إنشاء أى أحزاب على أساس دينى" والذى من شأنه حل جميع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية على رأسها حزب الحرية والعدالة والنور، والأمة والبناء والتنمية، لتكون ضربة قاسمة للإسلام السياسى فى مصر وإنهاء لهذه الفكرة والتأكيد على أن مصر دولة مدنية وليست دينية. بالنظر إلى معنى هذا المصطلح نجد أن "إسلام سياسي"هو مصطلح سياسي وإعلامي وأكاديمي استخدم لتوصيف حركات تغيير سياسية تؤمن بالإسلام باعتباره "نظاما سياسيا للحكم". ويمكن تعريفه كمجموعة من الأفكار والأهداف السياسية النابعة من الشريعة الإسلامية التي يستخدمها مجموعة "المسلمين الأصوليين" الذين يؤمنون بأن الإسلام "ليس عبارة عن ديانة فقط وإنما عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات دولة"، وتعتبر دول مثل إيران والسعودية ونظام طالبان السابق في أفغانستان والسودان، والصومال أمثلة عن هذا المشروع، مع ملاحظة أنهم يرفضون مصطلح إسلام سياسي ويستخدمون عوضا عنه الحكم بالشريعة أو الحاكمية الإلهية. وأرتبطت مشاريع الإسلام السياسى فى الدول الإسلامية بسرعة السقوط وعدم الإستمرار فى سدة الحكم لفترات كثيرة وعلى رأسها مصر وسقوط جماعة الإخوان بعد عام كامل من وصولها للحكم ولعل التساؤل الذي يُطرح حول انهيار مشروع الجماعة بتلك السرعة في مصر، او اهتزازها كما نشهد الآن في تونس، يكشف بلا مواربة عن عدم قدرتها على بلورة مشروع عملي ناضج يتواءم مع معطيات الحياة المعاصرة، والأمثلة عديدة على فشل تجارب نماذج أحزاب إسلامية كالتجارب السودانية والباكستانية والإيرانية وحركة حماس؛ حيث لم تستطع هذه الحركات على تنوعها أن تواجه هذا الانتقاد بموضوعية كونها تفتقد قدرة التعاطي مع الواقع الجديد ومع ما يحمله من دلالات وصعوبة تأقلم واستيعاب لضرورات المجتمع.
يأتى ذلك فى الوقت الذى عانت تلك الجماعات تاريخيا من الإقصاء والتهميش والبطش في تلك الدول ما ساهم بلا أدنى شك في جذب التعاطف الشعبي كون معظم الشعوب العربية مهيأة اجتماعيا وإيديولوجيا للتجاوب مع هذه التيارات بسبب التنشئة الاجتماعية الإسلامية فضلا عن تفشي الاستبداد والمعاناة الاقتصادية من فقر وبطالة.
يقول الدكتور يحىي الجمل نائب رئيس الوزراء السابق، الدستور المعطل الذى تقوم اللجنة بتعديله فى التوقيت الحالى سيطيح ويحل كافة الأحزاب الإسلامية المتواجدة فى الشارع المصرى، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة والنور والبناء والتنمية وجميع الأحزاب الإسلامية فى مصر. وقال الجمل فى تصريحات ل"بوابة الوفد":"أن عددًا من إعضاء اللجنة التى تشرف على تعديل الدستور فى الوقت الحالى قاموا بزيارته فى منزله وأطلعوه على التعديلات والمقترحات بشأن الدستور المعطل وكان على رأسها ضرورة أن يتضمن الدستور إلغاء جميع الأحزاب الدينية وحل الأحزاب الحالية، مؤكدا على أن الدستور سيكون فيه نص واضح يتمثل فى ضرورة إلغاء الأحزاب ذات المرجعية الدينية وعدم إنشاء أى حزب على أساس دينى. وقال الجمل إن النظام السابق كان يعمل من أجل أمريكا وإسرائيل ولم يراعِ مصالح الوطن. من جانبه وافقه فى الرأى المستشار نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الإتحاد المصرى لحقوق الإنسان مؤكداً على أن الدستور الجديد لابد أن يتضمن هذا المبدأ الواضح بدون أى مواربة قائلا:" وضع نص واضح وصريح واجب وطنى بشأن عدم إنشاء أى أحزاب على أساس دينى". وأضاف جبرائيل فى تصريحات ل"بوابة الوفد":"رؤيتى للدستور الجديد هى ضرورة أن يتضمن 3 بنود وهى النص صراحة على أن مصر دولة مدنية وأيضا لا يجوز إنشاء أى أحزاب على أساس دينى بالإضافة إلى الإعلان عن إحترام الشرعية الدولية ومواثيقها". فى السياق ذاته قال طارق الخولى، القيادى بحركة 6 إبريل، أن الموجة الثالثة من ثورة يناير فى 30 يونيو لم تقوم من أجل أن يسيطر الأحزاب الدينية على المشهد السياسيى وبالتالى لابد من توافق بين القوى السياسية فى الدستور الجديد لمنع إنشاء أى أحزاب ذات مرجعية إسلامية أو دينية. وأضاف الخولى فى تصريحات ل"بوابة الوفد":"أناشد القوى السياسية بأن تتحرك نحو الوحدة بشأن ضرورة حل الأحزاب الإٍسلامية لأن هذه الأحزاب ذو المرجعية الدينة سرطان ولا بد من بتره حلها وأيضا الضغط من أجل دستور توافقى يعبر عن الشعب المصرى بكل أطيافة". وقال حافظ أبو سعدة الناشط الحقوقى إن 30 يونيه تمثل تصحيحاً لمسار ثورة يناير، مطالبا بضرورة القضاء على فكرة الإسلام السياسي ومحاكمة قادة الإخوان "الفشلة" لتورطهم في العنف والدمار، على حد قوله. وانتقد ابو سعدة فى تصريحات ل"بوابة الوفد":" إصرار الإخوان المسلمين على العودة لما قبل 30 يونيه، مطالبا إياهم بضرورة الكف عن ممارسة العنف الذي لن يجلب لهم سوى المتاعب والمشاكل وتفاقم الأمور ضدهم. واستطرد "الإخوان جعلوا من مصر دولة تابعة لتركيا وأقحموها في خصومات مع دول كانت صديقة لمصر". وأكد أبو سعدة أن الدستور الجديد ينبغي أن يتضمن لائحة للحقوق والحريات على داعيا لضرورة السعي لصياغة دستور جديد لمصر يكون معبرا عن كل القوى السياسية والأطياف المختلف، على النحو الذي يضمن حماية الحقوق جميعا من أية ممارسات وقوانين فوقية، كما يجب أن ينص على حقوق المرأة ومكتسباتها بحيث تكون متسقة مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية. فى السياق ذاته قال المستشار زكريا شلش، رئيس محكمة جنايات الجيزة:" أخطر ما لم يتضمنه الإعلان الدستورى الذى أصدره المستشار عدلى منصور هو عدم تضمنه لنص واضح لحل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التى كرثت للديكتاتورية بإسم الدين". وقال شلش فى تصريحات ل"بوابة الوفد":" لابد أن يتلاشى الدستور الجديد هذا الخطأ وأن نعود إلى نص المادة الخاصة بالأحزاب فى دستور 71 ليتم حل جميع الأحزاب التى إنشاءت عقب ثورة يناير". ويقول الدكتور شوقى السيد، أستاذ القانون الدستورى: "الكارثة التى نعيشها اليوم سببها قيام أحزاب سياسية على أساس دينى بشكل فاضح، وهو ما سمح لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وكل الأحزاب التى تعمل تحت لواء الدين فى القيام بتلك الانتهاكات، وهى سبب إثارة النزعة الطائفية، والترويع والتهديد وكل هذا مؤصل فى تاريخ الجماعات الإسلامية، وقد كشف عنه بوضوح وزير الداخلية عبدالرحمن عمر سنة 48، عندما وصف وعدد جرائم جماعة الإخوان التى ارتكبوها، وكيف انتكست الأوضاع فى البلاد عندما استغل الدين فى السياسة، وتصارعت جماعة الإخوان على الحكم وتركت العمل والدعوات الخيرية وتفرغت للأعمال السياسية. وأكد السيد أن قانون إنشاء الأحزاب السياسية قبل تلاعب الإخوان به يمنع إنشاء أحزاب على أساس دينى، وأن ما أثبته الواقع العملى لتحركات الأحزاب الدينية فى ممارستها السياسة أدى الى ثورة الشعب المصرى عليها بعد وانتهت إلى أعمال عنف نخسر منها شباب مصر الأبرياء. وشدد أستاذ القانون الدستورى على ضرورة وضع فى الدستور الجديد مبدأ يفصل بين السياسة والدين دون مراوغة أو مجاملة لأى فصيل سياسى، لأن مصلحة الوطن فوق الجميع لافتا إلى أن محكمة القضاء الإدارى سوف تنظر أوائل الشهر القادم، الدعوى القضائية التى أقيمت أمامها وطالبت بإصدار حكم قضائى بمنع الأحزاب ذات المرجعيات الدينية من العمل السياسى لمدة 20 عاما متصلة، وأن الدعوى تطالب بمنع جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة وأحزاب الوسط والسلام والبناء والتنمية وجبهة الإصلاح وحزب الفضيلة والحزب الإسلامى من العمل السياسى أو المشاركة فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية بهذا تكون فكرة إنشاء الأحزاب الإسلامية ستقابل بصدمة جديدة عقب سقوط رئيسهم محمد مرسى ليتم حلها وفق الدستور الجديد لتكون نهاية لبداية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بالإَضافة إلى إنهاء لفكرة الإنقسام التى من شأنه تقسيم المجتمع فى قطار الشريعة الإسلامية وأيضا من هم ليبراليون ويتم توصيفهم بأنهم لم يلتزموا بالشريعة الإسلامية.